يخوض الدولي الفرنسي السابق زين الدين زيدان الموسم الجديد من الدوري الإسباني لكرة القدم، وهو تحت ضغط هائل لأنه مطالب بتحقيق النتائج في وقت لا يبدو ريال مدريد في وضع فني يسمح له بإزاحة غريمه برشلونة عن عرش “لا ليغا”. عندما قرر ريال مدريد الاستعانة بزيدان الموسم الماضي خلفا للأرجنتيني سانتياغو سولاري الذي كان قد حل قبل أشهر معدودة بدلا من جولن لوبيتيغي، كان الهدف أن يعيده بطل مونديال 1998 إلى الفترة المجيدة التي أمضاها بقيادته بين 2016 و2018 حين توج معه بلقب دوري الأبطال لثلاثة مواسم متتالية وبلقب الدوري عام 2017، إضافة إلى لقبين في كل من كأس السوبر الأوروبية وبطولة العالم للأندية. وكانت نية الريال واضحة في هذا الشأن حين رحب رئيسه فلورنتينو بيريز بعودة زيدان، قائلا “نريد أن نبدأ العمل على حقبة مجد جديدة. لهذا السبب نرحب بعودة زين الدين زيدان”. لكن عودة زيدان إلى الفريق لقيادته في الأشهر القليلة المتبقية من الموسم الماضي، لم تترك أي أثر ملحوظ على نتائج الفريق إذ كبر الفارق الذي يفصله عن غريمه برشلونة عوضا عن أن يُقَلّص، وأنهى الموسم ثالثا بفارق 19 نقطة عن النادي الكتالوني البطل. وسيكون غير عادل الحكم على زيدان استنادا على نتائج الأشهر القليلة التي كانت متبقية من الموسم الماضي، لأن الفريق كان يلعب من دون حافز بعدما انتهى مشواره في نصف نهائي مسابقة الكأس على يد برشلونة (خسر إيابا على أرضه 3-0 بعد التعادل ذهابا 1-1)، وتنازل عن لقب دوري الأبطال بخسارته على أرضه في إياب ثمن النهائي أمام أياكس الهولندي 4-1، كما كان خارج السباق على لقب الدوري بسبب الفارق الكبير الذي يفصله عن الصدارة. علاج سحريلم يأت زيدان بعلاج سحري يخرج به الفريق من كبوته، إذ تواصلت النتائج المخيبة ولم يفز النادي الملكي سوى بخمس مباريات في الدوري من أصل 11 خاضها بعد عودة النجم الدولي السابق بعقد يمتد حتى 2022. وعكست نهاية الموسم تماما وضع الريال ولاعبيه بعد الخسارة في “سانتياغو برنابيو” أمام ريال بيتيس 2-0 في المرحلة الأخيرة، ما دفع زيدان إلى التعبير عن ارتياحه لانتهاء الموسم، و”الآن” تبدأ فعليا المغامرة الثانية للنجم الفرنسي كمدرب للفريق. وتساءل البعض عن سبب عودة زيدان في هذه الفترة الحرجة، ومخاطرته بتشويه صورته لدى جماهير النادي في حال لم ينجح في تكرار سيناريو التجربة الأولى التي توج فيها بثلاثة ألقاب في دوري الأبطال خلال ثلاثة مواسم. ورأى آخرون أنه لم يكن ليعود إلى النادي الملكي لو لم يحصل على تعهد من بيريز بإجراء تغييرات جذرية على الفريق، وكانوا محقين إلى حد كبير لأن زيدان نجح في ضم البلجيكي إدين هازارد من تشيلسي الإنكليزي، والصربي لوكا يوفيتش من إينتراخت فرانكفورت الألماني، والبرازيلي إيدر ميليتاو من بورتو البرتغالي، والفرنسي فيرلان مندي من ليون والبرازيلي رودريغو من سانتوس. ويعتبر هازارد دون شك الصفقة الأهم للنادي الملكي خلال هذا الصيف. مرشح فوق العادة بغض النظر عما إذا كان سيستعيد خدمات نجمه البرازيلي نيمار من باريس سان جرمان الفرنسي قبل إقفال باب الانتقالات في الثاني من سبتمبر المقبل من عدمه، يبدو برشلونة مرشحا فوق العادة للاحتفاظ بلقبه والتتويج بطلا لإسبانيا للمرة التاسعة في الأعوام الـ12 الأخيرة نظرا للترسانة الهجومية الرهيبة التي يملكها. فبعد أن أنهى الموسم الماضي متقدما بفارق 11 نقطة عن أتلتيكو مدريد، تعاقد الفريق الكتالوني مع مهاجم الأخير الفرنسي أنطوان غريزمان في صفقة بلغت 120 مليون يورو، لينضم إلى الكتيبة الهجومية المكونة من الأرجنتيني ليونيل ميسي، والأوروغواياني لويس سواريز ومواطنه عثمان ديمبيلي، حتى أن البعض يعتبر ضمّ نيمار ترفا ليس إلا. ولخص مدربه إرنستو فالفيردي هذا الأمر بقوله “أنا سعيد مع اللاعبين الذين بحوزتي. العام الماضي كنا قاب قوسين أو أدنى من تحقيق موسم استثنائي”. لا شك أن قدوم غريزمان سيعزز من القوة الضاربة في الخط الأمامي ليس فقط من ناحية تسجيل الأهداف بل صناعتها أيضا.السؤال الذي يطرح نفسه هل أن إصابة ميسي الذي سيغيب على الأرجح عن المواجهة الأولى ضد أتلتيك بلباو في افتتاح الدوري الإسباني لموسم 2020-2019 الجمعة، ستمنح الفرصة لغريزمان لتشكيل شراكة ناجحة مع سواريز وديمبيلي بعيدا عن ضغوطات اللعب إلى جانب النجم الأرجنتيني، وأقله في البداية. في المقابل، قد يحتاج دي يونغ إلى بعض الوقت لكي يتأقلم مع الأجواء الجديدة، علما أن النقاد يرشحونه لخلافة بوسكيتس في السنوات المقبلة. ولم يخض بوسكيتس أفضل مواسمه العام الماضي لكن تواجد دي يونغ وراكيتيتش وميلو والصاعد كارليس ألينا من شأنه أن يساهم في استحواذ برشلونة على الكرة بنسبة أكبر. وستكون الأنظار مسلطة على مدرب الفريق فالفيردي الذي كاد يدفع ثمن الخروج المذل أمام ليفربول في نصف نهائي دوري الأبطال على الرغم من تقدمه صفر-3 ذهابا في كامب نو، وذلك لسقوطه المدوي على ملعب أنفيلد برباعية تاريخية. لكن ميسي سارع إلى الدفاع عن مدربه مشيرا إلى أنه “لا يتحمل مسؤولية ما حصل”. وعلى الرغم من إحراز برشلونة اللقب المحلي 8 مرات في المواسم الـ11 الأخيرة وكأس إسبانيا 4 مرات في المواسم الخمسة الأخيرة، فإنه لم يتمكن من محو خيبة الأمل الكبيرة في المسابقة القارية الأهم. وكان ميسي وعد أنصار برشلونة مطلع الموسم الماضي بأنه يريد جلب “تلك الكأس الجميلة”، في إشارة إلى الكأس الأوروبية، إلى خزائن الفريق ليؤكد الأولوية التي يوليها فريقه لدوري الأبطال. أما خلال ظهوره في مطلع الموسم الحالي على هامش المباراة ضد أرسنال الإنكليزي على كأس جوان غامبر، فقال “الحقيقة إنه من الصعب قول أي شيء اليوم بعد الذي حدث في الموسم الماضي، أليس كذلك؟ لكني لست نادما على أي شيء”. وأضاف “إحراز لقب الدوري 8 مرات على مدى 11 عاما هو إنجاز لأي ناد وما حققناه هو في غاية الأهمية”. وتابع “ربما لم نحصل على التقدير الكافي لذلك (الفوز بالدوري المحلي)، وبعد سنوات قليلة سنكتشف كم هو صعب تحقيق هذا الأمر. لكن الجميع يدركون أن هذا النادي يصارع على جميع الألقاب وهذا العام لن يكون مختلفا”. سيتحدد حجم الإنجاز بمدى نجاح الفريق الكتالوني في رفع الكأس صاحبة الأذنين الكبيرتين من عدمه.
مشاركة :