من يكسب المعركة: التنين أم النسر؟

  • 8/27/2019
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

لأكثر من قرن من الزمان، كانت الولايات المتحدة (النسر) تشكل أكبر اقتصاد في العالم، ولكن المعادلة تغيرت منذ سنوات قليلة، وسر التغيير بدأ مع نمو اقتصاد التنين (الصين)، حيث أنتج الاقتصاد الصيني في العام 2018 ما يزيد على 25 تريليون دولار، وفقاً لحسابات صندوق النقد الدولي (باعتبار تعادل القوة الشرائية). وهذا الرقم يجعل الصين أكبر اقتصاد في العالم يليها الاتحاد الأوروبي في المرتبة الثانية (22 تريليون دولار) ثم الولايات المتحدة في المرتبة الثالثة بإنتاج يبلغ 20.5 تريليون دولار. صحيح أن عدد السكان الكبير في الصين (نحو مليار وأربعمائة مليون) عامل مهم للاقتصاد نتيجة توفّر ورخص الأيدي العاملة، ولكنه عامل ضغط أيضاً مع توقعات ارتفاع الاستهلاك المحلي. يضاف إلى ذلك أن ازدهار الاقتصاد الصيني معتمد بشكل رئيس على نمو الاقتصاد العالمي، وهي حال لن تستمر طويلاً. ولا ننسى أيضاً أن الصين تستورد النفط بمعدل يزيد على 10 ملايين برميل يومياً. ومع هذا فإن دراسات اقتصادية غربية متخصصة تكشف بكل وضوح أن الصين ستكون بعد عدة سنوات في طليعة الاقتصاد العالمي على المؤشرات كافة، ما لم تطرأ تغيرات كبرى مثل الحروب والأوبئة، وبالطبع التضييق الاقتصادي والمالي على التنين الصيني. ولعل هذا يفسر في جزء منه موجات الضرائب والقيود الأميركية على المنتجات الصينية، ومحاولات الضغط على الحلفاء لتقييد الواردات الصينية. والقارئ للشخصية الأميركية يستنتج أن الأميركيين لديهم الاستعداد (الأيديولوجي) والثقافي لتقبل دولة غربية منافسة والتعاون معها، كما أن لديهم المرونة لمنح مساحة اقتصادية محسوبة لحلفاء آسيويين شريطة أن تكون القواعد الأميركية هي القوة الضاربة في هذه البلدان مثل اليابان وكوريا، كما أن الأميركيين والغرب سيكولوجياً قد يتقبلون (الأخ المارق) في الجنس والمعتقد، ويعيدون تأهيله مثل ألمانيا سابقاً وروسيا حالياً مستعملين سياسة النفس الطويل. ولهذا فإن الأميركيين أثناء الحرب الغربية الثانية لم يلقوا القنابل على ألمانيا هتلر، وهي التي احتلت نصف أوروبا، ولكنهم لم يترددوا في إلقاء قنبلتين نوويتين على الجزر اليابانية، فالشعور بالذنب هنا مختلف. والخلاصة، فالتاريخ يعلّمنا أن الحروب الاقتصادية الشرسة هي مقدمات الحروب العسكرية، مع عدم استبعاد دور المؤامرات والقوة الناعمة في إضعاف الخصوم لمن يملك الأدوات والدهاء الاستراتيجي. قال ومضى: هناك ذكريات عابرة وأشخاص عابرون، ولكن المواقف تستوطن مركز الوجدان. * نقلا عن "الرياض"

مشاركة :