عملت العديد من الحكومات في جميع أنحاء المنطقة، وخاصة في الإمارات، على تشجيع أعضاء مجتمعاتها نحو تحقيق أفكارهم المتعلّقة بتأسيس شركاتهم الناشئة. وكانت دائرة السياحة والتسويق التجاري قد أعلنت في وقت سابق من هذا العام، عن مسابقة يمكن فيها لرجال وسيدات الأعمال تقديم أفكارهم حول مشاريع شركات ناشئة والتنافس خلال معرض «جيتكس» للفوز بجائزة قدرها 100000 درهم، لمساعدتهم في تأسيس شركاتهم. وأشارت الدراسات التي أجراها ملتقى الشركات الناشئة السنوي، الذي عقد في دبي، إلى أن الإمارة هي الوجهة الأولى في العالم لمئات الشركات الناشئة الجديدة، تليها نيوزيلندا وسنغافورة والنرويج وألمانيا واليابان والسويد. ولكن ما هي القيمة الحقيقية للشركة الناشئة؟ تنطوي عملية التفكير في تقييم شركة ما على وجود مستوى من الربحية لهذه الشركة نقوم بتطبيقه على مضاعف ما، لنصل إلى السعر الذي تمثله الشركة، سواء أكانت من دون ديون أو من دون نقد، فالنتيجة التي نصل إليها هي قيمة المؤسسة، أو ما يعرف بقيمة الأسهم. وهناك ستة عوامل مهمة تعزز قيمة الشركة الناشئة وتجعلها أكثر نجاحاً، وهي كالتالي: 1 جودة الدخل: تختلف جودة الدخل من شركة إلى أخرى، فإذا كانت هناك شركة تعقد صفقة واحدة وتحقق من خلالها أرباحاً بقيمة 2 مليون درهم، وعلى جانب آخر، هناك شركة أخرى تعقد مليوني صفقة وتحقق أرباحاً بقيمة درهم واحد لكل صفقة، فإن جودة الدخل في الشركة الثانية أقوى بكثير منها في الشركة الأولى. فالأمر يتعلق إذاً بمرونة الدخل ونموذج العمل. ولهذا فعندما تخطط لإنشاء شركة ما، عليك أن تفكر في نوعية الدخل الذي تهدف لتحقيقه. فعلى سبيل المثال، إذا كنت تقوم بالتنقيب عن النفط، ستكون النتيجة واحدة من اثنتين، إما أن تجده وإما لا. قد تجده بدرجات متفاوتة، وقد تجد أكثر مما توقعت، ولكن هذا ليس نموذجاً تجارياً سيؤدي بحد ذاته إلى توليد القيمة. 2 وضوح الدخل: يشير مصطلح وضوح الدخل إلى قدرة صاحب العمل على رؤية الدخل الذي ستحققه الشركة في المستقبل بوضوح. فإذا كانت الشركة ذات إيرادات تعاقدية، ستعرف الجهة التي تقوم بالاستحواذ عليها أن لديها دفتر أعمال. وإذا تمكن المشتري من معرفة ما سيكون عليه الدخل في المستقبل، فإن ذلك سيشكل حافزاً كبيراً لتضخيم قيمة الشركة. ومن النادر جداً أن يستقر البائع على شكل ما من أشكال تقييم الأصول، لذلك فإن بعض النوايا الحسنة تلعب دوراً كبيراً هنا، وهذه النوايا هي ما سيكون عليه المستقبل بالنسبة للشركة. ولمزيد من التوضيح، لنتخيل أن هناك شركتي توظيف، تقوم الأولى بتوفير موظفين مؤقتين، بينما تركز الأخرى على إيجاد رؤساء تنفيذيين لشغل مناصب دائمة. تمتلك الوكالة الأولى 60 موظفاً مؤقتاً يتم توظيفهم في شركة تدفع لهم 2500 درهم في اليوم، وتحصل الوكالة على هامشٍ بنسبة 15٪، وهذا هامش آمن ومضمون. أما بالنسبة للوكالة الأخرى التي تستهدف وظائف دائمة، فحتى لو كانت قد وظفت العديد من الرؤساء التنفيذيين خلال العام الماضي، فلن يكون لمشتري تلك الوكالة الناشئة أي التزامات تعاقدية أو رؤية واضحة لتوقعات الدخل المستقبلية. 3 خارطة الفرص: يعدّ وجود خارطة فرص موثوقة وجديرة العامل الأهم لتعزيز قيمة الشركة. فإذا قمت بتحديد المضاعفات الخاصة بقيمة شركتك مقابل سنوات عمرها، وأخذت ثلاثة خطوط مختلفة، الأول يمثل شركة ذات نمو مرتفع، والثاني يمثل شركة متوسطة النمو، والثالث يمثل شركة ذات نمو ثابت، فإن ما ستعكسه اتجاهات التقييم هو أن كل شيء متقارب عند حوالي الضعفين والنصف إلى الثلاثة أضعاف في السنة الثانية أو الثالثة. وهكذا، فقد تحقق شركة أمازون ربحاً الآن قدره دولار واحد، غير أن قيمتها قد تكون 100 مليار دولار. ولكن لا أحد يدفع سعر 100 مليار للأسهم، إلا أن ما يشير إليه التحليل هو أن الشركة ستجني 300 مليار دولار في غضون ثلاث سنوات. فالأمر يتعلق بمعدل النمو، لكنه معدل نمو موثوق يتأتى من كيفية وضع خارطة فرص، وتحديد سبل الوصول إليها والاستفادة منها. 4 تحالفات البيع: السبب الأكثر شيوعاً لتوجه الناس إلى شركة Bluebox هو حاجتهم إلى التوزيع، وهذا هو بالتحديد المجال الذي يمكن أن تؤدي فيه تحالفات البيع إلى تعزيز القيمة. فإذا كنت تبيع شركتك الناشئة لمشترٍ كبير، فإن كل ما تقوله سيكون مفاده أن هذه الشركة الناشئة ستكون أكثر قيمة في أيديهم مما هي عليه في يديك. حيث إنهم سيحولونها إلى ذلك إذا ما قاموا بشرائها، وبالتالي، سيحصلون على بعض فوائد العمل الذي قمت به أنت، لكنك أيضاً ترغب في الحصول على بعض هذه الفوائد. لذلك فإذا كان هناك مشترون منافسون، فيمكنك تقسيم الفروقات مع المستحوذ، وينبغي عليك أن تعلم جيداً أن الشركة التي لديها شريك التوزيع المناسب ستبيع أكثر. 5 المعوقات أمام دخول السوق: نجد في كثير من الأحيان عملاء يولدون هامشاً إجمالياً قدره 60%. ومن الطبيعي أن نعتقد أن هذا الأمر رائع للوهلة الأولى، لكن الهوامش الكبيرة هي أيضاً إشارة كبيرة للمنافسة، فهي تشير إلى أن السوق جذابة. لذلك يجب أن تكون هوامشك مستقرة ويمكنك الدفاع عنها. وهنا يتوجب عليك أن تسأل نفسك، هل هناك عوائق تحول دون دخولك إلى السوق، مثل علامة تجارية أو لوائح وقوانين أو ميزة أسبقية أو علاقات أو عقد طويل الأجل. 6 إدارة قوية: من الصعب التعبير عن القوة في الإدارة للطرف الذي سيستحوذ على الشركة، إلا أنها تنطوي على فائدتين رئيسيتين. أولهما، أنها تدعم السعر الذي حددته أنت وتسمح لك بوضع سعر أفضل. وثانياً، أنها تفتح عالماً جديداً بالكامل من المشترين، هو مجتمع الأسهم الخاصة، والذي يسعى للاستثمار في فرق عمل طموحة ومتحمسة. ولا يقتصر دور الإدارة القوية على تعزيز فكرة الاستحواذ على فريق إدارة قوي بالنسبة للمشتري. فرغم أنها لن تزيد السعر، إلا أنها ستمنحك قدرة على التأثير الإيجابي وستساعدك على تجنب الوصول لمرحلة لا تعود قادراً على البيع فيها. وفي الختام، ينبغي لرواد الأعمال أن يقوموا باختبار وتفحص نماذج أعمالهم، والأفضل أن يقوموا بذلك عندما تكون نماذج أعمالهم لا تزال مجرد فكرة أولية، حيث إنهم سيعرفون في تلك المرحلة، ما هي الأسواق التي ستكون جذابة بالنسبة لهم، وما الشكل الذي ينبغي أن تكون عليه أعمالهم. وغالباً ما نرى رجال أعمال يتمتعون بمهارات وقدرات فريدة على تحديد الفرص، وتنمية أعمالهم، وإنشاء فريق قوي، إلا أنهم يغفلون عن العوامل التي تعزز قيمة شركاتهم. * المدير التنفيذي لمعهد الابتكار وريادة الأعمال في كلية لندن ** مؤسس شركة «Bluebox» للأعمالطباعةEmailفيسبوكتويترلينكدينPin InterestWhats App
مشاركة :