رحبت الولايات المتحدة مساء أول من أمس الثلاثاء بقرار المملكة العربية السعودية وشركائها في التحالف إنهاء عمليات «عاصفة الحزم» في اليمن، وأبدت إدارة الرئيس أوباما أملها في أن يؤدي قرار المملكة إلى استئناف المفاوضات الدبلوماسية لإنهاء القتال في اليمن. وفي الوقت نفسه، أشار مسؤولون بالإدارة الأميركية إلى أن الوضع في اليمن يبقى غير مستقر، وأن الكثير من العمل يتعين القيام به، فيما ضربت غارات جوية المتمردين الحوثيين أمس بالقرب من المطار القديم جنوب شرق تعز وفي مدنية عدن الجنوبية. وقالت جين بساكي، مديرة الاتصالات بالبيت الأبيض، لشبكة «سي إن إن»، أمس الأربعاء «نحن نحاول إعادة توجيه المسار إلى النقاشات السياسية، ومن الواضح أن المهمة لم تنجز بعد، وهناك عدم استقرار في المنطقة وفي اليمن، وهناك الكثير من العمل الذي يجب القيام به». وحذر الرئيس الأميركي بارك أوباما إيران من محاولة تسليم أسلحة إلى الحوثيين في اليمن يمكن استخدامها في تهديد حركة الملاحة في المنطقة. وقال أوباما في مقابلة مع شبكة «MSNBC» مساء أول من أمس الثلاثاء «لقد كنا واضحين جدا معهم وقلنا لهم إنه إذا كانت هناك أسلحة يتم تسليمها إلى الفصائل داخل اليمن يمكن أن تهدد الملاحة، فإن ذلك يمثل مشكلة». وأضاف «لم نرسل لهم رسائل غامضة، بل أرسلنا لهم رسائل مباشرة جدا حول هذا الموضوع». وأوضح الرئيس الأميركي أن الأزمة في اليمن لا يمكن حلها من خلال الحرب بالوكالة. وقال «قلنا للإيرانيين إنهم بحاجة إلى أن يكونوا جزءا من الحل وليس جزءا من المشكلة». وأعرب أوباما عن أمله في أن يستقر الوضع في اليمن في نهاية المطاف، وأن يجد اليمن ما سماه أوباما «ترتيبا سياسيا». وشدد أليستر باسكي، المتحدث باسم مجلس الأمن القومي، على ترحيب الإدارة الأميركية بإنهاء «عاصفة الحزم»، مشيرا إلى أن إدارة أوباما مستمرة في الضغط من أجل التوصل إلى حل سياسي تتوسط فيه الأمم المتحدة. وأشار مصدر أميركي مسؤول إلى أن البيت الأبيض يخشى أن يؤدي استمرار هجوم «عاصفة الحزم» إلى تدمير أي فرصة للتوصل إلى اتفاق سلام يسمح بإنشاء حكومة فاعلة في صنعاء. وأوضح أن الإدارة الأميركية حريصة على عدم السماح للحملة العسكرية بأن تؤثر على عرقلة المفاوضات الحساسة حول البرنامج النووي الإيراني. وفي رد سريع من البيت الأبيض على إعلان المملكة العربية السعودية وقف «عاصفة الحزم» بعد أن حققت أهدافها في استعادة الحكومة اليمنية، وتدمير أسلحة الحوثيين وانتقال القوات السعودية إلى مهمة جديدة هي «عملية استعادة الأمل»، قالت برناديت ميهان، المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي «إننا نتطلع إلى التحول من العمليات العسكرية إلى استئناف غير مشروط وسريع للمفاوضات بين جميع الأحزاب، بما يسمح لليمن باستئناف عملية انتقالية سياسية شاملة وفقا للمبادرة الخليجية ونتائج الحوار الوطني وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة». ورحب البيت الأبيض باستمرار الأمم المتحدة في لعب دور لتسهيل المحادثات السياسية، وأبدى أمله في أن تعلن الأمم المتحدة عن مكان لاستئناف المحادثات في المستقبل القريب جدا. وقال بيان مجلس الأمن القومي «نحن نحث بقوة جميع الأطراف اليمنية خاصة الحوثيين ومؤيديهم على اغتنام هذه الفرصة للعودة إلى المفاوضات كجزء من الحوار السياسي والسعي بعزم إلى تحقيق انتقال سياسي ديمقراطي». وأضاف البيان «الشعب اليمني يستحق فرصة لإجراء مناقشة سلمية حول الدستور الجديد، والمشاركة بشكل موثوق وآمن على الاستفتاء على الدستور والتصويت في انتخابات وطنية حرة ونزيهة». وأشاد البيت الأبيض بإعلان الملك سلمان توفير 274 مليون دولار للإغاثة الإنسانية الطارئة في اليمن، وقال «نحن أيضا نؤيد بقوة التزام حكومة المملكة العربية السعودية وشركائها في التحالف بتسهيل تقديم المساعدات الإنسانية والطبية للنازحين والجرحى بسبب القتال، ونتطلع إلى هذا التحول من عمليات (عاصفة الحزم) لزيادة فرص المنظمات الإنسانية الدولية واليمنية للوصول وتقديم المساعدة للشعب اليمني». وفي إشارة إلى اتهام للنظام الإيراني بمساندة الحوثيين، قال البيت الأبيض «الولايات المتحدة تؤكد مجددا على التزام جميع الدولي بقرار مجلس الأمن رقم 2216 الذي يحظر توريد الأسلحة وغيرها من المواد ذات الصلة لكبار القادة الحوثيين وكذلك للرئيس الأسبق علي عبد الله صالح وابنه، ومن يدعمهم، وستواصل الولايات المتحدة دعم الجهود الرامية إلى بناء تعاون دولي والسعي لمنع انتهاكات لهذا القرار بما في ذلك تعزيز الرصد البحري والتفتيش من قبل الشركاء الدوليين». وشدد البيت الأبيض على مواصلة رصد التهديدات الإرهابية التي يشكلها تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، واتخاذ الإجراءات اللازمة لتعطيل ووقف أي تهديدات وشيكة للولايات المتحدة. وقال البيت الأبيض إن تنظيم القاعدة في جزيرة العرب سعى للاستفادة من تدهور الوضع السياسي والأمني في اليمن، ونحن نعتقد بقوة أنه من مصلحة الشعب اليمني التوحد لمواجهة التهديد الإرهابي. وأشار محللون إلى أن إدارة أوباما تحاول تحقيق توازن بين طلبات الرياض لمزيد من المساعدات الأميركية وبين رغبة البيت الأبيض في تجنب القيام بأمور تعرقل المحادثات النووية الحساسة مع إيران التي تسابق الزمن للتوصل إلى اتفاق تاريخي بحلول الأول من يوليو (تموز) المقبل، وفي الوقت نفسه دفع الاتهامات القادمة من داخل وخارج منطقة الشرق الأوسط، والتي ترى أن الإدارة الأميركية تغض النظر عن التدخل الإيراني في اليمن للحفاظ على استمرار المفاوضات النووية. وقال سايمون هندرسون، المتخصص في الشؤون الإيرانية بمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، إن فكرة بقاء المحادثات النووية منفصلة عن الأنشطة الإيرانية في اليمن وغيرها من البلدان «فكرة جوفاء».
مشاركة :