ندّدت روسيا والصين بتنفيذ الولايات المتحدة تجربة على صاروخ متوسط المدى، للمرة الأولى منذ نهاية الحرب الباردة، وبـ "تصعيد التوتر العسكري" وإعادة إطلاق سباق تسلّح. وتمثل هذه التجربة الأميركية النهاية الفعلية لمعاهدة حظر الأسلحة النووية المتوسطة المدى، التي تمنع موسكو وواشنطن من استخدام صواريخ يتراوح مداها بين 500 و5500 كيلومتر، وجمّدها الطرفان رسمياً قبل شهر، بعدما اتهم كلّ منهما الآخر بانتهاكها. وأعلنت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) تنفيذ التجربة الناجحة الأحد على جزيرة سان نيكولاس قبالة سواحل كاليفورنيا، مشيرة إلى أنها لـ "نسخة من صاروخ أرض-أرض الهجومي العابر توماهوك". وأظهرت صور نشرها الجيش الأميركي، عملية إطلاق الصاروخ قرب الشاطئ عبر نظام إطلاق عمودي من نوع "مارك 41". وقال سيرغي ريابكوف، نائب وزير الخارجية الروسي: "الأمر مؤسف. واضح أن الولايات المتحدة سلكت مسار تصعيد التوتر العسكري. لن نرد على الاستفزازات". واعتبر أن التجربة التي نُفذت بعد أسبوعين على انسحاب واشنطن من المعاهدة، تظهر أنها كانت في صدد تطوير صواريخ مشابهة، منذ فترة طويلة قبل انسحابها. ورأى أن استخدام صاروخ "توماهوك" ونظام "مارك 41" يعني أن "استخدام تلك الأنظمة لن يقتصر فقط على الصواريخ الدفاعية، بل ستُستخدم أيضاً في الصواريخ العابرة" البعيدة المدى. وندّدت الصين بـ "تصعيد للمواجهة العسكرية"، من شأنه "أن يكون له تأثير سلبي خطر على الوضع الأمني الدولي والإقليمي". واتهمت الولايات المتحدة بأنها تسعى إلى تحقيق "تفوّق عسكري أحادي". وتنشر واشنطن منذ وقت طويل صواريخ عابرة محمولة متوسطة المدى، تُطلق من خلال أنظمة "مارك 41". لكن الجديد في اختبار الأحد يكمن في أن نظام الإطلاق كان مثبتاً على الأرض. يأتي ذلك بعدما أعلنت روسيا والولايات المتحدة مطلع الشهر الجاري انهيار معاهدة حظر الأسلحة النووية المتوسطة المدى، المُبرمة عام 1987. ويتهم الأميركيون موسكو بتطوير صاروخ "9أم729"، معتبرين أن مداه يبلغ 1500 كيلومتر. لكن روسيا تؤكد أن المدى الأقصى لهذا الصاروخ يبلغ 480 كيلومتراً، وتندّد بمنظومة الدفاع الصاروخية الأميركية "أيجيس أشور" المنصوبة في بولندا ورومانيا. ويبقى اتفاق "ستارت" الوحيد الساري المفعول بين واشنطن وموسكو، وينصّ على إبقاء ترسانتَي الرؤوس النووية، الروسية والأميركية، دون مستواهما خلال الحرب الباردة، لكن مدته تنتهي عام 2021.
مشاركة :