اصطدمت السنغالية فاطمة سامورا، الأمينة العامة للاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، في أول أيام مهمتها بالقاهرة لإصلاح شؤون كرة القدم في مصر وأفريقيا، بتصاعد الصدام بين اللجنة الخماسية المكلفة بإدارة اتحاد الكرة المصري، ومركز التسوية والتحكيم الرياضي، وبين قرابة 50 بالمئة من أندية الدوري المحلي، بسبب حكم إلغاء الهبوط إلى الدرجة الثانية الذي أشعل فتيل الأزمة بين أطراف منظومة الكرة. أصدرت اللجنة الاستشارية بمركز التسوية والتحكيم الرياضي في مصر، الأحد، حكما بوقف تنفيذ ترتيب نتائج الدوري الممتاز بالموسم الماضي، وما ترتب عليه من آثار، مع بقاء أندية (النجوم والداخلية وبتروجيت) بالموسم الجديد وإلغاء هبوطهم لدوري الدرجة الثانية، وصعود أندية أسوان وطنطا و”أف.سي مصر”، حيث تقدمت عشرة أندية بالدوري بمذكرة لتجميد الهبوط. تتجاذب الوسط الرياضي في مصر مجموعات مصالح مرتبطة ببعضها، كل طرف يسعى لاستمالة مناصرين له في مواجهة الآخر. هناك اللجنة الخماسية تستقوي بالأندية الشعبية الرافضة لإلغاء الهبوط، بينما تحاول أندية أخرى قيادة دفة التمرد على اللجنة لكسر شوكتها. وأصبحت لجنة إدارة اتحاد الكرة في موقف بالغ الإحراج أمام الـ”فيفا”، لأن الأزمة الراهنة تمثل اختبارا حقيقيا وصعبا للحكم على مدى قدرة أعضاء اللجنة على العبور بكرة القدم المصرية إلى بر الأمان إلى حين إجراء الانتخابات من عدمه، خلال صيف العام المقبل. ضغوط مضاعفة يمثل وجود سامورا في القاهرة لأيام، ضغطا مضاعفا على اللجنة، لأنها مطالبة بحل الأزمة في أسرع وقت، وبطريقة تحول دون لجوء أي طرف إلى الـ”فيفا” أو التحكيم الدولي، ما يعني إخفاق اللجنة في مهمتها وعدم حل المشكلة، وستكون القضية بداية سيئة للموسم الكروي. يوحي الوضع الراهن، أن كرة القدم مهددة بالدخول في نفق مظلم، لأن اتحاد الكرة يرفض تنفيذ حكم إلغاء الهبوط ويعتبره غير إلزامي ولا قيمة له، بينما يرى مركز التسوية الرياضية والأندية الصادر الحكم لصالحها، أن القرار نهائي وتنفيذه واجب. يتبادل أطراف الأزمة النقاش المحتدم حول القضية عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، وجعلت منها مكانا لتبادل الآراء والاتهامات والتهديدات، ما يفضي إلى المزيد من التعقيد، ويصعب مهمة المسؤولين الرياضيين في تجاوز الأزمات المستقبلية. تبرر اللجنة الخماسية موقفها، بأن هذه النوعية من التسويات لا تسري لأنها تتعلق بجوانب فنية ومن صميم عمل اتحاد الكرة، وهناك أكثر من تجربة لهذا الشأن حدثت في المواسم الماضية مع أندية تقرر هبوطها وحصلت على أحكام ولم تنفذ. استندت الأندية إلى مجموعة أسباب دفعتها للمطالبة بإلغاء الهبوط الموسم الماضي، على رأسها إخلال اتحاد الكرة بشروط إدارة المسابقة، مثل عدم إقامة مباريات الجولات الثلاث الأخيرة في توقيت واحد، بما أثر سلبا على مبدأ التكافؤ، ومنح الأندية ذات القوة المالية الفرصة لاستقدام حكام أجانب، وتأجيل مباريات لحساب أندية بعينها. ما يوحي بتصاعد الأزمة خلال الفترة المقبلة، أن اللجنة الخماسية لاتحاد الكرة مطالبة بسرعة إعداد جدول مباريات الدوري المحلي بشكل يحول دون تأجيل أي مباراة. سيناريو معقد يتساءل نقاد رياضيون في حديثهم لـ”العرب”، إذا كان المسؤولون عن الكرة لا يستطيعون رسم سيناريو مباريات الدوري لـ18 فريقا، فماذا سيفعلون مع زيادة العدد إلى 21 ناديا، إذا أٌلغي الهبوط؟ وتدعم أندية الدرجة الثانية فكرة إلغاء الهبوط، وهي أيضا قد أعلنت مقاطعة اللجنة الخماسية المكلفة من الـ”فيفا” لإدارة اتحاد الكرة إلى حين إثبات حسن نواياها، وبالتالي فإن الصراع بين الطرفين سوف يحتدم، طالما تمسكت اللجنة برفض تنفيذ حكم إلغاء الهبوط. في حال رضخت اللجنة الخماسية لضغوط أندية الدرجة الثانية وبعض أندية الدوري الممتاز، ووافقت على تنفيذ الحكم لاستمالة الأندية التي قررت مقاطعتها، سوف تصطدم بعقبة إقناع أندية دوري الدرجة الأولى بتقسيم الفرق إلى مجموعتين، إحداهما من 10 فرق، والثانية تتكون من 11 فريقا، لاختصار فترة لعب المباريات. ولا يتوقع أن يؤثر الحكم على الفرق المصرية المشاركة في البطولة الأفريقية، سواء دوري الأبطال أو الكنفيدرالية، لأن الاتحاد الأفريقي لكرة القدم (الكاف) معني بالتعامل فقط مع الفرق التي ترشحها اتحادات كرة القدم، وليس جهات التسوية والتحكيم. وثمة معضلة أخرى، ترتبط بدخول نادي الزمالك على خط الأزمة، وإعلانه تجهيز دعوى قضائية في مركز التسوية والتحكيم بإلغاء لقب بطولة الدوري في الموسم الماضي وسحبه من غريمه التقليدي، النادي الأهلي، بذريعة أن الحكم بإلغاء الهبوط في الموسم الماضي يعكس عدم شرعية البطولة. ويدفع الزمالك بأن نتائج الدوري أصبحت مجمدة، سواء ترتيب الفرق من قمة الهرم أو من الأسفل، إلى حين التأكد من قانونية نتائج المباريات وتطبيق مبدأ تكافؤ الفرص على جميع الفرق المتنافسة وعدم تضرر أيّ من الفرق. وقال خليل المنيسى، الناقد الرياضي، إن إثارة أزمة إلغاء الهبوط قبل بدء الموسم الكروي بأيام قليلة، سوف توتر الأجواء الرياضية في مصر وتزيد التعصب وتخلق حالة من العداء بين الأندية، ما يصعب من مهمة اللجنة الخماسية في القيام بعملها وتنفيذ تكليفات الـ”فيفا”. وأضاف لـ”العرب” مبينا “ليس هناك مردودات إيجابية على كرة القدم المصرية من إلغاء الهبوط، بل سوف ينعكس ذلك سلبا على المردود الفني لبعض الفرق التي تواجه عثرات مالية، ولا تستطيع التنقل بين المحافظات لتلعب 38 أو 40 مباراة في موسم واحد، وهو ما يصب في صالح أندية كبرى لا تواجه أزمات مادية ولديها وفرة في اللاعبين المتميزين”.
مشاركة :