رأى الكاتب الأمريكي أندرو جيه باسيفيتش أن الولايات المتحدة اليوم تعيش حالة من الارتباك الواضح والانقسام العميق.وفي مقال بصحيفة (بوسطن جلوب)، عاد باسيفيتش بالأذهان خمسين عاما إلى الوراء، عندما أعرب الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون عن قلقه من أن تصبح الولايات المتحدة ذات يوم "عملاقا مثيرا للشفقة لا حول له ولا طَول".وقال الكاتب إن مواطنين أمريكيين كثيرين باتوا مذهولين إزاء انهيارِ مجدٍ حسبوا أن بلادهم وقفت عليه ذات يوم مع نهاية الحرب الباردة... وتحت وطأة هذا الذهول صوّت كثيرون عام 2016 لصالح دونالد ترامب (الذي وعدهم بإعادة هذا المجد)؛ وفي عام 2020 قد يصوتون له مرة أخرى.ورأى باسيفيتش أن الحملات الانتخابية الرئاسية تمثل فرصة لمجابهة هذا النسق الفاشل والمحبط الذي ساد في أمريكا فترة ما بعد الحرب الباردة. ورجح الكاتب الأمريكي أن أي مرشح في تلك الحملة سيقدّم بديلا معقولا لليبرالية الجديدة، والنزعة العسكرية الجديدة، والإمبريالية الجديدة، سيجد آذانا صاغية من جماهير الناخبين.وأكد باسيفيتش أن تقديم هذا البديل لن يكون سهلا، وأن طريقه لن يخلو من عقبات، لا سيما من مؤسسة السياسة الخارجية التي ستقاوم بشراسة أي محاولات للحدّ من نفوذها. لكن التغيير حتمي، قائلا "أما الأمر المؤكد على كل حال، هو أن لحظة العالم أحادي القطب، إن كانت قد وُجدت بالأساس، قد انتهت".وتوقع الكاتب أن يكون النظام العالمي في القرن الحادي والعشرين معقدا لا سبيل فيه لهيمنة أي دولة مهما كانت: الصين أو حتى الولايات المتحدة ... لقد باتت "الهيمنة العالمية محض سراب".وبالمثل، رأى باسيفيتش أن الهيمنة العسكرية ربما غير قابلة للتحقق أما تكاليفها فمن المؤكد أنها لا تُحتمل .. مشيرا إلى أن إصرار وزارة الدفاع (البنتاجون) منذ زمن الحرب الباردة على "استظهار القوة" قد كبّد الولايات المتحدة الغالي والنفيس من الدماء والأموال فيما لم يثمر إلا في القليل النادر.وقال الكاتب إن تجربتَي الولايات المتحدة في العراق وأفغانستان، على سبيل المثال لا الحصر، قد أثمرتا درسًا لا يُنسى مفاده أن القوة العسكرية تكون أكثر جدوى في حالة الدفاع والردع منها في حالة السعي لتغيير نظام أو بناء أمة.وخلص صاحب المقال إلى أن الجيولوجيا السياسية، التي مدارها التنافس على الهيمنة بين الأمم، مصيرها التقهقر أمام سياسات جديدة مدارها التعاون لمواجهة التهديدات المشتركة. ورأى الكاتب أن على الولايات المتحدة أن تعدّل توجهاتها إزاء العالم طبقا لتلك السياسات الجديدة من أجل التكيف وإلهام قوى عالمية أخرى بأن تحذو حذوها.وقال باسيفيتش إن على سياسة الولايات المتحدة، في ظل هذا النهج البديل، أن تتخذ الحوار منهجا، على أن تظل القوة ملجأ أخيرا، وأن تتوقف في المقابل عن التباهي بالتلويح باللجوء للعنف.
مشاركة :