لبنان يحظى بثقة المؤسسات الدولية ومدعو إلى الاستفادة من تراجع النفط

  • 4/22/2015
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

حضر لبنان بفعالية في اجتماعات صندوق النقد والبنك الدولي التي اختُتمت مساء السبت الماضي في واشنطن، من خلال ترؤسه مجموعة الـ 24 ممثلاً بالمدير العام لوزارة المال اللبنانية آلان بيفاني، مضطلعاً بدور في النقاش حول القضايا الاقتصادية والمالية العالمية. كما شكّل الحضور والمشاركة الفاعلة للبنان منبراً لإيصال صوته إلى المجتمع الدولي، مطالباً بتحمّل جزء من الأعباء المترتبة عليه نتيجة تأثير الأزمة السورية والمتمثلة بوجود 1.5 مليون نازح سوري على أرضه. وكان لـ «الحياة» على هامش هذه الاجتماعات لقاء مع بيفاني الذي تحدّث عن نتائج هذه الاجتماعات وتحديداً في المجموعة التي يترأسها حتى التئام اجتماعات الخريف في تشرين الأول (أكتوبر) المقبل في ليما عاصمة بيرو، وموقع لبنان فيها، وتقويم وضعه الاقتصادي والمالي في مناقشات الصندوق والبنك المغلقة. وبدءاً كان استفسار عن تطبيق الإصلاحات المنتظرة في الصندوق منذ عام 2010، وهي أخذت حيزاً واسعاً في الاجتماعات وجلسات الحوار والإلحاح على الإسراع في تنفيذها لأنها عالقة عند موافقة الكونغرس الأميركي عليها، فقال إن «مجموعة الـ 24 خضعت لتغيرات كثيرة منذ إنشائها حتى اليوم، لأن معظم الدول المنضوية فيها باتت كبيرة ووازنة في شكل ملحوظ، لذا لم يعد الأمر مقتصراً على إيصال الدول النامية صوتها بل أصبحت تملك قدرات كبيرة جداً من دون حصولها بعد على التمثيل الملائم لحجمها». ولفت إلى أن في خلاصة الاجتماعات والبيان الصادر عنها «وردت ثلاثة مواضيع أساسية هي الاقتصاد العالمي وأثره على الدول النامية الممثّلة، والتمويل للتنمية وهو موضوع أساس، والإصلاحات ضمن المؤسسات أي صندوق النقد والبنك الدولي، ويقضي أساس معظم هذه الإصلاحات بمنح تمثيل أفضل للدول الوازنة أكثر». وأوضح بيفاني، أن «هذه الإصلاحات التي طُرحت عام 2010، كانت تتطلب موافقة 85 في المئة من الحصص، وبما أن الكونغرس لم يوافق بعد في ضوء حصة الولايات المتحدة البالغة 17 في المئة، بقيت الموافقة معلقة، لذا كان على مجموعة الـ 24 التذكير سنوياً بضرورة تنفيذ هذه الإجراءات». وأكد في هذا المجال، أن «ما أُضيف في شكل واضح هو الحرص على ألا يفضي هذا الإصلاح إلى الإضرار ببعض الدول، بل إعطاء إمكانات أكثر للدول المساهمة». وعن مفهوم التمويل للتنمية، لفت إلى أن «المنحى المتخذ حالياً هو ضرورة أن تبذل الدول المحتاجة إلى تمويل جهداً في الحفاظ على أموالها وتحصيل الأموال التي تخرج منها، لأن عملية التمويل لم تعد تقتصر فقط على منحه». وعن عدم ذكر لبنان في شكل واسع على رغم دوره البارز في التمثيل، أعلن بيفاني أن «اجتماعات مجموعة الـ 24 لم تتطرّق إلى الأوضاع اللبنانية تحديداً، لكن كان حاضراً في الكلمة التي توجهت بها إلى الوزراء، وكان معالي وزير المال علي حسن خليل حريصاً على إعطاء هذا النفس. إذ تطرّقت فيها إلى أزمة لبنان والوضع السوري الضاغط عليه، وضرورة الحصول على دعم المؤسسات الدولية، وبات المدير التنفيذي للصندوق ورئيس البنك الدولي الحاضريْن، على علم بالأمر». ولم يغفل أن لبنان من خلال هذا الحضور «يعمل على أن يصبح عضواً في البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية». وإزاء كل ذلك، شدد على أن «المطلوب من لبنان بذل جهد أكبر كي يبقى ضمن الأولويات، في ظل ما تشهده منطقة الشرق الأوسط من أزمات كبيرة جداً». وكشف عن أن البنك الدولي «شكر لبنان علناً للخدمة التي يؤديها للعالم باستضافته مليون ونصف مليون نازح من سورية، وهو أمر طبيعي بالنسبة إلى لبنان، لكن الطبيعي أيضاً أن يتحمّل المجتمع الدولي مع لبنان الأعباء الضخمة». وعن كلفة العبء، قال: «نعمل على تحديدها في شكل دقيق، إذ تتوزع على مجالات كثيرة، بدءاً بالنمو ويقدّر البنك الدولي خسارة الاقتصاد مبلغ 15 بليون دولار، فضلاً عن الإنفاق الإضافي في الموازنة وعدم تحصيل إيرادات كافية، من دون إغفال كلفة الذين يعيشون تحت خط الفقر واستهلاك البنية التحتية من طرق وكهرباء ومياه واتصالات ومدارس ومستشفيات عامة. ويُضاف إلى ذلك دعم الكهرباء المسبّب للعجز وكذلك الخبز، ومن الطبيعي أن ترتفع الكلفة مباشرة لدى ازدياد عدد المستهلكين». وكشف بيفاني أن وضع لبنان مع المؤسسات الدولية «بات جيداً كما الثقة القوية فيه، لكن في المقابل لا ينفذ لبنان ما يجب تحقيقه، لذا تسأل هذه المؤسسات دائماً عن انتخاب رئيس الجمهورية والانتخابات النيابية ومصير الموازنة، وهي أسئلة طبيعية وتقليدية». وعلى رغم ذلك، «يحصل لبنان على مساعدات تقنية مهمة كثيراً، تُترجم تطويراً لمؤسساتنا وتحسيناً لإمكاناته لمواجهة المشاكل». وإذا كان يتوقع تسجيل تراجع في تحويلات اللبنانيين العاملين في دول مجلس التعاون، في ضوء احتمال خفض الإنفاق الاستثماري فيها نتيجة تراجع الإيرادات من النفط، قال بيفاني: «في المبدأ سيكون النمو أقل لأن اقتصادات دول الخليج مرتبطة كثيراً بأسعار النفط»، مفترضاً إمكان «تراجع التدفقات لكن لم نرصد إلى الآن أمراً خارجاً عن المألوف يشكل خطراً على البنية الاقتصادية اللبنانية». وأكد أن لدى لبنان «كبلد غير منتج للنفط والغاز مصلحة من ناحية المالية العامة بالتطور الحاصل، ويجب الاستمرار في مراقبة وتيرة التدفقات المالية». وعن تأثير هذا التراجع على أعباء الموازنة العامة، لم ينكر بيفاني أن «العجز في الموازنة بات بنيوياً ويتطلّب إجراءات على مستوى الداخل أكثر من انعكاس العوامل الخارجية، مع تأكيد مساهمة انخفاض سعر النفط في التخفيف من العبء، لكن ما يساعد أكثر للاستفادة من هذا التراجع هو زيادة المداخيل كما فعلت دول أخرى». وهل يأتي ذلك من خلال الضرائب والرسوم، أجاب: «طبعاً لأن الناس عند ذلك لن يشعروا بعبء الضريبة»، لافتاً إلى أن «خدمة الدين والرواتب تشكل جزءاً كبيراً من حجم الموازنة، لذا يجب التركيز على هذين الأمرين في السنوات المقبلة لتقليص العجز»، مشيراً إلى أن وزير المال «تحدّث عن هذا الأمر تكراراً». وإذا كان ذلك يعني وجود اتجاه لزيادة الضرائب وهو كان مثابة توصية في اجتماعات صندوق النقد والبنك الدولي واستخدام المكاسب من تراجع النفط في مجالات حيوية واجتماعية، أوضح أن «القرار في لبنان في هذا المجال طويل وشاق، مع العلم أن سلة من الإجراءات الضريبية طُرحت وتمت الموافقة عليها، في انتظار إقرارها في المجلس النيابي بالطريقة التي يجدها مناسبة». ولم يغفل بيفاني أن «نسبة الإيرادات من الضرائب والرسوم إلى الناتج القومي تراجعت في الأعوام الماضية إلى 23 في المئة»، معتبراً أن استمرار هذا المنحى غير جائز نظراً إلى خطورته». وعن أثر تراجع النفط على أعباء الموازنة الخاصة بالكهرباء، لفت إلى أن «الانعكاس سيفضي إلى خفض قيمته ألف بليون ليرة لبنانية (650 مليون دولار) سنوياً».

مشاركة :