إعداد: وائل بدر الدين بعد أسبوع آخر من الهبوط الذي شهدته الأسواق العالمية، يبدو أن الأوضاع العامة ستستأثر بشكل أكبر بمؤتمر جاكسون هول الخاص بالاحتياطي الفيدرالي، حيث ستكون أنظار المستثمرين والمراقبين موجهة نحو المؤتمر الذي يمثل دائماً مفترق طرق للأحداث العالمية، فمنه تتوجه الأسواق إما إلى النطاق السلبي أو الإيجابي بسرعة أكبر، وهي الفرصة التي يجب على جيروم باول استغلالها بشكل جيد لتوضيح ما إذا كان بنك الاحتياطي الفيدرالي يعتزم البدء في إجراء خفض متواصل لأسعار الفائدة، أو الاكتفاء فقط ببعض التخفيضات التي لا تؤثر في السوق بشكل التخفيض عدة مرات، كتأمين ضد أي تراجع محتمل.سيشهد هذا الأسبوع الحدث الأبرز، وهو كلمة جيروم باول في افتتاحية مؤتمر جاكسون هول الذي يمثل بدوره المنتدى السنوي للمجلس، ويتم خلاله رسم العديد من معالم الخطط المستقبلية للمجلس، بما في ذلك الخطط المتعلقة برفع أو خفض أسعار الفائدة، وسيكون المنتدى المحور الأهم الذي ستتسلط عليه الأضواء وتتجه معه حركة المؤشرات، ومن المتوقع أن يعلن المجلس أيضاً عن محضر اجتماعاته الخاصة بشهر يوليو يوم الأربعاء، والذي سيتضمن النقاشات والمداولات التي جرت حول تخفيض سعر الفائدة الشهر الماضي لأول مرة منذ أكثر من عقد من الزمن.وكان جيروم باول قد أكد في إحاطة إعلامية عقب الاجتماع الذي تقرر فيه خفض سعر الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية، أن ذلك الخفض ما هو إلا بمثابة منتصف دورة التخفيضات المتوقعة مستقبلاً، وهو الأمر الذي فسره خبراء ومراقبون، على أنه رغبة من باول في إجراء عدد محدود من الخفض في أسعار الفائدة، الأمر الذي أدى إلى تقلبات شديدة في الأسواق اهتزت معها ثقة المستثمرين واتخذوا موقفاً أكثر حذراً، علاوة على أن عائدات السندات الحكومية العالمية شهدت انخفاضاً ملحوظاً، تزامناً مع تلك التصريحات التي أطلقها جيروم باول.وأكد خبراء أن الأسواق ترغب في تخطي مرحلة الضبابية الموجودة حالياً، والمضي قدماً إلى مرحلة من التيسير المالي، وهو ما أكدوا أنه سيكون الأفضل لتعزيز التوجهات الصعودية وزيادة المكاسب. كما ستتركز أنظار المستثمرين على أي تطورات في قضية الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، حيث هدأت الخطوة التي اتخذها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتأجيل فرض التعرفات الجمركية الجديدة على سلع صينية من قلق السوق، علاوة على تأكيده بأن المحادثات لا تزال جارية بين الجانبين للتوصل لاتفاق مُرضٍ بينهما، من دون أن يشير إليه تفاصيل جوهرية.ويبدو أن مؤتمر جاكسون هول الذي سيبدأ الجمعة، سيواجه العديد من الصعوبات التي تفرضها الوقائع الحالية، إذ سيكون على جيروم باول طمأنة السوق بقدرة الاحتياطي الفيدرالي على مواجهة حالة الركود التي تشير إليها العديد من التقارير، حيث شهدت الأسواق تقلبات ملحوظة منذ خطاب باول في الحادي والثلاثين من الشهر الماضي، وخسر مؤشر «اس آند بي 500» القياسي نحو 3% منذ ذلك الحين، علاوة على العائد على سندات الخزانة الذي انساق أيضاً وراء التكهنات المرتبطة بالركود الاقتصادي المتوقع، وسجلت حركته هبوطاً وصعوداً سريعين.واتسم أداء سندات الخزانة ذات ال 30 عامًا بالسرعة خلال الأسبوع الماضي، عندما انخفض العائد إلى مستوى قياسي عند 1.915 ٪، قبل أن يعاود ارتفاعه مرة أخرى لأكثر من 2 ٪ يوم الجمعة، ولكن حركة العائد على سندات الخزانة ذات العشر سنوات، كانت السبب الأبرز من تخوف المستثمرين والأسواق من احتمالية أن يضرب الركود أروقة الاقتصاد الأمريكي، بعد سجل العائد ذي العامين ارتفاعاً فاق نظيره ذا العشر سنوات، ما يمثل دلالة على عدم استقرار منحنى العائد.وجاءت التقلبات الملحوظة في عائدات السندات والصناديق السيادية العالمية، في الوقت الذي خفضت فيه البنوك المركزية أسعار الفائدة، وأشار أحد مسؤولي البنك المركزي الأوروبي إلى أن البنك المركزي الأوروبي يمكن أن يشرع خلال الفترة المقبلة في برامج أكثر توسعاً في التيسير الكمي، الأمر الذي يفرض ضغوطًا إضافية على الاحتياطي الفيدرالي، الذي أكد بدوره أنه قد يجري تخفيضاً إضافياً لسعر الفائدة بسبب ضعف الاقتصاد العالمي، وتأثير الحرب التجارية وتراجع معدلات التضخم. إشارات «جاكسون هول» 1978 _ 2019 يشهد هذا الأسبوع انعقاد مؤتمر جاكسون هول؛ الاجتماع السنوي الذي يستضيفه الاحتياطي الفيدرالي لمدينة «كانساس»، ويضم محافظي البنوك المركزية الأمريكية وتتم دعوة عدد من المحافظين، وكبار الاقتصاديين وخبراء المال من حول العالم. وتتم خلال اللقاء الذي انعقد أول مرة في العام 1978، مناقشة المواضيع الاقتصادية القائمة وانعكاساتها المستقبلية. ومع مرور الوقت، اكتسب مؤتمر «جاكسون هول» السنوي المزيد من الأهمية، وبات موعداً سنوياً لترقب التلميحات بشأن السياسات النقدية للبنوك المركزية، ولا تخرج عن الاجتماعات أية قرارات. وكان من أهم الاجتماعات اجتماع 2012، مع تلميحات رئيس الاحتياطي آنذاك بن برنانكي، إلى الاستعداد الفيدرالي الأمريكي للقيام بدورة ثالثة من التيسير الكمي لتحفيز الاقتصاد، وبالفعل تم بعد شهر الإعلان عن ذلك. فما هي يا ترى إشارات البنوك في اجتماعات «جاكسون هول» 2019؟
مشاركة :