يستهوي متحف دار المدينة المنورة زائري طيبة الطيبة من داخل المملكة وخارجها؛ لمشاهدة أبرز المعالم والأحداث التي ارتبطت بسيرة المصطفى - صلى الله عليه وسلم - وما يحويه من مجسمات ومقتنيات تمنح الزائرين فرصة معايشة تاريخ المدينة المنورة، واستعراض إرثها وتاريخها وثقافتها وحياتها الاجتماعية قديمًا. وأوضح المدير التنفيذي للمتحف، المهندس حسّان طاهر، أن المتحف يهدف إلى تحقيق رسالة ثقافية إنسانية تسهم في الارتقاء بالوعي العام، وترسيخ القيم النبوية النبيلة، وتفعيل انتماء المواطن والمقيم والزائر لطيبة الطيبة وتاريخها وتراثها وثقافتها، وتنمية قدراتهم الإبداعية والفكرية، والحفاظ على الشواهد والمقتنيات المادية والمعنوية المكوّنة لتاريخ وتراث وثقافة وفنون المدينة المنورة بكل تجلياتها، وإبراز الأبعاد الحضارية والتاريخية والثقافية لها، مع توظيف واعتماد أفضل معايير الإدارة المتحفية. وبيّن طاهر أن المتحف يضم العديد من القاعات والأركان التي تمكّن الزائر من استعراض تاريخ المدينة المنورة ومعالمها الإسلامية المشهودة، عبر مشاهد ومجسّمات وعروض متنوعة هُيئت وفق أسس علم التاريخ والآثار، مبينًا أن المعروضات تكشف إرث وحضارة المدينة المنورة وعبق تاريخها المجيد، بدءًا بمراحل السيرة النبوية كاملة التي يتم استعراضها بصورة مشوقة ومختلفة، وصولًا إلى العهد السعودي الزاهر. وأشار طاهر إلى أن المتحف تتجلى فيه مجهودات أجيال متوالية من أبناء الوطن الغالي، الذين جعلوا لها طابعًا تاريخيًّا وحضاريًّا وعمرانيًّا فريدًا يحمل في أعماقه فلسفة تنبثق من رؤية إسلامية للحياة وللجمال، بما يمكّن الزائر وطالب العلم والباحث من التعرّف على تفاصيل دقيقة وشاملة من معالم السيرة النبوية والإسلامية والثقافة العمرانية والحضارية للمدينة المنورة. وقال طاهر إن الاهتمام بنشر سيرة المصطفى -صلى الله عليه وسلم- والتأكيد على السيرة المكانية لسيرته، يمثّل أهم أهداف المتحف الذي أسّسه الدكتور المهندس عبدالعزيز كعكي، إلى جانب الاطلاع على المعارف والأحداث البارزة للسيرة العظيمة، التي كانت ولا تزال من أهم الأحداث التي يتطلع قاصدو المدينة المنورة إلى معرفتها؛ حيث يعمل المتحف على تعليمها عبر المجسمات والمشاهد المحسوسة والعرض المصوّر، بشكل يبرز تاريخها بكل ما فيه. ولفت طاهر الانتباه إلى مشاركة المتحف في إثراء الأبحاث المتخصصة في التراث العمراني والمعماري للمدينة المنورة؛ حيث يحتوي على مكتبة متخصصة تضم عديدًا من الكتب والأبحاث والمجلات المتخصصة؛ لتكون في متناول الباحثين، مبينًا أن المتحف أصدر حتى الآن أكثر من 44 كتابًا ومؤلفًا بشأن معالم المدينة المنورة وتراثها المعماري، كما يتولى جمع وصيانة القطع المستخدمة في هذا المجال وعرضها بشكل علمي. وأفاد طاهر بأنه روعي عند إعداد قصة السرد المتحفي بقاعات المتحف التوفيق بين السياقين الزماني والمكاني، بإضافة قيمة معنوية وفكرية مضافة للزائر، وفتح آفاق جديدة لقراءة مدلولات التراث الثقافي وفق آلية مدروسة، مبينًا أن عدد المفردات والتحف الأثرية التي تحويها قاعات العرض الثابت بالمتحف يبلغ نحو ألفي مفردة، تتوزّع بين التحف الأثرية والمجسمات فائقة الدقة، والصناعات الحرفية والمخطوطات والوثائق والمراسلات والمطبوعات القديمة والطوابع البريدية والصور الفوتوغرافية والفنون التشكيلية. واستعرض طاهر أبرز محتويات المتحف من معروضات قيّمة شملت مجموعة كبيرة من المقتنيات النادرة والقيّمة والجميلة التي ارتبطت بمعالم السيرة النبوية العطرة وثقافة وتاريخ المدينة المنورة، ومنها أجزاء مختلفة من كسوة الكعبة المشرّفة عبر التاريخ الإسلامي وبعض مقتنياتها، إلى جانب عملات نادرة استخدمت في المدينة المنورة عبر مختلف عصورها منذ العهد النبوي وتتابعت عبر التاريخ الإسلامي، إضافة إلى قطع فخارية تعود إلى العصر الأموي، ومخطوطات إسلامية ومجوهرات ومقتنيات نادرة تعود إلى فترة ما قبل الإسلام، ومجموعة أخرى من التّحف والمجوهرات والملابس والقطع التي تميّز بها تراث المدينة المنورة القديم. وخلص إلى أن المتحف يعمل فيه كادر إرشادي متخصّص بعدة لغات عالمية، منها الإنجليزية والتركية والأوردية والماليزية، وفريق ضيافة يشرف على الاهتمام بكل ضيوف المتحف واستقبالهم. يُذكر أن المتحف حصد جائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الدراسات الإسلامية، وجائزة خادم الحرمين الشريفين لدراسات وبحوث تاريخ الجزيرة العربية.
مشاركة :