بعد مرور أكثر من أربعة أعوام اتسمت بانخفاض الأسعار، وسوء الأحوال الجوية، وحرب تجارية مع الصين يبدو أن الإحباط المرتبط بالمزارع الأمريكية بدأ يشتد. بالنسبة لأحد الزراع التوقعات المفاجئة التي صدرت الأسبوع الماضي من وزارة الزراعة الأمريكية التي دفعت الأسعار الآجلة للذرة إلى الانخفاض 6 في المائة، وهو أكبر تراجع يومي للأسعار منذ ستة أعوام ربما كانت آخر المشكلات التي لا تطاق. في إطار متصل، قالت الحكومة إن شخصا اتصل هاتفيا مهددا موظفا من وزارة الزراعة الأمريكية كان يشارك في جولة سنوية في المناطق الزراعية جرت الأسبوع الماضي. وأوضحت أنها سحبت جميع موظفيها من الرحلة التي أشرف عليها القطاع الخاص. كان التصور المستقبلي لوزارة الزراعة الأمريكية مذهلا: قالت إنها توقعت انخفاضا بنسبة 4 في المائة فقط عن متوسط محصول عام 2018، على الرغم من وصول معدل هطول الأمطار إلى مستوى قياسي في وقت سابق من العام في الولايات المتحدة التي تعد أكبر منتج للذرة في العالم. جاءت التوقعات في وقت يشهد حصادا وفيرا لدى مصدرين رئيسين آخرين للذرة مثل البرازيل وأوكرانيا. وحذر عبدالرضا عباسيان، خبير اقتصادي كبير في مجال الحبوب في منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة، من أنه في حال تحققت توقعات الحكومة الأمريكية بشأن الأرقام، فإن سوق الذرة العالمية ستعاني إغراقا. "سيكون لديك مخزون ضخم متراكم"، مضيفا: "سيكون هناك كثير من الذرة في العالم". مقارنة بمتوسط تقديرات القطاع الخاص البالغ 13.2 مليار بوشل من الذرة، توقعت وزارة الزراعة الأمريكية أن تحقق الذرة 13.9 مليار بوشل. يتم تداول أسعار الذرة الآن عند 3.6 دولار للبوشل، بانخفاض يبلغ 12 في المائة عما كان عليه قبل نشر البيانات. أثرت التوقعات في الشركات التي تعتمد على الإنفاق الزراعي. "كورتيفا"، شركة الأعمال الزراعية السابقة في مؤشر داو جونز، و"دوبونت" التي توفر البذور والأسمدة، سجلتا بعض التراجع إلى جانب "دير آند كو"، شركة صناعة الجرارات. وانخفضت أيضا شركات التجارة الزراعية التي تتأثر هوامش أرباحها أيضا بأسعار السلع الأساسية. قال محللو السوق إن التباين بين توقعات الحكومة الأمريكية وتقديرات القطاع الخاص ليست غير عادية، لكن الأمطار الغزيرة التي رفعت أسعار الذرة في وقت سابق من هذا العام جعلت التنبؤ أمرا معقدا بشكل خاص. على رأس كل ذلك كان برنامج واشنطن لتعويض الزراع المتضررين من الخلاف التجاري بين الولايات المتحدة والصين الذي شجع الزراع على زراعة أكبر مساحة ممكنة. وقال سيث ماير أستاذ باحث في معهد أبحاث السياسات الغذائية والزراعية في جامعة ميسوري، الذي كان يترأس حتى وقت قريب لجنة وزارة الزراعة الأمريكية التي تشرف على أرقام المحاصيل الشهرية: "كان هذا عاما غير عادي". في الغرب الأوسط عموما تتم زراعة فول الصويا والذرة بالتناوب زراعة فول الصويا يغلب عليها أن تتم عقب زراعة الذرة، لذلك غالبا ما يتحول الزراع الذين يواجهون تأخيرا في زراعة الذرة إلى فول الصويا. مع ذلك، الزراع في الولايات المتحدة تأثروا هذا العام بطفرة الذرة المرتبطة بالأحوال الجوية، إضافة إلى ضعف إنتاج فول الصويا الذي تراجع بسبب المخاوف من آثار الحرب التجارية بين واشنطن وبكين، وكذلك تفشي مرض حمى الخنازير في الصين. وتعد الصين أكبر مستورد لفول الصويا في العالم، فهي تطحنه لتغذية الخنازير والدواجن. في حزيران (يونيو) خفضت وزارة الزراعة أرقامها للزراعة وإنتاج المحاصيل في أعقاب سوء الأحوال الجوية. لكن الزراع كانوا يراقبون نسبة سعر فول الصويا إلى الذرة، التي يغلب عليها أن تتقلب بين 2.5 و3، وكانت قريبة من 2 في نهاية أيار (مايو) وهو مستوى لم نشهده منذ عام 2013، ويدل على عوائد أعلى بكثير للذرة. قال البروفيسور ماير: "الإشارة من السعر تقول: ’إذا كان بإمكانك زراعة الذرة فينبغي أن تزرع الذرة‘". أرقام المحاصيل التي أصدرتها وزارة الزراعة الأمريكية في آب (أغسطس) الجاري كانت أيضا محل اهتمام بسبب الشكوك التي ولدتها بين التجار والمحللين. من ناحية، كانت الزراعة المتأخرة تعني تطور محاصيل أبطأ من المعتاد. ومن ناحية أخرى، أجرت وزارة الزراعة الأمريكية تغييرا على الطريقة التي تجمع بها البيانات لهذا الشهر من خلال إلغاء استطلاعها الميداني "الموضوعي". لانس هونيج رئيس قسم المحاصيل في مصلحة الإحصاءات الزراعية الوطنية التابعة لوزارة الزراعة الأمريكية، قال لـ"فاينانشيال تايمز" إن المسح الميداني لشهر آب (أغسطس) تم إلغاؤه بسبب قلة موثوقية البيانات في الأعوام الماضية. بدلا من ذلك كانت الأرقام تستند إلى استطلاعات رأي عبر الهاتف شملت 21 ألف مزارع. "وجدنا أن المحاصيل التي أبلغ عنها الزراع كانت أكثر دقة". وأضاف: "شعرنا من المنطقي أكثر (...) تركيز مواردنا وجهودنا". تبحث السوق الآن عن أدلة أكثر قوة بشأن المحصول مع دخول أيلول (سبتمبر)، ستجري وزارة الزراعة الأمريكية مسحا ميدانيا كالمعتاد في حين أن الحصاد قد يتأثر بالأحوال الجوية السيئة. قالت إيمي رينولدز الخبيرة الاقتصادية في المجلس الدولي للحبوب، إن هناك تساؤلا أيضا حول مدى تأثير انخفاض الأسعار في رغبة الزراع في حصد كل الذرة التي ينتجونها.
مشاركة :