سي إن إن: أزمة تركيا الاقتصادية تحول السوريين لكبش فداء

  • 8/10/2019
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

تشن السلطات التركية في إسطنبول حملات قمع ضد اللاجئين السوريين، حيث قال عامل نسيج سوري يدعى بهاء، ويبلغ من العمر 33 عاماً، إنه يتعمد أن يشق طريقه إلى ورشة عمل في ضواحي إسطنبول في الصباح الباكر يومياً لتحاشي الركاب الآخرين ووسائل النقل العام، وفق ما نشره موقع شبكة "سي إن إن" الإخبارية الأميركية. وقال بهاء، الذي طلب ذكر اسمه الأول فقط: "لقد اعتدت ركوب الحافلة، لكنني الآن أذهب إلى عملي عبر الأزقة الجانبية"، مشيراً إلى أنه يعيش في حالة خوف منذ بدأت السلطات التركية في ترحيل اللاجئين، الذين لم يتم تسجيلهم للعيش في إسطنبول. ولم يتغير الكثير، من الناحية النظرية، بالنسبة لأكثر من 3.6 مليون سوري في تركيا. فما زالوا مؤهلين للحصول على "حماية مؤقتة"، وإن كان ذلك لا يمنحهم النطاق الكامل للحقوق المنصوص عليها في الاتفاقيات الدولية الخاصة باللاجئين. لكن في إسطنبول، يواجه اللاجئون حالياً ضوابط أكثر صرامة، حيث يجب على السوريين الذين تم تسجيلهم للحماية المؤقتة خارج إسطنبول مغادرة المدينة بحلول 20 آب/أغسطس، والعودة إلى المقاطعة، التي تم تسجيلهم فيها. أما أولئك، الذين لا يحملون أوراق عمل فلا يزالون مؤهلين للحصول على الحماية المؤقتة، لكن عليهم مغادرة إسطنبول، والتسجيل في مقاطعة تركية أخرى. وقد نقل هذا الإعلان رسالة مخيفة للسوريين مثل بهاء، الذي من المحتمل أن يفقد وظيفته ذات الراتب المتدني في ورشة نسيج، حيث سيتعيّن عليه السفر إلى مدينة أخرى للحصول على التسجيل. لكن كما يقول الشاب السوري إن هذا الوضع أفضل من الوقوع في قبضة الشرطة، وإعادته إلى بلاده، مشدداً على أنه إذا عاد إلى سوريا، فـ"سيفقد كل شيء ويموت". وتنفي أنقرة نفياً قاطعاً وجود سياسة لترحيل السوريين. وتقول الحكومة إنها ستسهل "العودة الطوعية". لكن بعض الذين تم إعادتهم بالفعل إلى سوريا، يقولون إنهم أُرغموا على توقيع أوراق "العودة الطوعية". السجن أو الترحيل وأمسك خفر السواحل التركي، عمرو دعبول، أثناء محاولته السفر إلى اليونان على متن قارب، وتم اقتياده في النهاية إلى إحدى مقار الاحتجاز. وقال دعبول: "كان هناك العديد من السوريين في السجن، قضى بعضهم شهراً كاملاً لأنهم يرفضون وضع بصماتهم على الأوراق، لكنهم استسلموا في النهاية، وكذلك فعلت أنا. كان أمامي خياران، الأول هو أن أكون في السجن لفترة طويلة للغاية، والثاني هو الترحيل، واخترت أن يتم ترحيلي". وقام دعبول بالتسلل مجدداً إلى تركيا، وينتظر اللحظة التي يتمكن فيها من محاولة العبور إلى اليونان مرة أخرى. وقال: "سأستمر في المحاولة حتى أذهب إلى هناك، لا توجد طريقة لأعيش في سوريا أو تركيا، هذا هو هدفي... لن أتوقف حتى أقوم بذلك". وتصر أنقرة على أنها تطبق اللوائح الحالية، وتحارب الهجرة غير الشرعية وتحاول التعامل مع أكبر عدد من اللاجئين يتواجد في أي بلد في العالم. كذلك تواصل تسجيل السوريين خارج إسطنبول وتمنحهم بعض فرص الوصول إلى الرعاية الصحية، والتعليم في المحافظات الأخرى. لكن الاستياء تجاه السوريين قد تزايد في جميع المجالات بالبلاد. ورطة الاقتصاد ويقول الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إن الحكومة أنفقت أكثر من 37 مليار دولار على استضافة اللاجئين السوريين. ويعاني دافعو الضرائب الأتراك من أحوال معيشية صعبة خلال فترة الركود الاقتصادي. كما يشتكي الأتراك من ارتفاع تكاليف المعيشة ومعدلات البطالة، وأصبح السوريون كبش فداء سهل لمشاكلهم الاقتصادية. وتعج وسائل التواصل الاجتماعي التركية بمزاعم لا أساس لها من الصحة، حيث يشير البعض إلى أن السوريين لديهم أولوية على الأتراك في المستشفيات العامة، وأنهم يتلقون معاشات حكومية. وحاولت الحكومة والمنظمات غير الحكومية دحض هذه الادعاءات بحملات توعية عامة، إلا أن المشاعر المعادية للسوريين ما زالت قائمة. خسارة الانتخابات ويعيش أكثر من نصف مليون سوري في إسطنبول، التي تعد المحطة الأولى لحملات السلطات الحكومية الجديدة. وانتخبت المدينة للتو عمدة جديداً، وهو أحد أعضاء الوسط من المعارضة الرئيسية، في ضربة لحزب العدالة والتنمية الحاكم في البلاد. وفي حين أن العمدة لا يملك سلطة إنفاذ بشأن قضية اللاجئين، غير أن حملته الانتخابية حققت مكاسب بسبب حالة عدم الرضا الشعبي. وفي استطلاع حديث للرأي، انخفض عدد المواطنين الأتراك، الذين يعيشون في نفس المدينة مع السوريين، من 72% في عام 2016 إلى 40% في عام 2019. وضخت حملة العمدة الجديد رسالة تفيد بأن الحزب الحاكم أساء إدارة شؤون اللاجئين السوريين كما أن السياسات الحالية فشلت في حل مشاكل الأتراك والسوريين على حد سواء. "ترحيب ضعيف" ويكمن الواقع في قدرة السوريين على البقاء في تركيا على المدى الطويل. لكن لا يزال هناك القليل من التخطيط ليمكنهم الاندماج في المجتمع التركي. ويشكل السوريون 81% من السكان في بلدة كيليس الحدودية، وقد ولد 434 ألف طفل سوري في جميع أنحاء تركيا على مدار السنوات الثماني الماضية، وفقاً للإحصاءات الحكومية. ولكن أصبح ترحيب الأتراك بالسوريين كـ"ضيوف" ضعيفاً. الاستقطاب في تركيا وتعاني تركيا من الاستقطاب، فعندما أعلنت الحكومة لأول مرة عن اللاجئين في إسطنبول يوم 22 حزيران/يونيو، نظمت بعض المنظمات غير الحكومية التركية مظاهرات تضامناً مع السوريين. لكن في الوقت نفسه، انتشر وسم يقول: "لا نريد السوريين" على تويتر التركي. وربما تكون التوترات الأخيرة في إسطنبول نقطة انطلاق لمزيد من المشاكل في المستقبل. فبغض النظر عن التطورات في سوريا، من غير الواقعي تخيل أن جميع السوريين البالغ عددهم 3.6 مليون سيعودون إلى أوطانهم. ولطالما أعربت أنقرة عن أملها في إنشاء مناطق آمنة على طول الحدود، حيث يمكن للسوريين العودة إليها. وإلى أن تتوصل تركيا إلى خطة شاملة ومبنية على أساس فكرة أن السوريين يعتبرون الآن جزءاً من المجتمع التركي، وسيظلون جزءاً منه، سيظل الوضع غير مستقر.

مشاركة :