دعا المعهد الدولي للصحافة، الحكومة التركية إلى الإفراج الفوري عن 9 صحافيين ألقي القبض عليهم في حملة بمناطق مختلفة من البلاد هذا الأسبوع، بينهم 6 صحافيين اعتقلوا أثناء تغطيتهم أحداث قمع السلطات للاحتجاجات التي خرجت ردا على عزل الحكومة رؤساء البلديات المنتخبين حديثا في أكبر ثلاث مدن تقطنها أغلبية كردية في البلاد. وتقوم السلطات التركية منذ أيام بحملة اعتقالات واسعة بحق المواطنين والصحافيين الذين قاموا بتغطية الاحتجاجات على طرد رؤساء البلديات في المدن ذات الغالبية الكردية؛ ديار بكر وماردين وفان. وقال المعهد الدولي للصحافة (IPI)، وهو شبكة عالمية من المحررين والمديرين التنفيذيين والإعلاميين والصحافيين من أجل حرية الصحافة، أن الشرطة في إسطنبول احتجزت أيسيجول توزرين، كاتبة عمود في صحيفة إيفرينسيل، لاستجوابها من قبل المدعي العام على الرغم من عدم معرفة التهم الرسمية الموجهة ضدها. ثم أطلق سراحها لكن تم منعها من السفر خارج البلاد. وخلال موجة الاعتقالات داهمت الشرطة في إسطنبول ليلة 22 أغسطس الجاري منزل تايلان أوزاش، مراسل صحيفة أوزجور جيليسيك، وفي وقت سابق من ذلك اليوم، اعتُقل المراسل إيثان تورهان تورهان، الذي كان يغطّي مظاهرة في منطقة كاديكوي بإسطنبول تضامنا مع الاحتجاجات في المدن الموالية للأكراد. وقد اندلعت الاحتجاجات بعد قرار وزارة الداخلية التركية بإقالة رؤساء بلديات الحزب الديمقراطي الموالي للأكراد في ثلاث مدن واستبدالهم بأمناء عينتهم الحكومة. وأصيب واحتُجز العديد من المتظاهرين والصحافيين الذين كانوا يقومون بتغطية الاشتباكات بين الشرطة والمتظاهرين، الخميس الماضي. تركيا تعتبر من أكبر السجون للصحافيين في العالم، حيث يوجد ما لا يقل عن 68 صحافيا يقبعون في السجون بسبب عملهم وتم اعتقال الصحافيين الستة بينما فرقت الشرطة الاحتجاجات في ماردين بقنابل الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه، وفقا لتقارير وسائل الإعلام المحلية. والصحافيون هم مراسلان في وكالة أنباء محلية أحمد قنبل ومحمد آه أوروك؛ ومراسل وكالة أنباء جين؛ وصحافيون مستقلون؛ نوركان يالسين وهاليمي بارلاك وييلدا تشيك. ويضاف إلى العتقلين زيان كاراهان، محرر اللغة الكردية في وكالة ميزوبوتاميا للأنباء، في ديار بكر، والذي اعتقل في الـ19 من الشهر الجاري، وتسعة آخرون انضموا إلى مئات الصحافيين المسجونين في جميع أنحاء تركيا ضمن من الحملة الشرسة ضد االإعلاميين بتهم تتعلق بالإرهاب. من جهتها، دعت لجنة حماية الصحافيين الدوليين، السلطات التركية إلى الإفراج الفوري عن الصحافيين الذين احتجزتهم الشرطة منذ 19 أغسطس الجاري، وكذلك جميع الصحافيين المسجونين بسبب عملهم. وأرسلت اللجنة طلبا بالبريد الإلكتروني إلى وزارة العدل التركية والمديرية العامة للشرطة، للتعليق على الاعتقالات لكنها لم تتلق أي رد. وقال كارلوس مارتينيز دي لاسيرنا مدير برنامج لجنة حماية الصحافيين في نيويورك “لا تظهِر حكومة الرئيس رجب أردوغان أي إشارة للحد من حملتها على وسائل الإعلام التركية والسجن غير العادل للصحافيين بسبب قيامهم بوظائفهم”. وبحسب تقرير نشرته لجنة حماية الصحافيين العام الماضي، تعتبر تركيا من أكبر السجون للصحافيين في العالم، حيث يوجد ما لا يقل عن 68 صحافيا يقبعون في السجون بسبب عملهم. ولا يبدو في الأفق أن هناك تراجعا عن أعمال القمعي ضد الصحافيين في تركيا، حيث علقت منظمة «المادة 19» المعنية بمراقبة تهديدات حرية التعبير في جميع أنحاء العالم، على الأحداث الأخيرة بالقول، إن “دور الصحافيين هو الإبلاغ بدقة عن الأخبار: لا ينبغي أن يصبح صحافيو الأخبار هدفا للقمع نتيجة للمعلومات التي يتيحونها من خلال عملهم”. وأضافت المنظمة في بيان لها، “ستواصل المادة 19 متابعة الوضع في تركيا عن كثب وتدعو الحكومة التركية إلى الإفراج الفوري عن الصحافيين المعتقلين في ماردين وديار بكر، للتحقيق في الاستخدام المفرط للقوة من قبل الشرطة ضد المتظاهرين واحترام معايير حقوق الإنسان والعمليات الديمقراطية في جميع أنحاء البلد”. بدورها، قالت الكاتبة الألمانية ذات الأصول التركية ميسال تولو، إنه “لا وجود لحرية الصحافة في تركيا، وانتهاكات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لحقوق الإنسان لا تزال مستمرة”. واعتقلت تولو، وهي كاتبة وصحافية ومترجمة، في تركيا خلال أبريل 2017 بتهمة “الترويج للإرهاب”، ونجحت ألمانيا في دفع أنقرة إلى الإفراج عنها بعد 8 أشهر، ثم نجحت ضغوط برلين في إعادتها إلى الأراضي الألمانية في أغسطس 2018، لكنها ما زالت تحاكم غيابيا أمام القضاء التركي. وأضافت تولو الخميس في تصريحات صحافية بمناسبة مرور عام على عودتها إلى ألمانيا،”بعد عام من عودتي لا أزال أشعر بالامتنان لكل من ساهم في هذه العودة”، مضيفة أن “المظاهرات التي اندلعت في ألمانيا عقب اعتقالي وضعت ضغوطا كبيرة على نظام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان”. ومطلع 2019 نشرت تولو كتابها “طفلي بقي معي.. تجربة الاعتقال السياسي في سجن تركي”، وكتبت في مقدمته أنها تريد أن تشعل الأمل في نفوس كل الذين يواجهون النظام التركي ويكافحون من أجل الديمقراطية والحرية في تركيا. وتعد ميسال تولو من أبرز الأصوات المعارضة لأردوغان في ألمانيا، وتحضر الندوات والفعاليات بشكل دوري للتنديد بنظامه الدكتاتوري وانتهاكاته المستمرة بحق الشعب التركي. وأضافت أن “الصحافيين والمعارضين والأكاديميين عرضة للقمع بشكل كبير”. مشيرة إلى أنه “منذ عودتي إلى ألمانيا أكتب وأعبر عن آرائي بشأن تركيا بشكل حر”. وختمت تصريحها الصحافي قائلة “لقد سجنت في تركيا برفقة ابني، ورغم ذلك لم يعد يتذكر نجلي هذه التجربة، أو على الأقل يقمعها داخله”.
مشاركة :