أكد الدكتور شريف فتحى الشرباصى، خبير بمكتب منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة فى مصر، وشريك فى إعداد وتأليف أطلس النخيل، أن شجرة نخيل البلح تعتبر بالنسبة لأماكن زراعتها فى مصر مصدر الرزق الرئيسى للأسر فى هذه البلاد؛ فهى مصدر الطعام لهم ولأنعامهم، وهى مصدر البناء فى المسكن وتصنيع أثاثهم ومستلزماتهم المنزلية واحتياجاتهم الحياتية بالإضافة إلى مصدر تجارتهم، مشيرًا إلى أن هذا الأطلس يأتى كخطوة جوهرية لتعريف وتوصيف أصناف نخيل البلح والتمور فى مصر فى إطار النهوض بزراعة وتطوير نخيل البلح والتمور ضمن الاستراتيجية القومية نحو التوسع فى الأراضى الجديدة.وقال د. الشرباصي فى تصريحات صحفية: إن مُزارع نخيل البلح والتمور فى مصر يستفيد من كل جزء من النخلة، فهو يستخدم الجريد فى عمل الحصير وتصنيع الأقفاص لنقل الثمار الناتجة من زراعة الخضار والفاكهة والطيور بالإضافة إلى المناضد والكراسي، أما الليف فكان يستخدم فى صناعة المكانس والمنشات وغسيل الأوانى والاستحمام، كما كان يستخدم حول الأوانى الفخارية لتبريد المياه، والشماريخ مكانس، وجذوع النخيل كدعامات للأسقف فى المبانى الريفية والصحراوية.وأوضح، أن نخيل البلح والتمور يتأقلم مع مختلف الظروف البيئية، حيث تنتشر أشجار نخيل البلح والتمور وتزداد زراعته وتنتشر فى جميع مناطق ومحافظات مصر من سواحل البحر الأبيض المتوسط شمالًا حتى جنوب السد العالي، هذا بالإضافة إلى التجمعات الكثيفة لنخيل البلح والتمور التى تميز مختلف واحات الصحراء الغربية وخاصة سيوة والبحرية والفرافرة والداخلة والخارجة والفيوم، وكذلك وديان جنوب وشال سيناء وشواطئ البحر الأحمر، وأينما توجد عيون ومصادر الماء فى الصحارى المصرية، مؤكدًا أن أشجار نخيل البلح تعد ثروة قومية اقتصادية واجتماعية وصحية فيجب علينا الحفاظ عليها وصيانتها وتنميتها، حيث تدر دخًلا قوميًا يزيد على عشرة مليارات من الجنيهات سنويًا.وأشار الشرباصي إلى أن نخيل البلح يعتبر من أوائل الاشجار المنزرعة فى العالم القديم، وتمت زراعته بتنوع كبير فى مصر الشرق الأوسط وشمال أفريقيا منذ أكثر من 5000 عام، ويعتبر نخيل البلح أحد أهم أصناف النباتات المنزرعة لقيمته الغذائية والطبية.وأضاف: فى مصر القديمة عرف نخيل البلح قبل عصر الأسرات، فقد عثر على مومياء من عصر ما قبل التاريخ ملفوفة فى حصر من سعف النخيل، كما عثر على نخلة صغيرة كاملة بإحدى مقابر سقارة بجانب مومياء من عصر الأسرة الأولى (حوالى 3200 سنة ق. م).وأوضح، أن المعلومات التى تم حصرها تؤكد أن المصريين القدماء استعانوا بالنخيل فى عمل سقوف منازلهم ومقابرهم المصنوعة من الطين اللبن بجذوع النخيل، حتى بعد أن استخدموا الحجر فى البناء فى عصورهم التاريخية التالية لم يتخلوا عن استخدام النخيل فى شكل جذوعه فى بناء أسقف مقابرهم كما يلاحظ فى مقبرة (رع در) بالجيزة من عصر الأسرة الرابعة (حوالى 2720 ق. م)، كما كان النخيل يزين ردهات المعابد ومداخل المدن والرسومات على الحائط، واكتسبت شجرة النخيل مكانة هامة عند الفراعنة والسومريين والبابلين والآشوريين على حد سواء.وأضاف د. الشرباصى فى العصر القريب اقتضت تقاليد المصرين الذين يعيشون فى النوبة أن يتم زراعة نخلة عندما يرزقون طفلًا، حتى تنمو وتتكاثر وتكون له دعامة اقتصادية فى جميع فترات حياته، وهو ما ما يؤكد أن النخلة فى المجتمع المصرى تمثل معظم الموارد الطبيعية المتجددة والمتواصلة بين الأجداد والأبناء لتكون ركيزة اقتصادية فى الحياة منذ القدم.
مشاركة :