ظهرت بوادر أمل بشأن الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين أمس، مع إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترمب أن واشنطن ستستأنف "قريبا جدا" المفاوضات مع الصين، فيما دعا كبير المفاوضين الصينيين من جهته إلى "التهدئة". وبعد ثلاثة أيام فقط من إعلان الطرفين فرض رسوم جمركية إضافية، قال ترمب على هامش قمة مجموعة السبع، إنه تلقى اتصالين "جيدين جدا" من مسؤولين صينيين، وفقا لـ"الفرنسية". وأكد، "اتصلت الصين الليلة الماضية وقالت "لنعد إلى طاولة المفاوضات"، إذا سنبدأ التفاوض من جديد قريبا جدا"، مضيفا "يريدون التوصل لاتفاق". وقال إن "لا خيار" أمام بكين سوى الرضوخ للضغوط الأمريكية في الحرب التجارية، موضحا "لا أقصد ذلك كتهديد، لا أعتقد أن لديهم خيارا". وبين في وقت لاحق خلال مؤتمر صحافي مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، أن المحادثات الحالية مع الصين حول الخلاف التجاري بين البلدين "أهم من أي وقت مضى" لأن الولايات المتحدة تمر بوضع جيد اقتصاديا، فيما الصين "تخسر ملايين الوظائف". يأتي ذلك بعد خطوات من ليو هي كبير المفاوضين الصينيين نائب الرئيس الصيني لخفض التصعيد. ونقلت مجلة "كايشين" المالية الصينية عن ليو هي نائب رئيس الوزراء الصيني قوله، "إننا على استعداد لتسوية المشكلة بهدوء من خلال المشاورات والتعاون، نحن نعارض بحزم تصعيد الحرب التجارية". وأكد، "نعارض بشدة أي تصعيد في الحرب التجارية"، وذلك خلال حفل افتتاح معرض "سمارت شاينا إكسبو" لعام 2019 في مدينة شونجكينج جنوب غرب الصين. وزار روبرت لايتهايزر ممثل التجارة الأمريكي، وستيفن منوتشين وزير الخزانة شنغهاي في تموز (يوليو)، للمشاركة في جولة مباحثات وصفت بأنها "بناءة" لكن اختتمت دون أي إعلان. ويأتي الانفراج أمس في هذا الملف بعدما رفع ترمب الرسوم الجمركية على ما يساوي 500 مليار دولار من الصادرات الصينية، في جولة جديدة من التدابير العقابية التي تزعزع الأسواق العالمية. وجاء الإعلان الأمريكي الجمعة بعد تأكيد الصين بشكل مفاجئ أنها ستفرض رسوما جمركية جديدة على ما يساوي 75 مليار دولار من السلع الأمريكية. ويبدأ تطبيق بعض تلك الإجراءات في الأول من أيلول (سبتمبر)، أما الإجراءات المتبقية فستطبق في الأشهر المقبلة. ودعا ترمب على "تويتر" الشركات الأمريكية إلى أن تبدأ البحث عن بديل للإنتاج في الصين، لكنه وكبار مساعديه قللوا لاحقا من أهمية الفكرة. في الأثناء، أعلن جينج شوانج المتحدث باسم الخارجية الصينية، أن لا علم لديه بالاتصالات التي أشار إليها ترمب، وانتقد بشدة فرض رسوم جمركية جديدة خلال مؤتمر صحافي دوري في بكين. وقال، إن الخطوة الأمريكية تشكل "تعديا على قواعد التجارة المتعددة الأطراف، وتلحق الضرر بأمن سلسلة الإمداد الصناعية العالمية، وتضرب التجارة العالمية والنمو الاقتصادي العالمي". وضغط حلفاء الولايات المتحدة على ترمب خلال قمة مجموعة السبع، مع تأكيدهم أن الحرب التجارية تعرض الاقتصاد العالمي للخطر. وانخفضت العملة الصينية إلى أدنى مستوى لها منذ 11 عاما أمس، في ظل التوتر الحالي وتصاعد المخاوف بشأن انكماش اقتصادي عالمي. وبلغت قيمة اليوان 7.1425 مقابل الدولار خلال المبادلات الآسيوية الصباحية، وهو أدنى مستوى له منذ عام 2008. وبلغت قيمته مقابل الدولار بعد الظهر 7.1581. واليوان الصيني غير قابل للتحويل بسهولة، فالحكومة الصينية تفرض قيودا على حركته مقابل الدولار، بنسب يحددها البنك المركزي الصيني يوميا. وخفض البنك المركزي الصيني معدل تحويل العملة خلال الأسابيع الأخيرة، وهو ما سمح بتخفيض قيمته، ما يجعل الصادرات الصينية أقل ثمنا، ويخفف من أعباء الرسوم الجمركية الأمريكية. ويتهم الأمريكيون الصين بأنها تبقي عملتها منخفضة بشكل مصطنع من أجل أن ترفع من مستوى القدرة التنافسية لصناعاتها. وكانت العملة الصينية قد انخفضت مطلع آب (أغسطس) أيضا مع إعلان ترمب فرض رسوم جمركية جديدة على سلع صينية إضافية. وفي سياق ذي صلة، أعلن الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون أنه توصل إلى "اتفاق جيد جدا" مع الولايات المتحدة حول الضرائب على عمالقة الإنترنت، وهو موضوع خلافي بين باريس وواشنطن. وقال ماكرون إن دول مجموعة السبع اتفقت على "التوصل إلى اتفاق عام 2020 في إطار منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية" بشأن ضريبة دولية على شركات الإنترنت واليوم الذي ستطبق فيه، مشيرا إلى أن فرنسا "ستلغي" الضريبة التي تفرضها. في حين، دعت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل الرئيس الأمريكي دونالد ترمب إلى بدء مفاوضات مع الاتحاد الأوروبي حول إلغاء الجمارك على البضائع الصناعية. وقالت ميركل عقب محادثات مع ترمب على هامش قمة مجموعة الدول الصناعية السبع إنه يتعين بدء هذه المفاوضات حتى لو كان هناك من يرى أنه يتعين طرح موضوعات أخرى على الأجندة، وأضافت، "آمل إمكانية حدوث ذلك أيضا". وتعرقل الولايات المتحدة حتى الآن بدء المفاوضات، لأنها تريد التفاوض أيضا حول التبادل التجاري للمنتجات الزراعية. ويرى الاتحاد الأوروبي أن هذا أمر مستبعد حاليا، حيث تخشى فرنسا على وجه الخصوص من أن يتكبد مزارعوها خسائر كبيرة حال تم إلغاء جميع قيود التصدير. ومن المفترض أن تسهم الاتفاقية المنتظرة بشأن إلغاء الجمارك على البضائع الصناعية في الحيلولة دون فرض قيود جمركية على السيارات الأوروبية. وكان ترمب قد هدد بفرض هذه القيود، التي ستضر على وجه الخصوص بقطاع السيارات الألماني، حال عرقل الاتحاد الأوروبي وضع قواعد جديدة للتبادل التجاري. وفي المقابل، أكد الاتحاد الأوروبي أنه لم يتم الاتفاق على إجراء مفاوضات حول الجمارك على المنتجات الزراعية في الاتفاق المبدئي لتخفيف النزاع التجاري الذي تم إبرامه بين ترمب ورئيس المفوضية الأوروبية جان - كلود يونكر عام.2018 ومن جانبها، أشارت ميركل إلى أن الصادرات الأمريكية من الصويا إلى الاتحاد الأوروبي زادت لأكثر من الضعف أخيرا، وقالت: "لدينا بالطبع تغيرات في البنية التجارية مع الولايات المتحدة".
مشاركة :