تُعد مكتبة الحرم المكي الشريف التابعة للرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي، من أهم المكتبات في العالم الإسلامي وأعرقها؛ فهي تقع في أقدس بقعة وأشرف مكان، مهبط الوحي ومهوى أفئدة المسلمين أجمع. ويعود تاريخ إنشائها -وفق ما أوردته المصادر التاريخية- إلى القرن الثاني الهجري في عهد الخليفة العباسي محمد المهدي حوالى عام (١٦١هـ)، ومنذ بداية العهد السعودي الزاهر اهتم المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -رحمه الله- بهذه المكتبة، وكوّن لجنة من العلماء لدراسة أحوالها، وأطلق عليها عام ١٣٥٧هـ مكتبة الحرم المكي الشريف، وأهدى إليها -يرحمه الله- مجموعةً من الكتب، وقد حظيت برعاية وعناية الدولة أعزها الله منذ ذلك الوقت حتى يومنا هذا. وكانت نواة مكتبة الحرم المكي إحدى قباب الحرم التي خُصصت في ذلك الوقت لحفظ المصاحف التي ترد إلى الحرم المكي، وبمرور الأيام نمت مجموعاتها حتى انتقلت إلى خارج الحرم؛ وتعد المرة الأولى التي تنقل فيها إلى خارج الحرم عام 1375هـ، وكانت تابعة لوزارة الحج (وزارة الحج والعمرة حاليًا) حتى عام 1385هـ، بعدها انضمت إلى الرئاسة العامة للإشراف الديني بالمسجد الحرام حتى تَغَيّر اسمها إلى الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي، وأصبحت مكتبة عامة تقدم خدماتها لطلاب وطالبات العلم وزوار البيت العتيق تحت مظلة الإدارة العامة للشؤون العلمية والفكرية حديثًا. وتضم المكتبة إحدى عشر قسمًا مختلفة، وقاعتي اطلاع تقدم خدماتها للمطالعين وطلبة العلم والزوار، وهي على النحو الآتي: قاعة الشيخ ناصر الراشد للاطلاع والقراءة؛ حيث تقوم هذه القاعة بإثراء المكتبة من خلال تبادل مصادر المعلومات مع الأفراد والمؤسسات العلمية بأحدث الوسائل التقنية حيث تحتوي على أكثر من 200 ألف كتاب ومجلد عربي. وتضم قاعة الشيخ سليمان عبيد للدوريات والمجلات، ما يقارب (14899) مجلة علمية قديمة وحديثة، وما يقارب (714) عنوانًا.. وقسم المخطوطات، ويختص هذا القسم باحتضان نوادر المخطوطات الأصلية البالغ عددها (7525)، وأكثر من 900 ألف مخطوط رقمي.. وقسم المكتبات الخاصة ويضم مجموعات المصادر المعلوماتية النادرة والحديثة من المكتبات الوقفية محتويًا على أكثر من (46) مكتبة خاصة، وقسم الصحف ويحتوي على الصحف القديمة محتويًا على (4443) مجلدًا وصحيفة. ويُعد قسم التزويد، البوابةَ الأساسية للمكتبة التي من خلالها توفر كل ما تحتاجه المكتبة، والمستفيد من مصادر المعلومات الحديثة وقسم التجليد والتعقيم والترميم، ويقوم هذا القسم بمعالجة الكتب التالفة وإعادة تجليدها، كما يقوم بترميم وتعقيم المخطوطات والكتب المتهالكة والقديمة، وقسم الإهداء والتبادل، ويقوم هذا القسم بإثراء المكتبة من خلال تبادل مصادر المعلومات مع الأفراد والمؤسسات العلمية، وقسم الفهرسة والتصنيف، ويعتبر هذا القسم مفتاحًا لتسهيل عملية الحصول على المصادر المعلوماتية تلبيةً لخدمات المستفيدين. ويقوم قسم التصوير، بالاهتمام بتصوير المخطوطات والكتب النادرة ومعالجتها رقميًّا لحفظها من التلف عن طريق الأجهزة الرقمية وأجهزة الميكروفيلم، وقسم البرامج العلمية ويركز هذا القسم على البرامج والأنشطة العلمية للمكتبة، وقسم المكتبة الإلكترونية والذي يلبي كافة احتياجات الزائر والباحث من خلال مصادر معلوماتية إلكترونية في الداخل والخارج، وقسم الكتب النادرة والذي يهتم بنوادر الكتب التاريخية وإدارة القسم النسائي. ويعنى القسم النسائي بمكتبة الحرم المكي الشريف بخدمة الزائرات، ويقدم الخدمة المكتبية لهن مع كامل الاستفادة من برامجها، وتجاوز فيه عدد المستفيدات أكثر من (23047) مستفيدة. من جهته بيّن مدير عام الإدارة العامة للشؤون العلمية والفكرية المكلف ومدير إدارة مكتبة الحرم المكي الشريف الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشهري، أن المكتبة تميزت خلال هذا العام، باستقطاب أعداد كبيرة من الزوار وطلبة العلم المهتمين بهذا الإرث العلمي والتاريخي الأصيل والرصين، منذ انتقالها للمبنى الجديد بحي بطحاء قريش، والذي يتسع لأكثر من (500) زائر في الساعة؛ حيث نفّذت أكثر من (15) برنامجًا ومبادرة، فيما بلغت إحصائيات المخطوطات الأصلية والمصورة رقميًّا التي على الميكروفيلم والرقمية وغير العربية بالإضافة لفهارس المخطوطات العربية والإسلامية، ما يقارب (48.787) مخطوطة، وبلغت إحصائية الكتب النادرة العربية ما يقارب (7079) كتابًا نادرًا، وبلغت إحصائية عدد الرسائل الجامعية أكثر من (1668) رسالة جامعية داخل المملكة وخارجها. وأفاد "الشعري" بأن عدد موظفي المكتبة خلال هذا العام بلغ (88) موظفًا رسميًّا، و(19) متعاقدًا، مهتمين بخدمة الزائر للمكتبة، ومزودين بمختلف الوسائل التطويرية والخدمية عالية التقنية والجودة في مختلف مجالاتها؛ مرحّبًا بالرواد والمهتمين والمهتمات من طلاب وطالبات العلم وضيوف الرحمن، لزيارة المكتبة الغنية بكنوز المعرفة، والتعرف والاطلاع على هذا الإرث التاريخي والرصين؛ لافتًا إلى أن ساعات العمل من الساعة الثامنة صباحًا حتى الساعة الثامنة مساءً؛ عدا يومي الجمعة والسبت؛ باستثناء موسم الحج.
مشاركة :