برّاد الشاي يسقي المصريين حضارة الصين في القاهرة

  • 8/24/2019
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

عرضت الصين تاريخها وحضارتها على المصريين بأسلوب مبتكر، تمثل في صبّ الفنون والجماليّات الصينية وتقديمها عبر مجموعة من “أدوات الشاي” التي تعكس الثقافة الصينية على مرّ العصور. جاءت “حفلة الشاي” التاريخية من خلال معرض مفتوح للجمهور فريد من نوعه أقيم مساء الخميس 22 أغسطس في مقر المركز الثقافي الصيني بالقاهرة، بعنوان “داخل وخارج برّاد شاي.. جماليات فنون الشرق على أدوات الشاي”، ونظّمه المركز الصيني بالتعاون مع مركز التبادل الثقافي الخارجي، بحضور نخبة من الشخصيات الثقافية والدبلوماسية. شهد المعرض حضورا لافتا من الجمهور الذين اجتذبته طريقة عرض الأباريق والكؤوس والفناجين والأقداح والأدوات المختلفة الذهبية والفضية والنحاسية التي استخدمها الصينيون عبر التاريخ في إعداد الشاي وتقديمه بأسلوب جمالي يعبر عن “ثقافة الشاي” كعلامة صينية مميزة اقترنت بالكثير من العادات والتقاليد والفنون، وشكلت وجها من وجوه الحضارة. أبرز المعرض عشرات القطع الفنية من أدوات الشاي، موزعة على موائد، وكأنها جاهزة لصب المشروب الصيني الأكثر شعبية وتقديمه للحضور، كما جرى بالفعل افتتاح “حفل شاي” حقيقي داخل المعرض لتعريف الحضور بمذاقات المشروب السحري ونكهاته المميزة، مما أكسب المعرض طقوسا من الحميمية والدفء الإنساني، الأمر الذي يعكس الجانب الاجتماعي لحفلات الشاي، التي انطلقت من الشرق الأقصى، وانتشرت حول العالم. تعرف الحضور على تفاصيل الأدوات والقطع الفنية التاريخية المستخدمة في إعداد الشاي من خلال لوحات خاصة معلقة إلى جوار كل قطعة، كما قدم مختصون شروحا لهذه الأدوات المتنوعة وعادات الصينيين عند شرب الشاي، وعُرض فيلم تسجيلي على شاشة كبرى في القاعة للغرض ذاته، أعقبته مداخلات ترحيبية وتوضيحية من المسؤولين الصينيين المنظمين للمعرض. تعود كلمة “الشاي” في أصلها إلى اللغة الصينية، حيث أطلقت على الشجرة الخضراء، وعلى أوراقها، وكذلك على المشروب الذي يجري استخلاصه منها، بغض النظر عن طريقة إعداده التي تختلف من مكان إلى آخر، ووفق مراحل نضج أوراق الشاي. وعُرف الشاي في الصين منذ خمسة آلاف عام، وورد ذكره كمشروب شعبي في مخطوطات صينية تعود إلى القرن الثالث، وكان يُقدّم في البدء كبديل مقبول للنبيذ. انطلق الشاي تجاريا من الصين والشرق الأقصى منذ القرن الثامن، وراج في أوروبا مع مطلع القرن السابع عشر، ويعد الشاي في يومنا هذا، المشروب الأكثر انتشارا واستهلاكا في العالم بعد الماء، لاقترانه بطقوس عائلية وعادات اجتماعية محببة أفرزت صورا مختلفة من “حفلات الشاي” في سائر أنحاء العالم، وعلى رأسها الصين، التي تناسب تربتها الخصبة الخفيفة وحرارتها المرتفعة وأمطارها الغزيرة زراعة الشاي على نطاق واسع. ومما شرحه الصينيون بشأن أسرار تحوّل الشاي إلى مشروب سحري، إلى جانب الأبعاد الاجتماعية لحفلات تقديمه، مذاقه الطيب المستساغ لدى أغلبية البشر، وسهولة إعداده في دقائق قليلة (مشروب كل العصور)، وتنوع مذاقاته ونكهاته وأشكاله وطرق إعداده (الأسود، الأخضر، الأبيض، إلخ.)، مع إمكانية خلطه مع الحليب ومشروبات أخرى، بالإضافة إلى دوره في تنشيط الإنسان وتنبيهه وتعديل مزاجه ومنحه الشعور بالراحة والقدرة على التركيز بما يحويه من مادة الكافيين. ومن فرط اعتناء الصينيين بالشاي، أنهم تفننوا في صناعة أقداحه وأباريقه وفناجينه وأدوات تقديمه على مرّ التاريخ، فجاءت هذه الأدوات قطعا فنية تشكيلية، تلائم المنطقة المكانية والمرحلة الزمانية التي ظهرت فيها، وتعكس الجماليات والتيارات الفنية المنتشرة والعادات الاجتماعية والثقافة الشعبية السائدة، بما جعله المشروب الرسمي المعبر دائما عن الحضارة الصينية. بلغ احتفاء الصينيين بالشاي مداه باتخاذه علاجا نفسيا وعضويا لبعض الأعراض مثل الصداع النصفي وآلام الأسنان بلغ احتفاء الصينيين بالشاي مداه باتخاذه علاجا نفسيا وعضويا لبعض الأعراض مثل الصداع النصفي وآلام الأسنان، إلى جانب الاعتقاد بدوره في حرق الدهون، وتنظيم سكر الدم، وضبط مستوى هرمون الأنسولين والدهون والكوليسترول، ومقاومة حدوث جلطات الشرايين. وإذا كانت الطريقة الشائعة لإعداد الشاي هي صب الماء الساخن على الأوراق في الكوب، فإن الصينيين لديهم طريقة أخرى مألوفة، بصبّ الماء على الشاي على مراحل، ففي المرة الأولى يتم غسل أوراق الشاي، والتخلص من الماء، وبعدها يتم صب الماء على أربع أو خمس مراحل لاستخلاص الأمثل للمذاق الجيد والقيمة العالية التي تحويها أوراق الشاي. تهدف الصين من خلال الفعاليات الثقافية والفنية التي تقيمها في القاهرة، وسائر أرجاء العالم، إلى التعريف بحضارتها ومدّ نطاق عناصر قوتها الناعمة المؤثرة، وقد طرحت الصين منذ أعوام قليلة مبادرة “حزام واحد- طريق واحد” القائمة على أنقاض طريق الحرير في القرن التاسع عشر، بهدف إعادة ربط الصين بالعالم على كل المستويات. وعقدت بكين الكثير من التفاهمات الثقافية والشعبية في سائر المجالات، سواء مع الدول الواقعة على طول “الحزام والطريق” أو خارجه. وتشكل المشروبات والمأكولات المتفردة مكونا أساسيا من مقومات الحضارة والهوية الشعبية في الصين، وهذا يفسر الأهمية التي توليها البلاد لمشروب الشاي، كرمز للثقافة والتقاليد المحلية، خصوصا مع اقترانه بجماليات الفن التشكيلي والصياغات الفنية لأدوات تجهيز الشاي وإعداده وصبه.

مشاركة :