أكد سفير خادم الحرمين الشريفين لدى دولة الإمارات العربية المتحدة تركي الدخيل، أن العلاقات بين السعودية والإمارات تعود إلى ما قبل سبعينيات القرن الماضي، وأن «وقوف البلدين في وجه كل من يدعو الى الفوضى غير الخلاقة، أحد أهم مفاصلها». وقال الدخيل خلال ندوة جماهيرية نظمها مركز الامارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية بعنوان «العلاقات السعودية - الاماراتية في ضوء التحديات المشتركة»: «قبل أيام كانت ذكرى توقيع الاتفاقية الحدودية ما بين السعودية والامارات في 1974، ومن ذلك الوقت وحتى اليوم من الممكن ان نقول ان هذا هو تاريخ العلاقات الموقعة، أما العلاقات في الحقيقة تعود الى ما قبل السبعينات».وأضاف: «في الستينات، أرسل الملك فيصل بن عبدالعزيز الى أمير الكويت رسالة يدعوه فيها الى أن تشكل السعودية والكويت مجلسا ثنائياً للتنسيق بين الاتحاد التساعي في ذلك الحين، والذي كان يدخل ضمنه بالاضافة الى الامارات السبع، دولتا البحرين وقطر، وكان الوفد السعودي - الكويتي يجوب الامارات التسع ويخوض اللقاءات تلو اللقاءات مع زعامات هذه الدول في وثائق مسجلة للوصول الى كيان الاتحاد الذي وصل في العام 1971 لاحقا بقيادة المغفور له الشيخ زايد آل نهيان».ولفت الدخيل إلى أنه في ما يتعلق بالعلاقات السعودية - الاماراتية «نستطيع القول إن العلاقات بدأت مستندة إلى أسس اجتماعية وسياسية مشتركة تدل عليها التفاهمات المباشرة والتي تعود للسنوات الاولى من فكرة الاتحاد وحتى تأسيس دولة الامارات المتحدة، وكما أشرنا أن هناك لجنة سعودية - كويتية مشكلة لمساعدة ما كان يسمى الاتحاد التساعي حتى قامت دولة الامارات المتحدة».وأضاف: «تبلور الاتفاق السياسي بين البلدين منذ الستينات وقوي بعدها ويمكن استعراض هذا التوافق بوضوح من خلال التنسيق في دعم حرب 1973 في انتصار العالم العربي بقيادة مصر أمام العدوان الاسرائيلي، وبعد ذلك دحر غزو صدام حسين لدولة الكويت في 1990 وحتى تحريرها في 1991 والموقف المشترك من احداث 2011 الذي دعم استقرار الدول ضد التنظيمات الفوضوية». وأشار الدخيل الى ان هذه الأحداث الثلاث «ليست الوحيدة، ولكن يمكن من خلالها تأريخ علاقة السعودية والامارات في أحداث مفصلية ساهمت في تحولات عربية رئيسية»، مشدداً على أهمية الوقوف في وجه التنظيمات الفوضوية التي تهدد استقرار الدولة، «سواء كان دعم هذه التنظيمات الفوضوية من تنظيمات أو من دول أو من أفراد، فكان وقوف أبوظبي والرياض في وجه كل من يدعو الى الفوضى غير الخلاقة، أحد أهم مفاصل العلاقات».وأضاف: «تكافح الدولتان الارهاب ضمن علاقات وثيقة في مقابل مشاريع تفتيت الدولة، وشاركت الامارات في عاصفة الحزم لدعم الشرعية في اليمن الشقيق ضمن تحالف عربي تقوده السعودية»، مشيراً إلى تتويج العلاقات الاقتصادية بإعلان مجلس التنسيق في 2016 لرعاية المصالح المشتركة، كما تواجه الدولتان التحديات الاقليمية الجديدة بتنسيق عالٍ ورؤية موحدة تدعم الاستقرار.وقال إن «أحد أهم مناحي العلاقات الثنائية بين البلدين هو مواجهة الاسلام السياسي ومكافحة التطرف، وعندما نتحدث عن الاسلام السياسي يجب ان نؤكد على ما يتم التلبيس به على بعضنا عندما يقول (الاسلامويون) وهم من يتخذون من الاسلام وسيلة لبلوغ اهدافهم، ان الاسلام يحوي جانباً سياسياً بطبيعة الحال، لكن الحقيقة ان استخدام الاسلام للوصول الى (مطايا) سياسية هو الاشكالية وهو ما نقصده عندما نتحدث عن الاسلام السياسي».وأشار الدخيل الى أن «الجماعات الاسلاموية حاولت ومعها داعموها، وضمن داعميها دول في طبيعة الحال، الاستفادة من احداث العام 2011 والحقيقة أن هناك من استغلها لصناعة تنظيمات فوضوية وخلق مساحات للحركة، فقام محور صناعة الفوضى (الاسلامويون) باستثمار التخريب في الدول العربية».وأضاف: «كان لا بد من وقوف أطراف أخرى لتأكيد صلابة الدولة، لأنه في أحداث 2011 وما يتم الترويج له من أن الهدف منه مناصرة الحريات لم تكن هذه القصة الحقيقية بل القصة الحقيقية كانت هي خلق الفوضى والبناء على ما تبقى من هشيم الدولة، ويقوم على هياكلها تنظيمات فوضوية ولاءاتها عابرة للحدود، هنا تكمن المشكلة، لذلك كانت وقفة الرياض وأبوظبي قوية لمصلحة دعم الدولة العربية، وكلنا يعرف مدى أهمية الدولة العربية المركزية سواء في بغداد او دمشق او القاهرة...».ولفت الدخيل الى أن «التحالف نجح في كسر عصا الفوضى ومساعدة الدول الشقيقة على ترسيخ الاستقرار، كما في الحالة المصرية بعد ثورة 30 يوليو 2013 وغيرها، وفي 2014 كان العالم على موعد جديد مع داعش، النسخة الجديدة التي تزعم انها خلافة المسلمين، وامام هذا النتوء في جسد الدولة العربية كان يجب ان تكون هكذا وقفة أمام تشكل يمكن أن يشوّه ثقافة الانسان العربي أو المسلم وقيمه وديانته في طبيعة الحال».وختم الدخيل، مستشهداً بوصية للشيخ زايد الذي «كان في آخر أيام حياته يوصي ابناءه بتوثيق العلاقات مع السعودية معتبراً انها العمق الاستراتيجي للامارات».
مشاركة :