كان واضحا" للكثير من المراقبين ان الولادة القسرية للحكومة الايطالية بتاريخ الاول من حزيران عام 2018 على أثر الانتخابات السياسية التي جرت بتاريخ 4 مارس من نفس العام وللعلم فالفترة التي قضت بين الانتخابات وتشكيل الحكومة كانت الفترة الأطول بتاريخ ايطاليا 3 شهور دون حكومة.كان واضحا" ان تلك الحكومة لن تدوم طويلا" لأسباب كثيرةأول هذه الأسباب وأهمها ان الحزبين المكونين للأغلبية هما ليسا بحزبين متشابهين والأهم من ذلك انهما لم يتقدما للناخبين اي للشعب الايطالي كحزبين متحالفين لتكوين حكومة المجلس الثامن عشر في تاريخ ايطاليا، بل على العكس، كل منهم تقدم ببرنامج خاص به، حركة النجوم الخمسة وهي المكون الأكبر للحكومة وكانت قد حصلت على نسبة 32% بالانتخابات وكونها حركة جديدة ولم تصل لسدة الحكم بتاريخها كانت قد تقدمت ببرنامج طموح يخلط بين نمو الاقتصاد والتركيز على البيئة. بينما المكون الثاني وهو حركة الرابطة كانت قد تقدمت للانتخابات ضمن تحالف يميني يضم حزب برلسكوني وحزب اخوة ايطاليا وهذه احزاب يمينية وكان تركيز حركة الرابطة على محاربة الهجرة والتضييق على المهاجرين كونهم باعتقاد هذه الحركة هم الأساس للمشاكل التي تعاني منها ايطاليا مثل نمو البطالة وعدم توفر الفرص.إذا ما علمنا ان أغلبية ناخبي النجوم الخمس هم بالأصل ناخبي اليسار والذين هجروه لعدم توفر القناعات فانه من الصعب توفر التفاهم اللازم بين الحركتين الشعبويتين، وكان على حركة الرابطة التملص من الائتلاف ألدي تقدم به للانتخابات والائتلاف مع النجوم والوصول معا" لسدة الحكم. أخذا الاهتمامات المشتركة من برنامجيهما وبنيا على اساسه برنامج مشترك واختارا بروفسورا" جامعيا" غريب على السياسة ليكون رئيس للحكومة البروفسور جوزيبي كونتي والذي حاول الخروج وبدون نجاح من الظل وأصبحا رؤساء هاتين الحركتين نوابا" لرئيس الوزراء وغطيا عليه في الكثير من المناسبات.كان من الطبيعي ان يكون الاصطدام وهو ما كان يحدث يوميا" الا ان الاصطدام الأخير والذي حدث اخيرا" بمجلس النواب بخصوص واحد من اهم المشاريع الأوروبية وهو ربط جنوب أوروبا بالقطار السريع والجزئية الايطالية تتعلق بربط مدينتي تورينو الايطالية بمدينة ليون الفرنسية وهو ممول بنسبة كبيرة من الاتحاد الأوروبي لانه مشروع يهم الاتحاد بمجمله، الرابطة مؤيدة لهذا المشروع والذي يحتوي على عمل انفاق كبيرة وطويلة في منطقة من اجمل المناطق الجبلية الايطالية، الرابطة ايدت هذا المشروع والنجوم الخمسة كانت ضده، ونجح المشروع باصوات المعارضة وخاصة الحزب الديمقراطي لان عدم نفاذ المشروع ستكون نتائجه وخيمة على كل ايطاليا وسيجعلها بوضع متأخر عن باقي اوروبا وكانت تلك الشعرة التي قصمت ظهر البعير.انتقل المشهد الان إلى البرلمان الايطالي ليقرر كيفية إدارة الأزمة ورئيس الجمهورية سيكون مراقبا" للازمة ومشددا" على احترام الدستور، هل ستكون هناك أغلبية بديلة في البرلمان أم سيتفق على حكومة تقنية تدير البلاد لحين العودة للانتخابات. ومن باب العلم بالأمور فإن الانتخابات السياسية الوحيدة التي جرت في ايطاليا في فترة الخريف كانت في عام 1919 اي قبل مئة عام بالتمام والكمال، هل سيعيد التاريخ نفسه بعد 100 عام؟
مشاركة :