وجهة نظر: يجب أخذ تهديدات تركيا في سوريا على محمل الجد

  • 8/9/2019
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

المؤشرات الحالية تشير إلى أن تركيا تعد العدة لتوغل عسكري في سوريا قريبا. لكن ذلك قد تكون له تبعات مدمرة، كما يعتقد المحرر المختص بشؤون الشرق الأوسط في صحيفة فرانكفورتر ألغماينة تسايتونغ، راينر هيرمان، في تعليقه التالي. تركيا ليست من الدول التي تجعل تهديداتها تمر دون أن تتبعها أفعال. لحد الآن نفذت تركيا مرتين تهديداتها الخاصة بالتوغل العسكري داخل الأراضي السورية: المرة الأولى كانت عملية  "درع الفرات" التي انطلقت في آب/أغسطس 2016 واستمرت حتى آذار/مارس 2017. والمرة الثانية كانت عملية "غصن الزيتون" التي انطلقت في الربع الأول من عام 2018. ومنذ ذلك الوقت تسيطر تركيا على ما مجموعه 2% من الأراضي السورية. ووسط نشوة هذا الانتصار تريد تركيا عبر عملية توغل ثالثة توسيع سيطرتها على كامل أراضي شمال شرق سوريا. ويمكن للعملية العسكرية شرق نهر الفرات أن تبدأ بعد نهاية عيد الأضحى الذي يبدأ يوم الأحد المقبل. فكل الاستعدادات العسكرية لذلك على طول الحدود التركية السورية قد انتهت، كما تبدو الظروف مؤاتية لتنفيذ مثل هذه العملية. لا أحد يمنع تركيا على المستوى الدولي لا توجد قوة تستطيع أن تمنع تركيا من تنفيذ تهديداتها. وعندما هدد الرئيس الأمريكي ترامب مطلع العام الجاري بتدمير الاقتصاد التركي، تراجع أدروغان قليلا من مواقفه. أما الآن، فالحكومة الأمريكية لا تتحدث حتى عن التهديدات التي أطلقتها بفرض عقوبات على تركيا بسبب صفقة الصواريخ الروسية أس 400. ويبدو أن أردوغان قد استخدم أوراقه بشكل جيد: فهو يهدد بقوة بالتوغل في سوريا ويرفع بذلك الضغط على واشنطن بشكل يدفعها إلى التجاوب مع أنقرة على أمل تجنب تصعيد في المنطقة. إلى ذلك تبدو الظروف الداخلية في تركيا مناسبة. فبعد خسارة الانتخابات البلدية الأخيرة، يحتاج أردوغان إلى موضوع يوحد به الأمة ويحشدها خلف سياسته، والموضوع المؤكد يتمثل في الأزمة مع الأكراد. فمنذ أن نفذت الدولة التركية عملية اغتيال لكادر كردي من حزب العمال الكردستاني المعارض في 27 حزيران/يونيو والتي رد عليها حزب العمال بعملية انتقامية تمثلت باغتيال دبلوماسي تركي في شمال العراق في 21 تموز/يوليو، اشتعلت من جديد نيران الأزمة الكردية في تركيا. أضف إلى ذلك، اتساع رقعة الاستياء في تركيا من اللاجئين السوريين، ما يمكن لأردوغان أن يبرر حملته العسكرية داخليا بالسعي لتوفير مكان آمن لترحيل اللاجئين السوريين من تركيا إلى شمال شرق سوريا. لذلك تبدو مبررات وظروف عملية عسكرية تركية ثالثة في سوريا بالنسبة لأنقرة مناسبة. لكن عملية من هذا النوع قد تتسبب في ظهور سيناريوهات مدمرة ذاتيا. ففي واحد منها ستقف القوات التركية وجها لوجه أمام القوات الأمريكية الداعمة للأكراد. وإذا تجنب الأمريكيون الوقوف إلى جانب الأكراد، فسيظهر السيناريو الثاني على الوجود والذي يتمثل في دعوة الأكراد لنظام الأسد لمساعدتهم في مواجهة الهجوم التركي، ما يعني تمكين نظام الأسد من استعادة السيطرة على مناطق سورية كان قد فقد السيطرة عليها منذ سنوات. وكنتيجة لذلك ستتخلى واشنطن عن قواعدها في شمال شرق سوريا، عندها سيكون نظام الأسد هو الموجود على الجانب الآخر من الحدود مع تركيا. في هذه الأثناء سيستغل تنظيم داعش الفراغ العسكري والأمني ليعود إلى الظهور من جديد. راينر هيرمان المحرر السياسي في صحيفة فرانكفورتر ألغماينة تسايتونغ مواقف متضاربة الاستراتيجيون في أنقرة على درجة كافية من الذكاء لقراءة هذه السيناريوهات وأخذها في الاعتبار. لذلك يأملون في ممارسة اقصى الضغوط التركية على الجانب الأمريكي لدفعها إلى قبول منطقة آمنة فاصلة بعمق واسع. في هذه المنطقة لا يريد الاتراك أن يكون للأكراد وجود عسكري فيها. لكن أكراد سوريا اعلنوا بشكل واضح بأنه لن يخضعوا لإرادة أنقرة ولن يتخلوا عن أهم الانجازات التي حققوها في المنطقة والمتمثلة في الإدارة الذاتية لها. وبذلك تكون المواقف متضاربة. وفي العام الثامن للحرب السورية تجد المنطقة نفسها أمام جولة عنف جديدة. فالتاريخ يشير بشكل جلي أن تهديدات تركيا يجب أن تؤخذ على محمل الجد. راينر هيرمان

مشاركة :