تساؤلات عديدة تطرح اليوم حول مدى استمرارية طوفان العنصرية في ملاعب كرة القدم العالمية. كيف تستمر هذه الظاهرة الخطيرة في غياب الحلول والقوانين التي من شأنها أن تضع حدا لمثل هذه الخروقات في حق اللاعبين؟ كل هذه الأسئلة تثير نقاشا كبيرا، حول ما يتعرض له اللاعبون السود والمنحدرون من الأقليات العرقية الأخرى، في الملاعب حتى يومنا هذا. ويشارك في الدوريات الأوروبية لاعبون من كافة أنحاء العالم، ويعد اللاعبون سود البشرة ومن الأقليات العرقية الأخرى جزءا كبيرا من كافة الفرق. لكن العنصرية ليس فقط مستمرة، بل إن الإحصاءات التي أعدتها المنظمات الخيرية، التي تنشط ضد هذه الظاهرة الخطيرة، تشير إلى أن السنوات الأخيرة شهدت ارتفاعا كبيرا في البلاغات عن العنصرية في اللعبة. وأظهرت أرقام المنظمة أن هناك المئات من البلاغات عن التمييز، جرى تلقيها في المواسم الكروية القليلة الفارطة. وبالتالي باتت الحاجة أكيدة وملحة إلى أن تسلط الأضواء على كل المواقف التي تشبه موقف العديد من اللاعبين السود مما يحدث؛ فعلى غرار رحيم ستيرلينغ نجم فريق مانشستر سيتي الذي استهدف عنصريا الموسم الفارط، تعرض لاعبا فريق مانشستر يونايتد بول بوغبا وماركوس راشفورد لهتافات عنصرية، بعدما أهدرا ركلتي جزاء. وتتواصل الإساءات العنصرية الممنهجة على وسائل التواصل الاجتماعي، هذه الظاهرة تحتاج إلى تصرف حاسم. وتضمنت معظم الإساءات كلمة “زنجي” لذلك من الضروري إيقاف مثل هذه الكلمة الجارحة. العالم بأكمله مطالب بتنظيم حملات مناهضة للعنصرية، ولإيقاف هؤلاء المثيرين للشغب والذين يقومون بإنشاء العديد من الحسابات الإلكترونية للإساءة إلى الأشخاص. لكن في المقابل أكد العديد من اللاعبين السود أن الإساءة العنصرية التي تعرضوا لها لن تنال منهم وستجعلهم أكثر قوة وتعهدوا جميعا بمحاربة هذه الظاهرة من أجل الأجيال الصاعدة. مواقف كثيرة أساءت للاعبين كبار، ما يحتاج إلى وقفة جادة من الاتحاد الدولي والاتحادات المحلية لوقف هذه الأعمال وكتب نجم مانشستر يونايتد الإنكليزي الدولي الفرنسي بول بوغبا تعليقا على تويتر “الإساءات العنصرية تنم عن جهل وستجعلني أكثر قوة وستحفزني على القتال من أجل الأجيال القادمة”. وتابع “عانى أسلافي وآبائي من أجل أن يكون هذا الجيل حرا ويحصل على حقه في العمل والتنقل وممارسة كرة القدم”. إن اللاعبين بحاجة إلى المزيد من الحماية فالإساءة العنصرية والتهديدات بالقتل والنعوت النابية ضدهم كلها تعتبر حوادث خطيرة. لذلك لا بد من لم شمل مسؤولي النوادي وكل الهياكل الرياضية وأعضاء المنظمات الخيرية المناهضة للتمييز في كل أرجاء العالم والجلوس إلى طاولة الحوار من أجل إيجاد الحلول لهذه الظاهرة الخطيرة، والحد من تداعياتها في المستقبل القريب والبعيد. وتعد العنصرية من المشاكل الكبيرة التي قد تواجهها في الرياضة، وقد تضطر إلى التعامل مع بعض الأفراد الذين يوجهون تعليقات مؤذية للاعبين حول عرقهم أو لونهم، وبعض هذه التعليقات يمكن أن تجرح المشاعر، إلا أن اللاعب الأسود ليس مضطرا إلى تقبّل هذا النوع من سوء المعاملة كجزء من حياته، بل ويمكنه أن يغير هذا الوضع باتخاذه موقفا ضد هذه الإساءات والاتحاد مع الآخرين. على كل لاعب أن يواجه خوفه ويدافع عن نفسه أو عن أصدقائه أو حتى الغرباء عند مواجهة المضايقات العنصرية، لأن هذا النوع من المضايقات قد يستمر لفترات طويلة، لأن المُعتدين عادةً ما يجدون أن الضحايا لا يدافعون عن أنفسهم. ليس مضطرا إلى أن يرد الإساءة بالإساءة، فقط يجب أن يظهر للمتنمرين أنه لن يسمح لهم بالاستمرار في إطلاق هذا النوع من التعليقات فكل اللاعبين باتوا مطالبين بمحاربة الإساءة بالأخلاق. هم من يملكون زمام الموقف عند قيام أحدهم باستخدام تعليق عنصري أو مُسيء ضدهم، حيث إن رد الفعل القائم على العلم والمعرفة الصحيحة من شأنه أن يصبح مصدر قوة لهم، فعندما يصدر عن أحدهم تعليق عنصري، رُدّ عليه بالمعرفة. بعض هذه الإساءات سببها الجهل، إلا أنها تبقى مؤلمة. باتت العنصرية أبرز ما يطفو على السطح في الملاعب الأوروبية خاصة ضد اللاعبين أصحاب البشرة السمراء أو الأفارقة والعرب، وظهر ذلك جليا في عدد من الملاعب الأوروبية، خاصة إيطاليا وإنكلترا، لكنه بزغ أكثر ضد لاعبين لهم جماهيرية كبيرة، آخرهم الدولي الفرنسي بول بوغبا وماركوس راشفورد والدولي المصري محمد صلاح، لاعب ليفربول الإنكليزي. ولم يكن هؤلاء النجوم هم فقط من تعرضوا لمثل هذه الوقائع حيث سبقهم نجوم كبار مثل المهاجم الفرنسي تيري هنري، نجم أرسنال السابق، إضافة إلى الكاميروني مهاجم برشلونة السابق صامويل إيتو، الذي تعرض لموقفين مختلفين، خلال مباراة فريقه برشلونة أمام ريال سرقسطة، والآخر في مباراة إنتر ميلان، وكالياري في الدوري الإيطالي. وأيضا تعرض هداف كوت ديفوار ديديه دروغبا، لهتافات عنصرية في تركيا، عندما كان لاعبا بفريق قلعة سراي. مواقف كثيرة أساءت للاعبين كبار في دوريات ومباريات لها حجمها العالمي وجمهورها الكبير، ما يحتاج إلى وقفة جادة من الاتحاد الدولي والاتحادات المحلية لوقف هذه الأعمال المسيئة.
مشاركة :