نعم أنت تملك عقلية القرد وعليك ترويض هذه العقلية حتى لا تتحول إلى قرد! ولكن قبل التعرف على مفهوم عقلية القرد وكيفية ترويضها، أود طمأنتك أن لكل شيء علاجا فلا تحزن، فعلماء العلاج السلوكي المعرفي CBT» Cognitive Behavior Therapy» ومنهم عالمة علم النفس الإكلينيكي Deborah Serani مؤلفة كتاب التعايش مع الاكتئاب، يؤكدون أن علاج الأفكار يكون على مستويين، الأول يتعلق بأفكارك ومساعدتك في تحديدها وكيفية صياغة الكلمات وكيف تؤثر على سعادتك ثم كيفية إعادة تشكيلها، والمستوى الثاني يقوم على تغيير سلوكك ليتوافق مع أفكارك التي تمت إعادة تشكيلها. وعودة إلى مفهوم عقلية القرد الذي بدأ لدى البوذية، حيث شبهوا تنقلنا السريع والعشوائي بين أفكارنا اليومية الكثيرة والمتشعبة بحركة القرد في تنقله بين الأشجار للبحث عن الموز، والذي يقفز من غصن إلى غصن بحثا عن مزيد من الموز في حالة من الخوف والقلق والعشوائية غير المبررة! هذا هو حال البعض، حيث يجلب ندم الماضي وتشتت الحاضر وقلق المستقبل في الوقت نفسه فيتخذ أحكاما وقرارات عشوائية ويفقد السلام الداخلي. هذه الضوضائية الداخلية وكذلك الضوضائية الخارجية التي بدأت في التزايد بسبب الانفجار المدني والمعرفي جعلتنا نعيش بعقلية القرد لهثا وراء المزيد، خوفا من المجهول وعدم الرضا بالموجود ومسايرة لقرود أخرى حولنا! وهناك كتاب جميل في هذا المجال للدكتورة Jennifer Shannon بعنوان لا تغذ عقلية القرد لديك Don’t Feed the Monkey Mind. والكتاب يساعد على كيفية منع الأفكار المتقلبة من خلال استخدام العلاج السلوكي المعرفي الفعال (CBT)، وعلاج القبول والالتزام (ACT) وصولا إلى كيفية تحديد الأفكار وتقليل نسبة القلق والمخاوف. ومن خلال هذا الكتاب وقراءة مراجع أخرى وجدت أن هناك رباعية قد تساعدنا على التخلص من عقلية القرد. 1. التخطيط: نعم التخطيط الذي مع الأسف يزعج البعض ويعتبره أمرا مثاليا! فيردد مصطلحات لا يعرف أبعادها وعمقها، فيقوم باستدلال وإسقاط خاطئ لها مثل قوله «كله مقدر ومكتوب»، «الأرزاق مقسومة»، وغيرها من المسلمات التي ركبها بعقلية قرد! علينا الإيمان بأنه دون أهداف واضحة وخطة جيدة سيرتفع لدينا سقف الطموح والرغبات ويزيد لدينا التشتت فتقل نسبة الإنتاجية والرضا ونعيش مثل القرود. 2. التركيز: التخطيط قد يعطيك الصورة الكاملة، ولكن الأجزاء الصغيرة لتلك الصورة لا يمكن إدراكها إلا من خلال التركيز والحذر من مشتتات الانتباه، خاصة الإدراكية منها، والتي تكون انتقائية لتلبية حاجات ورغبات الشخص نحو الأسهل والأمتع! والتركيز لا يعني بالضرورة عدم القيام بأعمال أخرى أو توسيع الإدراك لأمور أخرى، بل هو التزام يومي محدد نحو هدف ما له خط زمني واضح حتى لو كان هذا الالتزام 10 دقائق يوميا. وهذا التركيز هو الذي يحقق لنا التخطيط وهذا التخطيط يبني لنا المستقبل ومعه تقل نسبة القلق من المستقبل. 3. التأمل: للوصول إلى السلام الداخلي يجب ممارسة الصفاء الذهني والتأمل! لذا يجب أن يكون في جدولنا اليومي دقائق لممارسة الصفاء الذهني بأي طريقة تناسبنا، المهم الوصول إلى مرحلة الانعزال البسيط عن العالم المحيط، لأن هذه الممارسة تقلل من عقلية القرد التي نفكر بها حول ما تم اليوم وماذا سيكون عليه الغد! 4. الرضا: المقصود به الرضا بعد العمل، وليس الرضا بلا عمل، فالرضا بلا عمل هو استسلام وانهزام ولا مسؤولية! الرضا الحقيقي هو الذي يأتي بعد الأخذ بجميع الأسباب، وهذا النوع من الرضا ليس محطة نهائية، بل هو رحلة يومية يعيشها الشخص نحو سعيه لتحقيق أهدافه، وبغض النظر عن النتائج قد نصل إلى مرحلة الرضا لأن الذات راضية عن أدائها وعن الصورة الكلية، وتؤمن أنها رحلة لم تنته وغدا تبدأ محاولة جديدة.
مشاركة :