عبرت مصادر دبلوماسية غربية في بيروت عن استغراب بعثات دبلوماسية أوروبية في العاصمة اللبنانية حيال المواقف الأخيرة لكبار المسؤولين اللبنانيين، بما في ذلك رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة سعد الحريري. وقالت هذه المصادر إنّ كبار المسؤولين اللبنانيين، على رأسهم رئيس الجمهورية، اتخذوا مواقف مؤيدة كلّيا لحزب الله بعد سقوط طائرة من دون طيار إسرائيلية وانفجار أخرى في الضاحية الجنوبية لبيروت. وأوضحت أنّ سبب استغراب البعثات الدبلوماسية الغربية المواقف الرسمية اللبنانية يعود إلى تركيز هذه المواقف على الخرق الإسرائيلي للقرار 1701 الصادر عن مجلس الأمن في أعقاب حرب صيف العام 2006 بين حزب الله وإسرائيل. ولاحظت أن المسؤولين اللبنانيين تجاهلوا كلّيا خرق حزب الله للقرار 1701 الذي يحرّم على عناصره إقامة مخازن أسلحة في منطقة عمليات القوّة الدولية في جنوب لبنان كما يمنع حزب الله من تلقي أي أسلحة عبر الحدود اللبنانية أكان ذلك برّا أم بحرا أم جوّا. وركزت هذه المصادر على اكتشاف القوات التابعة للأمم المتحدة أنفاقا تربط بين جنوب لبنان والأراضي الإسرائيلية مع ما يعنيه ذلك من نيّة لدى الحزب للتسلل إلى داخل إسرائيل وتنفيذ عمليات على الرغم من أن القرار 1701 الصادر عن مجلس الأمن أمّن وقف القتال في جنوب لبنان الذي ينعم بهدوء منذ ثلاثة عشر عاما ومنع أي نشاط لحزب الله في منطقة عمليات القوة الدولية. وذكرت أن مبعوثي المنظمات الدولية والسفارات الغربية في لبنان دعوا المسؤولين اللبنانيين إلى النظر إلى الوضع بعينين وليس بعين واحدة معترفين بأن إسرائيل خرقت القرار 1701 الذي رفض حزب الله احترامه في يوم من الأيّام. وكان الرئيس اللبناني العماد ميشال عون، قد اعتبر خلال استقباله الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيتش، أن الاعتداءين الإسرائيليين على الضاحية الجنوبية ببيروت “بمثابة إعلان حرب” ويخالفان الفقرة الأولى من قرار مجلس الأمن رقم 1701 وما يسري على لبنان من درجات هذا القرار الدولي يجب أن ينطبق على إسرائيل أيضا”. وخاطب عون كوبيتش “سبق أن كررت أمامكم أن لبنان لن يطلق أي طلقة واحدة من الحدود ما لم يكن ذلك في معرض الدفاع عن النفس، وما حصل أمس يتيح لنا ممارسة هذا الحق”. وأبلغ رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري سفراء وممثلي مجموعة الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن، خلال استقباله لهم، الاثنين، بخرق إسرائيلي واضح للسيادة اللبنانية وللقرار 1701، واستهدافها منطقة مدنية مأهولة، دون أي اعتبار للقانون الدولي أو أرواح المدنيين. وقال الحريري خلال استقباله سفيرة الولايات المتحدة إليزابيث ريتشارد، وسفير روسيا ألكسندر زاسيبكين، وسفير الصين وانغ كيجيان، والقائم بالأعمال البريطاني بنجامين واستنيج والقائمة بالأعمال الفرنسية سالينا غرونيه- كاتالانو، إن “الحكومة اللبنانية ترى أنه من المصلحة تفادي أي انزالاق للوضع نحو تصعيد خطير، ولكن هذا يحتاج إلى إثبات المجتمع الدولي رفضه لهذا الخرق الفاضح لسيادتنا وللقرار 1701”. وطالب بتحميل إسرائيل المسؤولية عن خروقاتها المتواصلة للقرار 1701 منذ العام 2006، وكذلك يجب أن تُحمّل مسؤولية الاعتداء الفاضح على ضاحية بيروت، مع علمها المسبق بأن من شأن ذلك تهديد التوازن القائم والذي حافظ على أمن الحدود الدولية منذ 13 عاما”. وكان حسن نصرالله الأمين العام لحزب الله قد تعهد بالرد على إسرائيل وبعدم السماح بوجود طائرات إسرائيلية مسيرة في سماء بلاده. وقال نصرالله “انتهى الزمن الذي تأتي فيه طائرات إسرائيلية تقصف في مكان في لبنان ويبقى الكيان الغاصب في فلسطين آمنا”، مضيفا “لن نسمح بمسار من هذا النوع مهما كلف الثمن.. وسنفعل كل شيء لمنع حصوله”. وخاطب نصرالله الإسرائيليين بالقول “لا تعيشوا، لا ترتاحوا، لا تطمئنوا ولا تراهنوا لحظة واحدة أن حزب الله سيسمح بمسار وبعدوان من هذا النوع”. ويرى كريم بيطار من معهد الشؤون الدولية والاستراتيجية ومقره باريس، أن تنسيق الضربات يجري بين الولايات المتحدة وإسرائيل كجزء من الجهود للضغط على إيران. ويقول بيطار إن الحادث المنفصل في لبنان على وجه الخصوص يمكن أن يشكل خطرا. ويوضح “يبدو أن لاعبين كثرا يلعبون بالنار في أخطر الأوقات”، مضيفا “أي حادثة أخرى مماثلة قد تؤدي إلى مواجهة واسعة النطاق”.
مشاركة :