الرمثا تئن تحت وطأة الأزمة السورية وأنصاف حلول الحكومة الأردنية

  • 8/26/2019
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

يسود هدوء حذر، الأحد، مدينة الرمثا الأردنية، بعد مواجهات عنيفة بين قوات الأمن وسكان المدينة الحدودية، على خلفية قرارات جمركية لحكومة عمر الرزاز اعتبرها المنتفضون بمثابة إعلان حرب اقتصادية عليهم. وتعرب أوساط سياسية أردنية عن مخاوفها من عودة الاحتجاجات بزخم أكبر وإمكانية تمددها إلى مناطق أخرى، في ظل غياب معالجة حقيقية للأزمة الاقتصادية، واقتصار حكومة الرزاز، وفق تعبيرها، “على أنصاف الحلول”. وكانت المملكة قد شهدت العام الماضي مسيرات غير مسبوقة احتجاجا على الأداء الحكومي في الملف الاقتصادي، وتم احتواء تلك الاحتجاجات بتدخل مباشر من الملك عبدالله الثاني الذي أقال حكومة هاني الملقي حينها وكلف عمر الرزاز القادم من خارج المنظومة التقليدية بتشكيل حكومة جديدة. وتقول الأوساط إن أداء الرزاز والطاقم الاقتصادي الذي يقوده أحد رجالات القصر وهو الدكتور رجائي المعشر، كان مخيبا للآمال وما حدث في مدينة الرمثا التابعة لمحافظة إربد شمال المملكة في اليومين الماضيين هو بمثابة جرس إنذار، على أصحاب القرار تلقفه سريعا. وقال رئيس الوزراء الأردني، خلال لقاء الأحد مع رئيس وأعضاء مجلس إدارة غرفة تجارة الأردن إن “الواقع يتطلب الحكمة من الجميع، ونحن نعيش في دولة قانون، وحماية الحدود من عملية التهريب هي أولوية وطنية”. وأكد عمر الرزاز أن الأردن قادر على تجاوز الصعاب والتحديات الاقتصادية التي تواجهه في هذه المرحلة، كما واجه مثيلاتها عبر سنوات سابقة. ويتشكك محللون في حقيقة قدرة الأردن على مواجهة الأزمة التي تعصف به حاليا، لعدة اعتبارات من بينها الظروف الإقليمية الحالية وتراجع أولويات الدول التي لطالما شكلت سندا للمملكة على مدى عقود. ويرى المحللون أن الحكومة الحالية تسلك ذات السياسات التي دأبت عليها الحكومات السابقة، في التعاطي مع الشأن الاقتصادي من خلال الترفيع في الضرائب، والمعالجة المزدوجة للثغرات التي ينفذ منها الفساد، ومنها ملف التهريب، وعلى ضوء ذلك فإن انتظار نتائج إيجابية يبدو غير مقنع. وكانت الحكومة الأردنية قد أصدرت الأسبوع الماضي قرارا يقضي بمنع “بحارة الرمثا” من تمرير أكثر من علبة كبيرة من السجائر (كرزون) إلى الأردن، في سياق خطة لمحاربة ظاهرة التهريب التي تفاقمت في السنوات الأخيرة وخاصة بعد فتح معبر جابر نصيب الحدودي. ومصطلح “البحارة” يطلق على سائقي سيارات المسافرين الذين ينشطون بين الأردن وسوريا، وعادة ما يحمل هؤلاء معهم من سوريا مواد يتاجرون بها ومن بينها السجائر. ومنذ صدور القرار الحكومي شهدت مدينة الرمثا التابعة لمحافظة إربد شمال المملكة مسيرات احتجاجية صاخبة تخللتها مناوشات مع قوات الأمن وعمليات إطلاق رصاص في الهواء من كلا الطرفين. ويتهم المحتجون الحكومة باعتماد سياسة الكيل بمكيالين من خلال غض الطرف عن أباطرة التهريب في الأردن وملاحقة التجار الصغار. وهاجمت تنسيقية “بحارة الرمثا” في بيان الحكومة، معتبرة “أن عمليات مواجهة التهريب كان يجب أن تتم من خلال محاربة زعماء التهريب بالأردن القائمين على إدخال أطنان الدخان والمخدرات من سوريا”، داعية إلى محاسبة “زعيم تهريب الدخان والمخدرات القاطن في محافظة المفرق راكان الخضير”. وراكان الخضير هو سوري حاصل على الجنسية الأردنية وهو قائد جيش العشائر في محافظة درعا الحدودية. وكانت المخابرات الأردنية قد لعبت دورا أساسيا في تشكيل ودعم بعض الفصائل السورية وبينها جيش العشائر، في خطوة كان الهدف منها إبعاد الجماعات الجهادية على غرار داعش والنصرة عن أراضي المملكة، وعدم السماح لهذه التنظيمات بملء الفراغ الذي خلفه النظام السوري، بين عامي 2014 و2018. وهددت تنسيقية “بحارة الرمثا” بالتصعيد في حال لم تتراجع الحكومة عن قراراتها، وفي خطوة لاحتواء الموقف سارع الوجهاء إلى الوساطة بين المنتفضين والحكومة، التي شددت على أن خطوتها لا تستهدف فقط الرمثا بل كل المناطق الحدودية لمنع تهريب المخدرات والأسلحة، مقدمة جملة من الوعود يتشكك النشطاء في تنفيذها. ويقول مراقبون إنه رغم عودة الهدوء فإن الوضع لا يزال متوترا وهناك إمكانية كبيرة لتجدد الاحتجاجات. وتعتبر المناطق الأردنية الحدودية الأكثر تضررا من الأزمة السورية المندلعة منذ العام 2011، حيث تراجعت الحركة التجارية إلى حدودها الدنيا خاصة بعد غلق المنطقة الاقتصادية المشتركة ومعبر جابر نصيب. ورغم استعادة الحكومة السورية للجنوب في العام 2018 وافتتاح معبر جابر نصيب إلّا أن الوضع لم يتحسن بالشكل المأمول في ظل العلاقة المتأرجحة بين الجانبين الرسميين. ويقول مسؤولون أردنيون إن التحول الأبرز الذي طرأ هو ارتفاع وتيرة تهريب الأسلحة والمخدرات والسجائر بشكل كبير إلى المملكة. وتقدر الحكومة خسائرها من تهريب السجائر بنحو 155 مليون دولار. ووضح نائب رئيس الوزراء رجائي المعشر في أحد تصريحاته مؤخرا أن فتح معبر جابر نصيب الحدودي، “كان له دور في زيادة التهريب لموادّ عديدة على رأسها الدخان، ما أدى إلى تراجع قيمة الإيرادات الناتجة عن ضريبة الدخان، الأمر الذي لم تكن تتوقعه الحكومة عند اتخاذ قرار إعادة فتح المعبر الحدودي”.

مشاركة :