كشفت وثائق حكومية مسربة عن احتمالات مرجحة بوقوع «فوضى شاملة» تصيب القطاع الاقتصادي والبنية التحتية والنسيج الاجتماعي في بريطانيا، في حالة الخروج من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق؛ وذلك بعد أن وقع رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، رسميًّا، «وثيق الطلاق» من أوروبا مع إلغاء سريان قوانين الاتحاد داخل المملكة. وحذرت الوثائق، التي اطلعت عليها جريدة «صنداي تايمز» البريطانية ونشرت مقتطفات منها، من ارتفاع أسعار المواد الغذائية والرعاية الاجتماعية ارتفاعًا جنونيًّا، مع تأخر وصول إمدادات الدواء وإمدادات الوقود من جراء تأخر إنهاء الإجراءات الحدودية. وحذرت الوثيقة من «اضطرابات شديدة» ستضرب الموانئ، ولن تستطيع المملكة تخطيها إلا بعد ثلاثة أشهر على الأقل؛ ما يؤثر في 50%-70% من حركة التدفق الحالية، فيما انتقد وزراء الحكومة البريطانية ما اشتملت عليه الوثائق المسربة من توقعات لما بعد «بريكست»، وقالوا إن تلك الوثائق «عفاها الزمن، وإن الحكومة قد عززت خططها للخروج بدون اتفاق في الأسابيع الأخيرة الماضية». الملف الاقتصادي وفيما يتعلق بالتبعات الاقتصادية من الخروج بدون اتفاق من الاتحاد الأوروبي والتأثير في قطاع المال والأعمال؛ توقعت الوثائق تراجع مستوى استعداد الأعمال للخروج بدون اتفاق إلى مستواه الأدنى ومن المرجح أن يشهد مزيدًا من التراجع مع غياب قرار واضح على شكل الخروج، وهو ما يجعل من الصعب بالنسبة إلى الأعمال والشركات الاستعداد للخروج، وسيكون الوضع أصعب بالنسبة إلى الأعمال الصغيرة والمتوسطة الحجم مقارنةً بالشركات الكبيرة. وأضافت أن بعض الأعمال ستقوم بوقف التجارة مع دول أوروبا لتفادي الجمارك، فيما سيواصل آخرون العمل مع رفع أسعار المستهلك، كما حملت الأوراق تحذيرًا من تأثير الخروج بدون اتفاق على قطاع الزراعة، وقالت إن «قطاع الزراعة سيكون أكبر المتضررين؛ لاعتماده على سلاسل التوريد عبر الحدود»؛ ما يزيد فرص نمو الأسواق\ السوداء، خصوصًا عند الحدود. وتابعت أن دول أوروبا، مثل فرنسا، ستفرض من اليوم الأول من الخروج جمارك وضوابط إلزامية على البضائع البريطانية؛ ما يعني أن نحو 85% من مركبات النقل الثقيل التي تمر عبر المضايق غير جاهزة لتلك الجمارك، وهذا من شأنه تخفيض معدلات المرور إلى 60% خلال اليوم الأول فقط من الخروج. كما سيؤثر ذلك في مسارات الشحن بين بريطانيا وغيرها من دول أوروبا؛ ما سيؤثر بشكل خاص في سلاسل إمداد الدواء والمنتجات الطبية؛ ما سيؤدي حتمًا إلى تأخر وصول تلك الإمدادات، ويعرض نسبة كبيرة منها للتلف. كذلك فإن الخروج من أوروبا دون اتفاق يؤثر في الإمدادات الغذائية ويخفض نسبة التنوع في المواد الغذائية ببريطانيا؛ ما سيرفع أسعار كثير من السلع المتوافرة، كما سيأتي ذلك بآثار سلبية على إمدادات النفط والوقود في كثير من المناطق البريطانية. والصناعة النفطية ليست ببعيدة عن التبعات السلبية، مع تحذيرات من أن التخفيض المؤقت للتعريفات سيجعل الصناعة غير قادرة على المنافسة مع توقعات بإغلاق اثنين من مصافي التكرير وخسارة ألفي فرصة عمل على الأقل. ولطالما حذر معارضو الخروج من الاتحاد الأوروبي من «أن التعجل في الخروج بدون اتفاق، من شأنه تدمير الاقتصاد البريطاني، والتسبب في تراجع قيمة العملة المحلية وخلق حالة من عدم الاستقرار». الحدود مع أيرلندا وتعد قضية حدود بين جمهورية أيرلندا -وهي جزء من الاتحاد الأوروبي- وأيرلندا الشمالية -وهي جزء من المملكة البريطانية- من النقاط الشائكة في مفاوضات «بريكست»، وهو ما حدا نائب رئيس الوزراء الأيرلندي سيمون كوفيني، إلى تأكيد ضرورة تفادي إقامة حدود بين الجانبين. وحذرت الوثائق المسربة من تبعات إقامة حدود بين الجانبين، وحذرت من خروج احتجاجات عارمة إذا تم تنفيذ هذا الإجراء، رغم دعوات سابقة بتطبيق حدود مع جمهورية أيرلندا. كما تخشى الحكومة أن «تدابير تجنب وجود حدود على الأرجح سيكون من الصعب الحفاظ عليها». وتدخلت الولايات المتحدة في هذا الملف؛ حيث أكدت الناطقة باسم مجلس النواب نانسي بيلوسي، أن الكونجرس الأمريكي لن يوافق أبدًا على اتفاق تجاري بين الولايات المتحدة وبريطانيا إذا كان يقوض اتفاق «الجمعة العظيمة» المبرم بين بريطانيا وأيرلندا منذ 20 عامًا وساهم في إحلال السلام في أيرلندا الشمالية.
مشاركة :