عمون- في طائرة قديمة تمّ ترميمها تحلّق في سماء غرينلاند الشرقية، يُسقط ثلاثة علماء من "ناسا" أدوات قياس في مياه المحيط المتجمّد الشمالي لتقويم تأثير المحيطات على ذوبان الجليد.يدير جوشوا ويليس (44 عاما) بعثة "أوشن ملتينغ غرينلاند" التي تحلق في طائرة "دوغلاس دي سي 3" منذ العام 2015 فوق هذه الأراضي الدنماركية التي تتمتع بحكم ذاتي والتي ترزح تحت وطأة الاحترار المناخي.وقد دعا عالم المحيطات هذا الذي يرتدي بدلة زرقاء مشابهة لبدلات رواد الفضاء، صحافيين من وكالة فرانس برس للتحليق معه في جولة في السماء القطبية.وقد تناوب ويليس وفريقه على إسقاط مجسات أسطوانية طولها 1,5 متر عبر المضايق الصخرية والأنهار والجبال الجليدية التي يصل ارتفاع بعضها إلى عشرات الأمتار للاستحصال على بيانات تظهر درجة حرارة المحيطات ونسبة ملوحتها.وحذّر العالم من أن "هناك احتمالا أن ترتفع مستويات المحيطات أمتارا عدة خلال المئة عام المقبلة، وهو تهديد كبير لمئات الملايين من الأشخاص حول العالم".يدرس ويليس كيف تؤثر طبقات المياه الأشد دفئا قبالة الساحل على الأنهار الجليدية وتداعيات هذه الظاهرة على سرعة ذوبان الجليد.وقال "يعتقد الكثير من الناس أن الجليد هنا يذوب جراء حرارة الهواء، كما لو يشبه الأمر إلى حد ما مكعبا من الثلج تحت مجفف شعر، لكن في الواقع تلتهم المحيطات أيضا جزءار من الجليد".وقارن الفريق البيانات التي جمعت خلال فصل الشتاء مع البيانات التي جمعت خلال فصل الصيف على مدار خمس سنوات، والهدف من ذلك الحصول على توقعات أكثر دقة لنسبة ارتفاع مستوى سطح البحر.غرينلاند هي جزيرة تبلغ مساحتها مليوني كيلومتر مربع (حوالى أربع مرات مساحة فرنسا) وهي محاطة بغالبيتها بمياه المحيط المتجمد الشمالي ومغطاة بالجليد بنسبة 85 في المئة، وإذا اختفت هذه الطبقة الجليدية فسترفع مستوى المحيط بمقدار سبعة أمتار.وقد ارتفعت درجة حرارة منطقة القطب الشمالي بمعدل يساوي ضعف المتوسط العالمي، وأصبحت غرينلاند نقطة محورية لأبحاث المناخ بالإضافة إلى أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أبدى رغبته بشراء المنطقة الغنية بالموارد.تهتمّ وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) بهذه الظواهر منذ السبعينات بعد الخفض الهائل في ميزانياتها لاستكشاف الفضاء. واليوم، تستخدم أكثر من عشرة أقمار اصطناعية لمراقبة الأرض.يحل إيان ماكوبين وهو أحد العلماء المشاركين في هذه البعثة، محل جوشوا ويليس وقت إسقاط أدوات القياس. وهو أيضا مسؤول عن الخدمات اللوجستية لهذه المهمات.وهو قال "البعد الجغرافي لغرينلاند يمثل تحديا فريدا"، فيما يفك زميله إيان فنتي شيفرة المعلومات التي تنقلها أدوات الاستشعار.وأضاف "هذه البيانات لا تقدر بثمن لأنها تسمح لنا وللمرة الأولى بربط التغيرات في درجات حرارة المحيطات بذوبان الجليد".يفتح ذوبان الجليد أمام حركة الملاحة البحرية الطرق الرئيسة في الشمال لربط المحيط الهادئ بالمحيط الأطلسي، ويثير مطامع القوى العظمى، وأبرزها بالولايات المتحدة والصين وروسيا، على الصعيدين الاقتصادي والجيوستراتيجي.بعد ساعتين من الرحلة، تتجه الطائرة إلى مطار كولوسوك من حيث انطلقت. ومن خلال الفتحات، يمكن رؤية مجموعات من الحيتان التي تتنقل في المحيط بين الجبال الجليدية.على الأرض وفي الفندق الوحيد الموجود في القرية، قدم ويليس وهو يرتدي سترة جلدية مع ياقة عالية ويضع نظارتين شمسيتين أغنية "كلايميت روك" التي استوحاها من المعلومات التي يملكها عزفا على الغيتار أمام الزوار والصحافيين والعلماء، موضحا الفرق بين الطقس والمناخ.بالنسبة إليه، إن الأغنية مثل عمله، هي جزء من محاولة لتوصيل رسالته حول تغير المناخ وارتفاع مستوى سطح البحر.وقال "أشعر بأنني كعالم مناخ لدي مسؤولية تقضي بشرح البيانات التي نحصل عليها للعالم". (ا ف ب)
مشاركة :