أنهى رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي زيارته إلى واشنطن أمس، حيث وصل إلى العاصمة الأميركية وبحوزته الكثير من الطلبات العاجلة. وعاد إلى بغداد وبحوزته الكثير من التأكيدات الغامضة. وكان الرئيس الأميركي باراك أوباما قد تعهد بالمزيد من المساعدات الإنسانية والعسكرية، ولكن حتى تدخل تلك المساعدات حيز التنفيذ الفعلي، فلدى الولايات المتحدة مطالبات ببعض التغييرات من العبادي، كي تنفذ الولايات المتحدة قدرا من تلك التغييرات كذلك فيما يخص رسالتها وتوقعاتها. وتتوقف كل المساعدات الأميركية الإضافية على مدى تقدم العبادي في إدارة العراق، من قمع التوترات الطائفية، وضمان سلامة العرب السنة، وإضفاء الطابع المهني على الجيش العراقي متعدد الطوائف، والتقليل من نفوذ إيران والميليشيات الشيعية التي تدعمها. ويكافح العبادي فعليا على كل تلك الجبهات، ولكنه بالتأكيد أكثر موثوقية من سلفه، نوري المالكي. يضاف إلى هذا التهديد الذي يشكله تنظيم داعش، مما يعني أنه في حاجة حقيقية للدعم الأميركي وزيادة المساعدات العسكرية كمًّا ونوعًا والسماح للحكومة العراقية، إذا لزم الأمر، التي تضررت كثيرا من انخفاض أسعار النفط، ودفع المستحقات بالدفع الآجل. ولقد أحجم البيت الأبيض عن التصريح بنوعية المعدات المطروحة، كما يتعين على الولايات المتحدة أن تتوخى المزيد من الحيطة حول أسلحة الجيش العراقي التي قد تقع في أيدي تنظيم داعش. ولكن يمكن للولايات المتحدة التسريع من تسليم التجهيزات الضرورية مثل العربات المضادة للألغام، والصواريخ المضادة للدبابات، والدروع الواقية. في المقابل، وكإشارة على حسن النيات، ينبغي على العبادي وقادته العسكريين إطلاع الولايات المتحدة على كل التفاصيل المتعلقة بخطط استعادة مدينة الموصل وينبغي إشراك وحدات من العرب السنة من سكان نينوى، وبمجرد تحرير المدينة، ينبغي أن تكون الموصل تحت سيطرة حكومة محلية مكرسة لحماية المدنيين من أشكال الانتقام الشيعي التي وقعت عقب تحرير مدينة تكريت في وقت مبكر من هذا الشهر. وهناك وسائل أخرى، فيما وراء تلبية احتياجات العبادي الفورية من الأسلحة، يمكن للولايات المتحدة من خلالها تحسين مسارها في قتال تنظيم داعش في العراق، وإحداها هو التجهيز المباشر للأسلحة إلى قوات البيشمركة الكردية في إقليم كردستان العراق، والذين أثبتوا قدرا كبيرا من الموثوقية والفعالية في القتال ضد المتطرفين. وحتى هذه اللحظة، يجري شحن الأسلحة للقوات الكردية من خلال بغداد، بناء على طلب من حكومة المالكي. غير أن جزءا بسيطا من المعدات قد وصل بالفعل إلى الأكراد. وعلى ذات القدر من الأهمية، ينبغي للمدربين العسكريين الأميركيين (3 آلاف مستشار) القائمين على تدريب الجيش العراقي، مرافقة القوات العراقية في المعركة. وقد أدى رفض وزارة الدفاع الأميركية لذلك الأمر حتى الآن إلى إحداث فجوة في القيادة العراقية مما أدى إلى تقدم فيلق القدس الإيراني ليشغلها. إن الوجود الأميركي الكبير من خلال القوات الخاصة الأميركية في أدوار غير قتالية بالعراق على الخطوط الأمامية يؤدي إلى عرقلة النفوذ الإيراني هناك ويساعد على تشكيل قوة عسكرية عراقية قادرة وقوية. والهدف الأميركي، بطبيعة الحال، هو هزيمة تنظيم داعش. غير أن الولايات المتحدة لديها هدف أكبر كذلك، ألا وهو وجود دولة عراقية مستقرة تسمح بتدفق النفط في المنطقة، ولا توفر المأوى للجماعات الإرهابية، وتساعد في ضمان سلامة إسرائيل. ولتحقيق تلك الأهداف، يتحتم على العبادي والأكراد الانتصار في ميدان المعركة، وأنهم يستحقون كل الدعم الممكن والمعقول الذي تقدمه الولايات المتحدة إليهم.
مشاركة :