عقب مقالي الذي كان بعنوان: «السودان من عهد طهراجة للبشير»، فوجئت بتلقي رسائل معاتبة، وأخرى مرحبة عبر بريدي من أشقاء سودانيين، ولا أعرف سببًا لذلك العتاب الذي أبداه البعض، فأنا لم أتناول في مقالي ذاك ما يسيء للسودان وأهله الذين أحمل لهم كل الود والاحترام، وإن ما أوردته ما هو إلا شواهد يثبتها التاريخ، مدركًا بأن لكل نظام محب وكاره، ويكفيني في ذلك رسالة الثناء التي تلقيتها من الدكتور صالح سوار الذهب، والتي أوجز فيها الموقف بكلماته هذه: «والله إن ما أصابنا في السودان بلاء عظيم»، وإن كنت سأعترض، فإنني لا أعترض إلا على الوصف الذي أطلقه الرئيس البشير على المناهضين لحكمه والمعترضين على زيادة أسعار البنزين والغاز حينما وصفهم بأنهم «شذاذ آفاق»، وأعترض كذلك على إيقاف وسائل إعلام سودانية مرموقة (الأيام) و(السوداني) ومنعت السلطات الأمنية طاقمها التحريري من نشر أي معلومات غير التي تصدر عن السلطات الحكومية، ونزع المواد الخاصة بالتظاهرات في وقت متأخر من الليل!. ويبدو أن الأخوة الأشقاء الذين تحامل بعضهم عليَّ شخصيًا لم يقرأوا المقال جيدًا، فانفصال الجنوب ليس فرية، كما هي مذكرة المحكمة الجنائية الدولية ليست إفكًا، مشددًا على أن علاقة السودان في ظل النظام الحالي مع أشقائه العرب ليست على المستوى المطلوب، وهو أمر ساهم في انهيار الاقتصاد السوداني، كما أضعف من قوة موقف السودان التفاوضي مع زعماء الجنوب، وكانت النتيجة الانفصال، فالبشير لم يستطع أن ينجح في إبقاء الجنوب تحت سيطرته كما فعل أسلافه، فحينما كانت حركة «إنيانا» - سم الثعبان- في أوج قوتها بقيادة جوزيف لاغو، وتحظى بدعم من أوغندا، تطالب بالاستقلال عن الشمال، قام الرئيس نميري عام 1983 بتقسيم الجنوب إلى 3 ولايات تلبية لرغبة بعض الجنوبيين وخاصة «لاغو» الذي كان يخشى من سيطرة قبيلة (الدينكا) على مقاليد الأمور في الجنوب، فاستماله هو والخصوم الآخرين بهذا التقسيم وعينه نائبًا للرئيس، فأطفأ نار المطالبة بالانفصال باحتوائه للموقف، ألا يوجد فرق أيها المعاتبين بين من يسعى لتوحيد السودان وبين من يُفرِّط في أغلى جزء منه يقوم عليه اقتصاد البلاد ورفاهية العباد؟! halharby@yahoo.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (24) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain
مشاركة :