رأيته حزينا رغم أنه يمتلك كل ما يتمنى، فساعته (ماركة) وقلمه (ماركة) وملابسه من أفخم (ماركة) وحذاؤه (ماركة)، ومع هذا كله كان يتحدث معي بنبرة حزينة، فقلت له : ألم تسعدك هذه الماركات التي تلبسها ؟ قال : لا ثم أخرج هاتفه، وقال لي : حتى غطاء الهاتف (ماركة) لكنني لا أشعر بالسعادة، لأن كلام الناس يحزنني ويؤثر في، قلت له : هذه تحتاج (لماركة) كذلك، فنظر إلي باستغراب، وقال : أتستهزئ بي ؟! قلت : لا .. ألا تعلم أن هناك (ماركة) خاصة تعلمك كيف تتعامل مع الناس ؟ قال : لا .. ومن أين أشتري هذه (الماركة) ؟ قلت : هذه لا تشترى، لكني سأقدمها لك هدية، فنظر إلي، وقال : موافق، كيف ؟ قلت : هذه (ماركة) نبوية قالها رسولنا الكريم : (لا تكن إمعة، تقولوا : إن أحسن الناس أحسنا، وإن ظلموا ظلمنا، ولكن وطنوا أنفسكم إن أحسن الناس أن تحسنوا، وإن أساؤوا فلا تظلموا ) ، قال : هذه أحلى (ماركة)، فيها بيان واضح لكيفية التعامل مع الناس، قلت : نعم ، فأكثر ما يحزن الإنسان كلام الناس، والناس لا ترحم أحدا، وفي الغالب كلام الناس يكون سلبيا وتصرفاتهم فيها نوع من الأنانية. لهذا وجهنا رسولنا الكريم بألا نكون (إمعة) أي نتبع الناس ونقلدهم في كل شيء ، ثم سألته : وهل تلبس هذه الماركات من أجل الناس ؟ نظر إلي بصمت، وقال : نعم ، لأن كل من حولي يلبس (ماركة) فلو أني لم ألبس مثلهم صرت كأني أقل منهم ، قلت : إذا أنت تلبس من أجل الناس ، وتصمم حياتك من أجل الناس ، ثم تريد أن تكون سعيدا !! هذه معادلة صعبة ، قال : ماذا أفعل ؟ قلت : كن نفسك، ولا تقلد أحدا أو تنافس الناس في لباسهم أو زينتهم أو ممتلكاتهم، بل كن أنت أنت كما أنت، ولا تقارن نفسك بأحد ، عندها ستكون قويا ولا يؤثر فيك كلام الناس السلبي. فحاول أن تفصل ذاتك عن الآخرين، وإلا فإن الناس ستهندس لك حياتك ولن تكون سعيدا، وأوصيك حتى تكون سعيدا بثلاث قواعد مهمة : الأولى: كن صادقا مع نفسك، والثانية: عش ذاتك ولا تعش حياة غيرك، والثالثة : لا تقارن نفسك بالآخرين، وقتها لن يؤثر فيك كلام الناس السلبي. قال : كلامك دقيق كأنك تصف نفسي، قلت : جرب أن تقوي نفسك كما أقول لك، واعتبر كلام الناس لك أمرا ثانويا لا أساسيا في حياتك، فإن كان فيه خير خذه، وإن كان فيه شر أو سلبية تجاوزه ، فلا تأخذ كل كلام الناس بمحمل الجد ، وعش حياتك وركز على أولوياتك وأهم شيء أن ترضي ربك لا الناس، وأن تعمل بكلام نبيك لا الناس. فالسعادة لا تتحقق بما تحصل عليه من زينة أو لباس أو حصولك على ماركة غالية، فهذا كله عبارة عن خطوة أولى للسعادة المؤقتة وقد تزول سريعا. لكن السعادة الدائمة تعيشها عندما تقدر ما لديك من نعم ومواهب وقدرات ومعارف وعلوم وعلى رأسها الإيمان ، فاجعل تفكيرك إيجابيا تكن قويا. فالسعادة هي نتيجة تفكيرك الإيجابي لا علاقة بالناس بها، فالناس أنت تختارهم وأنت تتحكم في الوقت الذي تكون معهم فيه ، والناس إن كانوا على غير ما تريد فلا تحزن وتهلك نفسك من أجلهم، ولهذا قال الله تعالى موجها الرسول (صلى الله عليه وسلم) عندما حزن على عدم استجابة بعض الناس لكلامه فقال له : (فلا تذهب نفسك عليهم حسرات) أي لا تهلك نفسك من أجل بعض الناس السلبيين والمعاندين، وقال: (فلعلك باخع نفسك على آثارهم) أي بلغهم الرسالة ولا تأسف عليهم أو تهلك نفسك حزنا عليهم. فالمهم أن تكون راضيا عن نفسك، والله يكون راضيا عنك أثناء أداء المهمة، فهذه أغلى (ماركة) أهديها لك، فنظر إلي مبتسما، وقال : صدقت. الخبير التربوي والاجتماعي
مشاركة :