صحيفة المرصد-متابعات:أكدت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية أن صور الأطفال في سوريا, الذين يقتلون يوميا بسبب البراميل المتفجرة, التي يقصف بها نظام بشار الأسد منازل المدنيين, هو دليل واضح على تواطؤ إيران في إراقة الدم العربي. وأضافت المجلة في تقرير لها في 18 إبريل أن إيران تسعى بكل ما أوتيت من قوة لمنع سقوط نظام الأسد , عبر تزويده بالسلاح والعتاد والمال والرجال، لتحقيق عدة أهداف : أبرزها توفير ممر آمن لعبور السلاح إلى حزب الله اللبناني عبر سوريا، بالإضافة إلى تمتين النفوذ الإيراني في المنطقة، والوفاء بالجميل للرئيس السوري الراحل حافظ الأسد, الذي دعم إيران في حربها التي استمرت ثماني سنوات ضد العراق. وتابعت أن أن إيران تخشى أيضا أن يؤدي انهيار نظام الأسد لبروز تحالف من جماعات سنية معادية لإيران وللشيعة ولحزب الله. وأشارت المجلة إلى أن استمرار دعم لإيران لنظام الأسد قد يكبدها خسائر مادية وعسكرية فادحة, وأن المخرج الوحيد لها يتمثل في أخذها زمام المبادرة ووضع الأساس لعملية تفاوض جادة تؤدي إلى قيادة جديدة في سوريا. واستطردت " الشرط الأساسي لمثل هذا الحل يتمثل في ضرورة تخلي إيران عن الأسد, في مقابل اعتراف التحالف الإقليمي المؤيد للثوار بالمصالح الإيرانية في بلاد الشام". وأثار تسجيل مصور وشهادات على هجوم بغاز الكلور استهدف في مارس الماضي مدنيين في بلدة سرمين بريف إدلب بشمال غرب سوريا تأثرا بالغا أثناء اجتماع بمجلس الأمن الدولي في 16 إبريل، وُجهت خلاله اتهامات للنظام السوري بالمسئولية عن الهجوم. ففي الاجتماع غير الرسمي الذي عُقد في مقر الأمم المتحدة بنيويورك بترتيب من الولايات المتحدة وحضره طبيبان سوريان وناج من الهجوم الكيميائي على غوطة دمشق عام 2013، شاهد دبلوماسيون من الدول الخمس عشرة الأعضاء في مجلس الأمن تسجيلا مصورا لمحاولات إسعاف ضحايا الهجوم الذي استهدف بلدة سرمين في 12 مارس الماضي. وتضمن التسجيل محاولات فاشلة لإنقاذ ثلاثة أطفال أشقاء تعرضوا للغاز السام الذي تسبب أيضا في وفاة والديهم وجدتهم. ونقلت "الجزيرة" عن السفيرة الأمريكية في الأمم المتحدة سامنثا باور قولها إن كثيرين ممن حضروا الاجتماع المغلق الذي عرض فيه التسجيل والشهادات بحضور الطبيبين السوريين زاهر سهلول ومحمد تناري، بكوا تأثرا بمشهد محاولة إسعاف الأطفال الثلاثة. وأضافت أن الاجتماع كان استثنائيا ومثيرا للمشاعر للغاية. وقال زاهر سهلول -وهو رئيس الجمعية الطبية السورية الأمريكية- أثناء شهادته في الاجتماع، إنه نقل إلى مجلس الأمن الأعراض التي عانى منها ضحايا الهجوم الكيميائي على سرمين، مؤكدا أن مروحيات للنظام السوري ألقت براميل غاز الكلور على البلدة. وطالب سهلول بفرض حظر جوي حماية للمدنيين من الهجمات الكيميائية، مشيدا بخطوة مجلس الأمن استدعاء شهود لحضور جلسته. ومن جهته قال محمد تناري، وهو مدير المستشفى الذي تمت فيه محاولات إسعاف الأطفال الأشقاء الثلاثة، إنه يتيعن على المجتمع الدولي وقف القتل في سوريا. وقال السوري قصي زكريا الذي نجا من هجوم بغاز السارين على غوطة دمشق في أغسطس 2013 إن هذه الجريمة ظلت بلا عقاب، ودعا إلى إقامة العدالة. يذكر أن هذا الهجوم أسفر عن وفاة ما يصل إلى 1400 شخص بينهم عدد كبير من الأطفال وفق تقديرات للمعارضة السورية أكدتها واشنطن. وأبلغت باور الصحفيين لاحقا بأنه "تجب محاسبة أولئك المسئولين عن هذه الهجمات". وخلال الاجتماع المغلق, قالت السفيرة الأمريكية إن الهجوم على سرمين تم بواسطة المروحيات التي لا تتوفر إلا لدى النظام السوري. وأضافت أن محاسبة المسئولين عن الهجمات الكيميائية ستتم بمعزل عن فشل مجلس الأمن في إحالة ملف سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية. وتابعت السفيرة الأميركية أنه يجري توثيق الانتهاكات في سوريا، وطالبت بتقديم المسئولين عن استخدام المواد الكيميائية بسوريا إلى العدالة، وهو ما دعا إليه أيضا سفير نيوزيلندا لدى الأمم المتحدة. وبدورها, نشرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في 19 إبريل تقريرا بعنوان "في انتظار هجوم الغوطة الثاني", اتهمت فيه النظام السوري بارتكاب 87 خرقا لقرار مجلس الأمن الدولي 2118 , القاضي بمنع استخدام الأسلحة الكيميائية. وأحصى التقرير خروقات القرار 2118 , قائلا إنها بلغت 87 خرقا منذ صدور القرار بتاريخ 27 سبتمبر 2013، منها 59 وقعت في العام 2014، ووقع 28 خرقا في العام الجاري وبينهم 15 خرقا للقرار 2209 الصادر في السادس من مارس الماضي. ووفق التقرير, تسببت تلك الهجمات في مقتل 59 شخصا خنقا، منهم 29 مسلحا، و23 مدنيا بينهم 11 طفلا و6 سيدات، إضافة إلى 7 من أسرى قوات النظام. بينما بلغت أعداد المصابين قرابة 1480 شخصا. وقال معدو التقرير إن النظام شن 9 هجمات بالغازات السامة منذ 22 مارس 2015 حتى لحظة إصدار التقرير، وأضافوا أن 6 هجمات منها حدثت في محافظة إدلب, التي توسعت القوات النظام في استهدافها بعد سيطرة المعارضة المسلحة عليها. وأكدت الشبكة السورية لحقوق الإنسان أن قوات نظام الأسد انتهكت القانون الدولي الإنساني عبر استخدامها سلاحا محرما دوليا، وهو ما يعد جريمة حرب، وأنها ارتكبت جرائم قتل ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية حسب المادة السابعة من ميثاق روما الأساسي، لكونها ترتكب تلك الانتهاكات منذ أربع سنوات بشكل منهجي وواسع النطاق. ونقلت "الجزيرة" عن رئيس الشبكة فضل عبد الغني قوله :"لم نعلم نظاما حاكما في العصر الحديث أهان مجلس الأمن والقانون الدولي الإنساني كما فعل النظام السوري"، مشيرا إلى أن بعثة تقصي الحقائق التابعة لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية أكدت أن قوات النظام استخدمت غاز الكلور السام, و"لكن مجلس الأمن لم يتحرك". واعتبر التقرير أن مجلس الأمن لن يتدخل لمنع تلك الانتهاكات طالما أن النظام يقتل أعدادا محدودة من المدنيين في كل هجوم، وقال إن على المجتمع السوري أن ينتظر هجوما كبيرا على غرار "مجزرة الغوطة", كي يشرع مجلس الأمن في مناقشة خيار التدخل، وذلك في إشارة إلى الهجوم الذي أسفر عن مقتل نحو 1100 مدني في عدة بلدات بالغوطة في ريف دمشق بتاريخ 21 أغسطس 2013، والذي تقول المعارضة السورية إن النظام هو المسئول عن تنفيذه, باستخدام أسلحة كيميائية.
مشاركة :