عبّر المنتدى المغربي للصحافيين الشباب عن خيبة أمله إزاء مسار إعداد وصياغة الميثاق الوطني لأخلاقيات مهنة الصحافة، الذي خرج إلى النور مؤخرا لكنه لم يلب طموحات الصحافيين بسبب افتقاده لعدة معايير. وقال المنتدى في بيان أصدره الجمعة، إن “الاعتبارات المفقودة في الميثاق تتمثل في اقتضاب الميثاق في باب حقوق الصحافي واستفاضته في باب الواجبات والأحكام، وعدم أخذ الميثاق بعين الاعتبار لعدد من التطورات الرقمية والتكنولوجية والاجتهادات الدولية ذات الصلة بحرية وأخلاقيات مهنة الصحافة”، بالإضافة إلى “عدم تنظيم لقاءات وأيام دراسية تستدعى إليها التنظيمات المهنية والحقوقية لمناقشة الميثاق والتداول بشأنه قبل نشره”. وأصبح ميثاق أخلاقيات مهنة الصحافة أمرا واقعا، بعد دخوله بداية الشهر الحالي حيز التنفيذ، بعد نشره في الموقع الإلكتروني للأمانة العامة للحكومة، طبقا لما نص عليه القانون رقم 90.13 القاضي بإحداث المجلس الوطني للصحافة. لكنه منذ ذلك الحين يشهد جدلا مستمرا بين الصحافيين وعلى مواقع التواصل الاجتماعي. وأشار المنتدى المغربي للصحافيين الشباب، في البيان إلى أنه “انطلاقا من المواثيق الدولية والممارسات الفضلى في مجال حرية الإعلام، واستنادا إلى مقتضيات الدستور المغربي ولاسيما الفصل الثاني عشر منه، والذي ينص على دور المنظمات غير الحكومية في تقييم السياسات العمومية، تداول المكتب التنفيذي للمنتدى المغربي للصحافيين الشباب بشكل مستفيض مضامين الميثاق الوطني لأخلاقيات المهنة، الذي نشر في الجريدة الرسمية بتاريخ 29 يوليو 2019”. وأضاف أن “ميثاق أخلاقيات المهنة في بلادنا يعدّ مكسبا للجسم الإعلامي الوطني، باعتباره آلية يمكن أن تساهم في رصد عدد من الاختلالات التي تسيء إلى مهنة الصحافة وتضر بصورة الصحافيات والصحافيين. كما أن إيجابية وجوده ونشره في الجريدة الرسمية تتجلى في كونه وسيلة رئيسية تساعد على تأطير علاقة الصحافي مع المجتمع، وجعله ملزما بالمسؤولية تجاهه أولا، وهي المسؤولية التي تفرض على الصحافي الدفاع عن حرية الرأي والتعبير وتعزيز حرية الصحافة وخدمة الديمقراطية، كما ورد في الميثاق”. منتدى الصحافيين الشباب: الثورة التكنولوجية خلقت جيلا جديدا من الحقوق للصحافيين لا نجد لها أثرا في الميثاق وأشار بيان المنتدى إلى أن الميثاق مقتضب في الحماية ومستفيض في الأحكام”، موضحا أن “الميثاق أفرد 30 مادة للحديث عن ‘واجبات’ الصحافي، في حين لم يخصص سوى 3 مواد لحقوق الصحافي في القسم الرابع، وهو ما لا يتناسب وحجم المسؤولية الجسيمة للصحافي إزاء المجتمع، التي تفترض توفير الحماية الشاملة له على عدة مستويات، والتي لا تقتصر فقط على البنود الواردة في الميثاق”. بدوره اعتبر جمال المحافظ مدير المركز المغاربي للدراسات والأبحاث في الإعلام والاتصال، أنه من بالغ الأهمية في هذا الظرف الدقيق، الحصول على ميثاق لأخلاقيات الصحافة من أجل “تعزيز الالتزام بقواعد أخلاقيات المهنة وتكريسها في السلوك اليومي للمهنيين، وتفعيلها داخل مختلف المؤسسات العاملة في القطاع”. وأضاف “بالرجوع إلى التجارب العالمية في هذا الصدد، فإن المنظمات الدولية، منها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو)، تؤكد أنه لا يمكن تقييد حرية الصحافة مهما كانت مصداقية تنظيمات التقنين والتنظيم الذاتي، إلا في إطار قانون، وشريطة أن تكون هذه القيود ضرورية لإعمال مبادئ الحرية والديمقراطية والشفافية والحكامة، وضمان الحماية والكرامة الإنسانية عموما، وهو ما يعنى أنه لا يجب اللجوء إلى خطاب أخلاقيات الصحافة واستخدامه كحق يراد به باطل كما يقال”. وقال المنتدى إن “الميثاق خارج التغطية الرقمية”، موضحا أن “النظريات الحديثة في مجال الإعلام تمنح للصحافي مسؤولية اجتماعية محورية، كما ورد في ديباجة الميثاق. ولهذا، يصنف بموجب الآليات الأممية الدولية، ضمن الأشخاص المدافعين عن حقوق الإنسان، ما يجعل توفير أكبر قدر من الحماية له مسألة هامة جدا”. وأضاف أن “الثورة التكنولوجية خلقت جيلا جديدا من الحقوق بالنسبة إلى الصحافيات والصحافيين، والتي لا نجد لها مع الأسف أثرا في ‘الميثاق الوطني لأخلاقيات المهنة’، ومن أبرزها الحق في ‘الأمن الرقمي’ بما يعنيه من ضمانات بعـدم تتبع تنقلاتهم الإلكترونية أو محاولـة معرفـة روابط مصادرهـم، والحـق في حماية أجهزتهم وحساباتهم على البريد الإلكتروني وفي شبكات التواصل الاجتماعية مـن التنصت والاختراق”. ووفقا لتقرير صادر عن المقرر الأممي المعني بحرية الرأي والتعبير سنة 2015، “فإن الصحافيين أصبحوا في حاجة كبرى إلى الحماية والتمتع بالأمن الافتراضي، بحيث يمكنهم التماس المعلومات وتلقيها ونقلها دون تعرضهم للخطر أو القمع أو الكشف أو الرصد أو أي استخدام غير سليم آخر لآرائهم وتعبيراتهم، كما أن ظهور قيود جديدة على الصحافيين في بعض دول العالم، مثل مراقبة حياتهم الخاصة والسعي نحو تشويهها في الفضاء الرقمي، دفع المنتظم الدولي إلى مواكبة هذه التحديات من خلال مراجعة بعض القواعد أو تحيين بعض المواثيق الأخلاقية، عبر التأكيد على أن الحياة الخاصة للصحافيين لا يجوز اقتحامها، ولا يجب استغلالها لإسكات أصواتهم”. وتحت عنوان “مراسلات لا مشاورات”، أكد المنتدى أن “المجلس الوطني للصحافة بادر إلى مراسلة عدد من الجمعيات الحقوقية لتمده بمقترحاتها بشأن تصورها للميثاق الوطني لأخلاقيات مهنة الصحافة، كما فتح الباب أمام الصحافيات والصحافيين من أجل الإدلاء بآرائهم في الموضوع”. ونوه المنتدى بأن بيان المجلس ذكر أنه صادق على الميثاق “بعد مشاورات مع منظمات وشخصيات أكاديمية وحقوقية وإعلامية، فهل كنا أمام مشاورات فعلا أم مجرد مراسلات؟ لأن المشاورات تفترض أساسا اعتماد مقاربة تشاركية حقيقية عبر تنظيم لقاءات وأيام دراسية وندوات، تتم فيها استضافة مختلف الحساسيات الإعلامية والحقوقية، وهو الأمر الذي كان غائبا طيلة مسار إعداد وصياغة ميثاق أخلاقيات المهنة”. وتابع “إن افترضنا أن الأمر تعلق بمشاورات، فإن بلاغ الإعلان حول نشر الميثاق في الجريدة الرسمية، يجب أن يتضمن أرقاما حول عدد المذكرات والاقتراحات المتوصل بها من طرف المنظمات غير الحكومية، ومن لدن الصحافيات والصحافيين، وما هي نسبة الاقتراحات التي تم العمل بها قبل تضمينها في الميثاق، وفقا لما تنص عليه مبادئ وقواعد الديمقراطية التشاركية”. من جهته اعتبر المجلس الوطني للصحافة، في بيان له، أن ميثاق أخلاقيات مهنة الصحافة، يعتبر “لبنة أساسية من لبنات التنظيم الذاتي للمهنة، حيث جاء ثمرة لتراكم وطني ساهمت فيه الهيئات المهنية المغربية للصحافة والإعلام، وهي النصوص التي ارتكز عليها المجلس”. وأضاف أن المجلس “استلهم في النص، الذي صادق عليه، مختلف التجارب التي سادت على الصعيد الدولي، وكذلك كل المستجدات التي عرفتها المواثيق في ضوء التحولات الطارئة في مجال تكنولوجيات التواصل”.
مشاركة :