لليوم الثاني على التوالي، غصت باحات الوصول في مطار هونغ كونغ بالمتظاهرين الذين يرتدون اللون الأسود، وهو اللون الرمزي للحركة الداعمة للديمقراطية التي تهز المستعمرة البريطانية السابقة التي عادت إلى الصين في 1997، ما أدّى إلى إلغاء جميع الرحلات المغادرة من المدينة. أدخلت التظاهرات التي تزداد عنفاً، هونغ كونغ الخاضعة لحكم الصين، في أسوأ أزماتها منذ عقود، ما يمثل أحد أكبر التحديات أمام الرئيس الصيني شي جين بينغ منذ توليه السلطة عام 2012. وفي خطوة غير مسبوقة أدت إلى منع مئات الرحلات الجوية من مغادرة ثامن أكبر مطار في العالم، ألغت إدارة مطار هونغ كونغ، أمس، كل الرحلات المغادرة بعد أن أغلق آلاف المحتجين المؤيدين للديمقراطية المطار لليوم الثاني على التوالي. وارتدى آلاف المتظاهرين اللون الأسود، الذي بات رمزاً لحركة الاحتجاج التي انطلقت لمعارضة مشروع قانون يسمح بتسليم المطلوبين إلى الصين القارية، لكنها تحوّلت إلى حركة مطالبة بمزيد من الحريات الديمقراطية. وهتف المتظاهرون "قفوا مع هونغ كونغ، دافعوا عن الحرية"، بينما كان الركاب يحاولون الالتحاق برحلاتهم التي تم تغيير أو إرجاء مواعيدها. وشوهد الالاف من المتظاهرين مجدداً في مكان آخر بالمطار، وهم يجلسون في صالات الوصول، حيث يقوم البعض بتوزيع منشورات على الزائرين تظهر عنف الشرطة تجاه المتظاهرين. وأمس الأول، دخلت حشود من المتظاهرين، بلغ عددهم نحو 5 آلاف شخص باحة الوصول في المطار، في قرار نادر استمرت مفاعيله حتى أمس. وجاء في بيان نُشر على موقع المطار الإلكتروني "العمليات في مطار هونغ كونغ الدولي تعطّلت بشكل كبير، تمّ إلغاء كل الرحلات المغادرة". وكانت هيئة المطار أوقفت جميع الرحلات من وإلى المطار أمس الأول، وأعلنت شركة "كاثاي باسيفيك"، وهي شركة الطيران الوطنية في هونغ كونغ، أمس، أنها علقت جميع إجراءات تسجيل المسافرين. ومطار هونغ كونغ يمر منه 73 مليون مسافر سنويا. دعم الشرطة في المقابل، أعادت الرئيسة التنفيذية لهونغ كونغ، كاري لام، تأكيدها على دعم الشرطة. وقالت للصحافيين، أمس، إن الشرطة "مرت بوقت عصيب في الشهرين الماضيين من أجل إنفاذ القانون"، حيث تسببت المظاهرات المناهضة للحكومة في تعطيل حركة المرور بشكل مستمر، وامتدت إلى المناطق السكنية في الأسابيع العشرة الماضية. كما رفضت لام تحمل المسؤولية عن عنف الشرطة الذي تسبب في إغضاب جماعات حقوق الإنسان والكثير من عامة الشعب، معتبرة أن عنف المحتجين دفع هونغ كونغ نحو "حالة من الفزع والفوضى". الأمم المتحدة وفي جنيف، دانت، أمس، المفوضة السامية للامم المتحدة لحقوق الإنسان المتحدة ميشيل باشليه "كل اشكال العنف"، ودعت سلطات هونغ كونغ "إلى تحقيق عاجل ومستقل وحيادي في التقارير عن استخدام الشرطة قوة مفرطة ضد المتظاهرين". وذكرت أن "الحق في حرية التعبير والتجمع السلمي، والحق في المشاركة في الشؤون العامة، معترف بها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وفي القانون الأساسي المعمول به في هونغ كونغ". قانون التسليم وفي واشنطن، كتبت رئيسة مجلس النواب، نانسي بيلوسي على "تويتر"، أمس الأول، "أحضّ كاري لام على مقابلة قادة المحتجين للاستماع والعمل على مظالمهم المشروعة، بما في ذلك سحب مشروع قانون تسليم المطلوبين، وإنهاء عنف الشرطة، ومنح حق الاقتراع العام". وأضافت: "من المثير للقلق أن نرى شرطة هونغ كونغ بدعم من بكين، تكثف استخدامها للقوة ضد المتظاهرين، وتصنّفهم على أنهم مجرمون ينتهجون العنف". لمّ الشمل وفي السياق، حذّر كريس باتن، آخر حاكم بريطاني لهونغ كونغ أمس، من أنه "إذا تدخلت الصين في المدينة فإن ذلك سيكون بمنزلة كارثة"، مضيفا أنه "يتعين على الرئيس الصيني شي جين بينغ إدراك الحكمة من وراء محاولة لمّ الشمل". وقال باتن إن "تهديد الصين باللجوء إلى طرق أخرى ما لم تتوقف الاحتجاجات في هونغ كونغ سيأتي بنتائج عكسية". وأضاف: "ستكون هذه كارثة للصين ولهونغ كونغ بالطبع. هناك حملة على المعارضة والمعارضين في كل مكان منذ تولى الرئيس شي السلطة. الحزب يسيطر على كل شيء". وقال باتن إنه ينبغي على رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون أن يطلب من مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون، الذي يزور لندن هذا الأسبوع، إقناع واشنطن بالتوافق في الرأي على أن تدخل الصين في هونغ كونغ سيكون "كارثة".
مشاركة :