في الأسابيع الماضية تناولت الصحافة خبرين مهمين على الساحة الثقافية، هما نشر جريدة «الأيام» لكل ما كتبه الدكتور محمد جابر الأنصاري من مقالات سابقة على صفحاتها، وهي مبادرة كريمة من رفيقة دربه السيدة عائشة أحمد التميمي، أما الخبر الثاني فهو دارة الأنصاري للفكر والثقافة «هي مؤسسة ثقافية تحت التأسيس»، وقد سعد العديد من المثقفين بهذه الأخبار التي تحمل معاني كبيرة للمثقف والمملكة، وبالذات اسم الدار التي ستحمل اسم رمز من رموز البحرين والوطن العربي الذي بذل حياته من أجل العلم والثقافة، وهو مفكر يمتلك نظرة بعيدة للمستقبل. ولنتعرف على جانب من شخصيته: وُلد في المحرق عام 1939 وتعلم عند الكتاتيب (أماكن تحفيظ القرآن الكريم)، ثم التحق بالمدرسة النظامية «مدرسة بيت الشيخ دعيج» جنوب المحرق، ومن ثم انتقل إلى مدرسة الهداية الخليفية ثم التحق بالمدرسة الثانوية بالمنامة، وكان شديد التعلق بأستاذه ياسين الشريف وهو فلسطيني الجنسية، إلى أن أنهى المرحلة الثانوية في عام 1958 وكان ترتيبه الأول على الطلبة، ثم سافر لإكمال دراسته في الخارج بعد حصوله على بعثة من قبل وزارة التربية والتعليم إلى بيروت. كانت ميوله سياسية، ولكن طُلب منه تغيير توجّهه إلى دراسة الأدب العربي واللغة العربية، حتى نال شهادة في اللغة وآدابها عام 1963، وواصل دراستة ونال شهادة الماجستير من الجامعة الأمريكية ببيروت، وظلت تراوده فكرة الدكتوراه، وقرّر السفر إلى بريطانيا ولم تعجبه الأوضاع هناك، فعاد إلى بيروت وواصل دراسته ونال شهادة الدكتوراه عن أطروحته (الفكر الإسلامي الحديث والمعاصر). في تلك الأعوام امتلك الأنصاري العديد من الصداقات مع أساتذته، منهم المفكرون والباحثون والشعراء وغيرهم من أصحاب الفكر، ولم يكتفِ الأنصاري بما لديه من علمـ بل التحق بالعديد من الدورات الأكاديمية في جامعة (كامبريدج) ببريطانيا، وجامعة (السربون) بفرنسا، وبلغ درجة (الأستاذية في التدريس الجامعي العالي) بعد أن نال شهادة في اللغة والحضارة الفرنسية من السربون في عام 1982 وأيضًا نال دبلوم فن التعليم. في مراحل من حياته عندما كان مدرسًا في عام 1966 تتلمذ على يديه إبراهيم المطوع والشيخ خليفة بن أحمد آل خليفة وتوفيق المؤيد ومحمد صالح الشيخ وغيرهم، وبما أنه يمتلك الحضور والشخصية والصداقات الواسعة مع الشباب المثقف، منهم الشاعر قاسم حداد والقاص محمد عبدالملك والشاعر علوي الهاشمي والشاعر علي خليفة ومحمد الماجد وأحمد المناعي، فقد اتفقوا على إيجاد ملتقى يجمعهم، فوّلدت فكرة (أسرة الأدباء والكتاب) وترأس أول مجلس لإدارتها، وهذه إحدى إنجازاته وطموحاته التي كان يحلم بها إلى أن تحققت وأصبحت إلى اليوم أسرة تجمع كل مثقفي الوطن. وبهذه المناسبة، أتمنى من مجلس إدارة أسرة الأدباء والكتاب أن تطلق على صالة المحاضرات اسم أول من أسس الأسرة، وهو تكريم يستحقه، بل الأسرة هي من لها الشرف أن تضع اسمه في مبناها، ولنا عوده في مقال آخر مع دارة الأنصاري للفكر والثقافة.
مشاركة :