العاهل المغربي يوجّه الحكومة بمنح الأسبقية لتطبيق «الجهوية المتقدمة»

  • 8/22/2019
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

دعا العاهل المغربي الملك محمد السادس، الليلة قبل الماضية، الحكومة إلى إعطاء الأسبقية لتنزيل الجهوية المتقدمة، وميثاق اللاتمركز الإداري من أجل رفع تحديات المرحلة الجديدة. وأبرز العاهل المغربي في خطاب، وجهه إلى الأمة بمناسبة الذكرى السادسة والستين لثورة الملك والشعب، التي تصادف يوم 20 من أغسطس (آب)، أنه يعتبر التطبيق الجيد والكامل للجهوية المتقدمة، ولميثاق اللاتمركز الإداري من أنجع الآليات، التي ستمكن من الرفع من الاستثمار الترابي المنتج، ومن الدفع بالعدالة المجالية. وقال بهذا الخصوص: «الملاحظ أنه رغم الجهود المبذولة، والنصوص القانونية المعتمدة، فإن الكثير من الملفات لا تزال تعالج بالإدارات المركزية بالرباط، مع ما يترتب عن ذلك من بطء وتأخر في إنجاز المشاريع، وأحيانا التخلي عنها». داعياً الحكومة إلى الانكباب على تصحيح الاختلالات الإدارية، وإيجاد الكفاءات المؤهلة، على المستوى الجهوي والمحلي. من جهة أخرى، قال الملك محمد السادس إن النموذج التنموي في صيغته الجديدة، يشكل قاعدة صلبة لانبثاق عقد اجتماعي جديد، ينخرط فيه الجميع. وأضاف موضحا «إننا نتطلع أن يشكل النموذج التنموي في صيغته الجديدة قاعدة صلبة لانبثاق عقد اجتماعي جديد، ينخرط فيه الجميع: الدولة ومؤسساتها، والقوى الحية للأمة، من قطاع خاص، وهيئات سياسية ونقابية، ومنظمات جمعوية، وعموم المواطنين». معربا عن أمله في أن يشكل هذا النموذج عماد المرحلة الجديدة، التي حدد معالمها في خطاب العرش (عيد الجلوس) الأخير، ومؤكدا حرصه على جعل المواطن المغربي في صلب عملية التنمية، والغاية الأساسية منها. في السياق ذاته، أوضح العاهل المغربي أنه اعتمد دائما مقاربة تشاركية وإدماجية في معالجة القضايا الكبرى للبلاد، تنخرط فيها جميع القوى الحية للأمة. وقال بهذا الخصوص: «هذا ما نتوخاه من إحداث اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي؛ التي سنكلفها قريبا بالانكباب على هذا الموضوع المصيري»، معربا عن تطلعه إلى أن تقوم هذه اللجنة بمهمة ثلاثية: تقويمية واستباقية واستشرافية، للتوجه بكل ثقة نحو المستقبل. وحرص العاهل المغربي على تأكيد الطابع الوطني لعمل اللجنة، وللتوصيات التي ستخرج بها، وأيضا «للنموذج التنموي الذي نطمح إليه: نموذج مغربي - مغربي خالص». في غضون ذلك، حث الملك محمد السادس على أهمية تجاوز المعوقات، التي تحول دون تحقيق نمو اقتصادي عال ومستدام في بلاده. وقال: «بغض النظر عن النقاش حول مستويات وأرقام النمو، فإن الأهم هو العمل على تجاوز المعيقات، التي تحول دون تحقيق نمو اقتصادي عال ومستدام، ومنتج للرخاء الاجتماعي». مشيرا في هذا السياق إلى دور الطبقة الوسطى، التي تشكل قوة إنتاج، وعامل تماسك واستقرار داخل المجتمع. كما شدد عاهل المغرب على أنه «نظرا لأهمية هذه الطبقة في البناء المجتمعي، فإنه يتعين العمل على صيانة مقوماتها، وتوفير الظروف الملائمة لتقويتها وتوسيع قاعدتها، وفتح آفاق الترقي منها وإليها». مبرزا أن هذه التحديات «لن يتم رفعها إلا بتحقيق مستويات عليا من النمو، وخلق المزيد من الثروات، وتحقيق العدالة في توزيع ثمارها». وسجل الملك محمد السادس أن المغرب عرف خلال العقدين الأخيرين «نسبة نمو اقتصادي، تبعث على التفاؤل، رغم أنه يتم تصنيفه، حسب نفس المؤشرات والمعايير، المعتمدة بالنسبة للدول، التي تتوفر على البترول والغاز». على صعيد آخر، قال الملك محمد السادس إن الفئات التي تعاني أكثر من صعوبة ظروف العيش في المجال القروي، وضواحي المدن «تحتاج إلى مزيد من الدعم... والاهتمام بأوضاعها، والعمل المتواصل للاستجابة لحاجياتها الملحة». مجددا دعوته للنهوض بالعالم القروي من خلال خلق الأنشطة المدرة للدخل والشغل، وتسريع وتيرة الولوج للخدمات الاجتماعية الأساسية، ودعم التمدرس، ومحاربة الفقر والهشاشة. كما ذكر بالبرنامج الوطني للحد من الفوارق بالعالم القروي، الذي رصد له ما يقرب من 50 مليار درهم (5 مليارات دولار) في الفترة ما بين 2016 و2022، مشددا على ضرورة استثمار كافة الإمكانات المتوفرة بالعالم القروي، وفي مقدمتها الأراضي الفلاحية السلالية. من جهة أخرى، أبرز العاهل المغربي أن «جهود الدولة وحدها لا تكفي لضمان النجاح لهذه العملية الكبرى»، مشددا على ضرورة دعم جهود الدولة بمبادرات ومشاريع القطاع الخاص لإعطاء دينامية قوية للاستثمار الفلاحي، وفي المهن والخدمات المرتبطة به، وخاصة في العالم القروي. كما حث الملك محمد السادس على ضرورة التنسيق الكامل بين القطاعات المعنية، داعيا في نفس الوقت لاستغلال الفرص والإمكانات، التي تتيحها القطاعات الأخرى غير الفلاحية، كالسياحة القروية والتجارة، والصناعات المحلية وغيرها، من أجل الدفع قدما بتنمية وتشجيع المبادرة الخاصة، والتشغيل الذاتي. وعلى صعيد متصل، أكد الملك محمد السادس أن «النهوض بالتكوين المهني أصبح ضرورة ملحة، ليس فقط من أجل توفير فرص العمل، بل أيضا لتأهيل المغرب لرفع تحديات التنافسية الاقتصادية، ومواكبة التطورات العالمية، في مختلف المجالات». وأكد العاهل المغربي «على أهمية التكوين المهني في تأهيل الشباب، وخاصة في القرى وضواحي المدن، للاندماج المنتج في سوق الشغل، والمساهمة في تنمية البلاد»، وأن «الحصول على الباكالوريا (الثانوية العامة) وولوج الجامعة، ليس امتيازا، ولا يشكل سوى مرحلة في التعليم. وإنما الأهم هو الحصول على تكوين، يفتح آفاق الاندماج المهني، والاستقرار الاجتماعي».

مشاركة :