ساللي بنسون * حقول النفط والغاز التي نستجر منها موارد الطاقة التي نستهلكها حالياً يمكن أن تخزن ما مجموعه 900 مليار طن من ثاني أكسيد الكربون. كما أن هناك سعة تخزين أكبر في التكوينات الصخرية المملوءة بالمياه المالحة.يحتدم النقاش منذ سنوات حول الدور المنوط بالشركات في ما يتعلق بمواجهة تغيرات المناخ. وعلى الرغم من أن ابتكارات الطاقة المتجددة مهمة للحد من الانبعاثات في المستقبل، إلا أن خبراء الطاقة وقيادات القطاع على مستوى العالم، لم يتمكنوا حتى الآن من وضع استراتيجية تنفيذية خاصة بتقليص الانبعاثات داخل نظامنا الحالي القائم على الكربون. وحتى تصبح مثل هذه الاستراتيجية جاهزة، فإن خفض تكاليف الاستثمار في احتجاز الكربون وتخزينه، ربما تكون أفضل وسيلة لتقليص انبعاثات الوقود الأحفوري في المدى المنظور.يتمثل التحدي الذي يواجه الطاقة المتجددة في أننا لا نزال نحتاج إلى وقود قائم على الكربون لدعم البنية التحتية للطاقة المتجددة والنقل الثقيل مثل القطارات والطائرات. وهنا يأتي دور برامج اصطياد الكربون، حيث تجمع هذه التقنيات ثاني أكسيد الكربون من المصادر التي تنبعث منها - مثل محطات الطاقة - قبل أن تدخل الغلاف الجوي، ثم يتم تخزينه تحت الأرض أو تحويله إلى صيغة أخرى يمكن عزله من خلالها عن الغلاف الجوي داخل مكبات من البلاستيك أو الخرسانة، على سبيل المثال.يمكن أن يؤدي اصطياد الكربون وتخزينه في حال نفذ على أكمل وجه إلى خفض الانبعاثات العالمية بنسبة 14٪، وهو ما قد يساعد في الحفاظ على ارتفاع درجات الحرارة عند درجتين مئويتين فقط، وفقاً لتقرير صادر عن وكالة الطاقة الدولية عام 2017.وما يبشر بالخير هو أن قطاع النفط والغاز يحتل المرتبة الرائدة عالمياً في مجال اصطياد الكربون. وحسب تقرير الوكالة الدولية للطاقة، يجري حالياً اصطياد وحبس نحو 30 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون من الوقود الأحفوري، وهناك 18 مشروعاً ضخماً في الولايات المتحدة وخارجها؛ ويستحوذ اثنان من مواقع محطات الطاقة هذه، أحدهما في تكساس والآخر في غرب كندا، على أكثر من مليون طن من ثاني أكسيد الكربون كل عام، وفقاً لتقرير صدر عام 2018.وتشير أحدث التوقعات إلى أن حقول النفط والغاز التي نستجر منها موارد الطاقة التي نستهلكها حالياً يمكن أن تخزن ما مجموعه 900 مليار طن من ثاني أكسيد الكربون. كما أن هناك سعة تخزين أكبر في التكوينات الصخرية المملوءة بالمياه المالحة. وتتجاوز طاقة التخزين هذه مجتمعة ما نحتاج إليه في هذا القرن.ولإنجاز تأثير حقيقي، نحتاج إلى توسيع نطاق عمليات اصطياد الكربون وفي إطار زمني أقصر بكثير مما هو عليه الآن. ولعل أهم جوانب هذا السيناريو هو أن يكون مجدياً وجذاباً للشركات الاستثمارية. فهناك بعض مصادر الكربون عالي التركيز مثل مصانع الإيثانول، وهنا يمكن اصطياد الكربون وتخزينه بكلفة تتراوح بين 20 إلى 40 دولاراً للطن الواحد. ويعد التقاط الكربون من محطات توليد الطاقة العاملة بوقود الفحم أو الغاز الطبيعي أكثر صعوبة، لأن ثاني أكسيد الكربون يختلط بكميات كبيرة من غاز النيتروجين. في هذه الحالات، يمكن أن ترتفع تكاليف الالتقاط من ثلاثة إلى أربعة أضعاف الكلفة بسبب الحاجة إلى المزيد من المعدات والطاقة لفصل ثاني أكسيد الكربون عن غاز النيتروجين.وفي الولايات المتحدة، يجري تحقيق تقدم مشجع، حيث أقر الكونغرس مؤخراً تشريعاً لزيادة الحوافز المخصصة لعمليات اصطياد ثاني أكسيد الكربون من 20 دولاراً إلى 50 دولاراً للطن في حال تخزينه في المكامن الجيولوجية العميقة، ومن 10 دولارات إلى 35 دولاراً للطن عند استخدام ثاني أكسيد الكربون لزيادة إنتاج حقول النفط أو الغاز. ولا شك أن زيادة هذه الحوافز أمر حيوي لجعل احتجاز الكربون جزءاً من استراتيجية التخلص من الكربون عالمياً.ومع الدعم المستمر لميزانيات البحث والتطوير، هناك أيضاً فرص لاستخدام هذا الكربون لصنع منتجات جديدة بدلاً من تخزينه تحت الأرض. على سبيل المثال، يمكن تحويل انبعاثات الوقود الأحفوري إلى مصادر وقود خاص بمنشآت تخزين الطاقة وفي عمليات الحد من استهلاكها وعمليات تدفئة المباني في جميع أنحاء العالم.بقي أن اصطياد الكربون ليس عملية سهلة وسريعة الإنجاز، كما أنه لا يوجد حل سحري لمشاكل التلوث البيئي. وهذا يعني أنه يتطلب جهوداً مستمرة ومتكاملة لتوجيه اقتصاد الطاقة لدينا نحو الوصول إلى مستقبل أنظف، بحيث يمكن أن يخلق اقتصاد الطاقة وظائف جديدة، ومستلزمات الطاقة النظيفة الجديدة ومنتجات حماية الصحة العامة. * مديرة مساعدة في معهد ستانفورد للطاقة (سي إن إن)
مشاركة :