تقارب مصري – روسي لتسريع العمل في محطة الضبعة النووية

  • 8/14/2019
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

تكثف الحكومة المصرية تحركاتها الإجرائية والفنية لبدء تشغيل محطة الضبعة النووية في التوقيت المحدد لها في العام 2026، وتستعد هيئة المحطات النووية، الشهر الجاري، للإعلان عن التحالفات المتنافسة على مناقصة حماية موقع المحطة الجديدة من المياه الجوفية، التي تعمل مع شركة “روساتوم” الروسية المنوط بها تنفيذ المشروع، كأول إجراء تنفيذي قبل وضع حجر أساس المحطة. ومن المتوقع أن يقوم الطرفان المصري والروسي بوضع حجر الأساس خلال الفترة المقبلة، بحسب ما أعلن نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، مطلع أغسطس الجاري، في وقت تشهد فيه العلاقة بين البلدين حراكا على مستويات اقتصادية وسياسية وثقافية وتعليمية عدة، على إثر إقرار مجلس النواب الروسي “الدوما” اتفاقية الشراكة الشاملة والتعاون الإستراتيجي بين البلدين، وتوقيع الرئيس فلاديمير بوتين عليها. وترسم المعاهدة مستقبل التعاون بين البلدين على مدار 10 سنوات، وتضمن إجراء زيارات متبادلة على مستوى رؤساء الدول، بشكل منتظم مرة واحدة على الأقل في العام بالتناوب بين موسكو والقاهرة، وعقد مشاورات “2 + 2” بين وزراء الخارجية والدفاع في البلدين، وتسهيل الاتصالات بين البرلمانين المصري والروسي. تنسيق سياسي وعسكريتعزز الاتفاقيةُ التي دخلت حيز التنفيذ بشكل رسمي التنسيقَ السياسي لمواجهة التحديات والتهديدات المحدقة بالسلم والأمن الدوليين والإقليميين، وتفتح الباب أمام تبادل المنفعة بين البلدين في مجالات التجارة والاقتصاد والاستثمار والطاقة والعلم والتقنيات والثقافة والتعليم والرياضة وغيرها من المجالات ذات الاهتمام المشترك. ويرى مراقبون أن هناك جملة من المصالح المشتركة من المتوقع أن تحرك وتيرة العمل داخل محطة الضبعة النووية، على رأسها التعويل الروسي على مصر، باعتبارها رئيسا للدورة الحالية للاتحاد الأفريقي، في إنجاح قمة “روسيا- أفريقيا”، التي تستضيفها موسكو في أكتوبر المقبل، وهي القمة التي تخطط عبرها موسكو لزيادة نفوذها الاقتصادي والسياسي في القارة السمراء. في المقابل، تبدو القاهرة بحاجة إلى حلحلة الجهود الاستثمارية الروسية، ما من شأنه تقديم الدعم لمصر في مشروع المنطقة الصناعية الروسية بمنطقة محور قناة السويس، وعودة السياحة المباشرة إلى شرم الشيخ، وهي ملفات ترتبط بالركود والنشاط بين البلدين. وقال نبيل رشوان، المحلل السياسي المتخصص في الشأن الروسي، لـ”العرب” إن” القاهرة تسعى لتوظيف اتفاقية الشراكة والتعاون الإستراتيجي للحصول على مكاسب على علاقة بتجهيز الأيدي العاملة بمشروع الضبعة والتدريب على استخدام السلاح الروسي الذي توجهت إليه خلال السنوات الأربع الماضية، ويبرهن توقيع اتفاقية لتوطين صناعة أنابيب المفاعلات النووية داخل أحد المصانع التابعة للجيش المصري على الثقة المتبادلة بين الطرفين”. وذهب متابعون إلى التأكيد على أن التقارب في المجال العسكري على وجه التحديد، أفسح المجال أمام المزيد من الاتفاقيات الثنائية على مستوى التبادل الثقافي والتعليمي، لكنه لم ينعكس اقتصاديا حتى الآن، وهو ما تحاول القاهرة دفعه بالشروع رسميًّا في بناء محطة الضبعة مطلع العام المقبل، بما ينعكس على باقي المشروعات الضخمة المتفق عليها والتي لم تشهد تقدما كبيرا حتى الآن. وأكد محمد منير مجاهد، نائب رئيس هيئة المحطات النووية المصرية سابقا، أن “العمل في الخطوات الإجرائية لمحطة الضبعة شهد رواجا مؤخرا مع الحصول على تراخيص الموقع وبدء الإنشاءات، وتقرير الأمان النووي، والاتفاق على تصنيع أنابيب المحطة، ليكون البدء بشكل فعلي في البناء مع بداية العام المقبل”. وتابع في تصريحات لـ”العرب”، أن القاهرة تركز في الوقت الحالي قبل بدء الإنشاء على مراجعة كافة اشتراطات الأمان النووي بالتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وبالتوازي مع ذلك انتهت بالفعل من البنية الرقابية النووية، بصدور قانون تنظيم الأنشطة النووية والإشعاعية ولائحته التنفيذية، مع نشاط تحركات الحكومة بتجهيز الكوادر المدربة للقيام بأعمال التقويم والتفتيش”. وبدا واضحا أن جهود القاهرة تركز على فرز الكوادر التي ستكون مهمتها العمل بالمحطة النووية بجانب الخبراء الروس، والتي تتطلب خبرات متنوعة من الجامعيين والفنيين، بجانب التوعية المجتمعية بأهمية المحطة بحثاً عن الدعم الشعبي للمشروع والتعريف به. تبادل الخبراتوقعت جامعة القاهرة جملة من اتفاقيات التعاون مع جمعية الصداقة الروسية -المصرية لتبادل الخبرات في المجالات الأكاديمية المختلفة، كما أعلنت دعم أنشطة وحدة الدراسات الروسية في كلية الآداب بجامعة القاهرة لإجراء البحوث المشتركة والتبادل الأكاديمي والطلابي، ومن المقرر أن يكون ذلك مع بدء العام الدراسي الجديد في شهر سبتمبر المقبل. واستطاعت القاهرة أن تضفي المزيد من الزخم على مشروعها النووي، بعد أن أنشأت مدرسة “الضبعة الفنية المتقدمة لتكنولوجيا الطاقة النووية”، بالقرب من مقر المحطة النووية (شمال غرب القاهرة). وبالرغم من أن المدرسة دخلت الخدمة رسمياً قبل عامين، فإن الاهتمام السياسي بالمشروع خلال الفترة الماضية انعكس على أعداد المتقدمين للمدرسة هذا العام. ونظمت وزارة التربية والتعليم اختبارات قبول للطلاب المتقدمين في المواد العلمية واختبارات الذكاء، وستتبعها اختبارات: رياضية، طبية، نفسية، لاختيار 75 طالباً من إجمالي 4100 تقدموا للاختبارات، وتستمر الدراسة فيها لمدة 5 سنوات يكون الطالب فيها مقيما بالمدرسة ومن المقرر تخريج أول دفعة في العام 2022، قبل أربع سنوات من تشغيل المفاعل. وأوضح محمد مجاهد، نائب وزير التربية والتعليم للتعليم الفني، أن عملية وضع المناهج بالمدرسة جرت من خلال شركة “روساتوم” المسؤولة عن بناء المفاعل، بمشاركة قطاع التعليم الفني بوزارة التربية والتعليم وهيئة المحطات النووية والطاقة الذرية، وأن هناك ثلاثة تخصصات هي: تكنولوجيا الميكانيكا، وتكنولوجيا الكهرباء، وتكنولوجيا الإلكترونيات، كلها مدعمة بدورات في مجال تكنولوجيا الطاقة النووية. وأضاف في تصريحات لـ”العرب”، أن “الطلاب الذين يحصلون على شهادتهم سوف يشاركون في عملية تركيب المفاعل التي ستبدأ في العام 2023، ليكونوا على رأس المرشحين للمشاركة بعدها في عملية التشغيل”. وسيحصل هؤلاء على دورات تدريبية داخل المفاعلات الروسية عقب نهاية الدراسة، وهو ما يدفع إلى الاهتمام باللغتين الإنكليزية والروسية. وكانت القاهرة وموسكو وقعتا مطلع عام 2015 مذكرة تفاهم تتضمن بناء محطة نووية بتكنولوجيا روسية تتكون من أربع وحدات، تبلغ طاقة كل منها 1200 ميغاوات، وتقع منطقة الضبعة التي تم اختيارها لبناء المفاعل النووي على شواطئ البحر المتوسط في محافظة مرسى مطروح، وحصلت مصر بموجب الاتفاق على قرض بقيمة 25 مليار دولار من روسيا لإنشاء المحطة.

مشاركة :