واصلت مؤشرات الأسهم العالمية نزيف الخسائر في تداولات أمس الأربعاء، وخضعت الأسواق الأوروبية لضغوط قوية من تراجع نطاقي لعائدات السندات الإيطالية، إضافة إلى تقلبات مالية قوية في الأسواق البريطانية، بعدما تحرك رئيس الوزراء بوريس جونسون لتعليق البرلمان بداية من 11 سبتمبر/ أيلول المقبل وحتى خطاب الملكة في 14 أكتوبر/ تشرين الأول، حيث يعني ذلك تقييد الوقت المتاح أمام البرلمان والذي كان من المفترض أن يشهد تمرير صفقة لعملية مغادرة المملكة المتحدة لعضوية الاتحاد الأوروبي، في حين خضعت مؤشرات «وول ستريت» لضغوط جديدة بسبب تراجع قياسي تاريخي جديد لعائدات السندات لأجل 30 عاماً الذي أجج مخاوف حدوث ركود في أكبر اقتصاد في العالم، إضافة إلى غموض الموقف حول مسار مفاوضات التجارة بين الولايات المتحدة والصين، خاصة بعد إعلان واشنطن أمس بدأ تطبيق التعريفات الجمركية الجديدة والمضاعفة يوم الأحد المقبل.في بورصة نيويورك، انخفضت مؤشرات الأسهم الأمريكية «وول ستريت»، أمس الأربعاء بعد أن تراجع العائد على سندات الخزانة الأمريكية لأجل 30 عاماً إلى مستوى قياسي منخفض جديد، ما زاد المخاوف من ركود وشيك.وانخفض مؤشر داو جونز الصناعي 113 نقطة، أو 0.4%، قبل أن يرتد بمكاسب 200 نقطة في وقت لاحق من الجلسة، كما تراجع مؤشر «إس آند بي 500» بنسبة 0.4% قبل أن يرتد بمكاسب 0.7%، وانخفض مؤشر ناسداك المجمع بنسبة 0.6%، قبل أن يرتد بمكاسب 0.8%، بدعم من قطاع الكاقة.وينظر المتداولون ذوو الدخل الثابت إلى تراجع عائد السندات ذات معدل ال 10 سنوات عندما يكون أقل من عائد العامين على أنه عامل مهم للتنبؤ بالركود، ما يمثل ظاهرة غير عادية حيث يحصل حملة السندات على تعويضات أفضل على المدى القصير. ومع ذلك، يعتقد الخبير الاستراتيجي في «إم آر بي بارتنرز» براجاكتا بيهيد أن المخاوف من الركود قد تكون مبالغاً فيها، وقال في مذكرة «انعكاس منحنى العائد هذا العام هو أحد أعراض ضغوط النمو الخارجية والتشوهات القوية في عائدات السندات العالمية ولا يعكس سياسة الاحتياطي الفيدرالي التقييدية، وبالتالي، فإنه لا يضمن التفسير الاقتصادي الهابط».وأضاف «حتى إذا كان منحنى العائد المقلوب يجسد حالة عدم اليقين لدى المستثمرين بشأن تدهور النمو العالمي... فإن وجهة نظر متوازنة ستظل تشير إلى أن احتمالات حدوث ركود في الأشهر ال 12 المقبلة لا تزيد على 20%».كما يرى محللون أنه في حالة استمرار ارتفاع الدولار الأمريكي بالتزامن مع انكماش الاقتصاد فإن ذلك سيصعب الأمور على الاقتصاد في أن يتعافى، ويتوقع بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك أن هناك احتمالات بأكثر من 30% في أن يتعرض الاقتصاد إلى دورة هبوطية خلال 12 شهراً.وقال بين راندول استراتيجي تداولات النقد الأجنبي في «بنك أوف أمريكا ميرل لنش» في مذكرة أول أمس الثلاثاء إن الاقتصاد الأمريكي بدأ فعلاً يتدهور فيما واصلت العملة الأمريكية ارتفاعاتها، فهو يرى أن ذلك يشير إلى اضطرابات بالأساسيات التي هي غير مستدامة وستجذب انتباه صناع السياسة النقدية، بحسب وكالة «بلومبيرج».وأضاف: «إذا تمكنت الولايات المتحدة من جعل مخاوفها مسموعة مع شركائها الدوليين فهي ستتمكن بشكل أساسي من الحصول على بعض الدعم من أجل التدخل المنسق الذي يكبح قوة الدولار»، وأكد راندول على أن الأمر سيستغرق أكثر من شهرين ليرى أي اثنين من الأنماط التاريخية سيتحقق.وتدفقت الأموال الدولية إلى الدولار الأمريكي وسط تصعيد الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة، وذلك لأن الولايات المتحدة تتفوق على الدول المتقدمة الرئيسية الأخرى استناداً على وسيلتين رئيسيتين وهما النمو الاقتصادي الأعلى وعوائد السندات الأعلى.ومن جانبه قال آندي سايرونكسكي المحلل في «كلارتي إف.إكس» إن قوة الدولار على مدار العام الماضي تؤكد على الضعف في كل مكان آخر في أنحاء العالم، «عدم اليقين يجعلني أشعر بعدم الاستقرار».وأضاف: «إذا خفض بنك الاحتياطي الفيدرالي معدل الفائدة سيضعف الدولار ولكن القضايا التي تحدث حول العالم ستعوض ذلك الضعف.. مشكلة قوة الدولار لن تُعالج».وفي القارة العجوز، تراجعت الأسهم الأوروبية أمس الأربعاء، وقادت أسهم التكنولوجيا الخسائر، مع تنامي المخاوف من أن تكون الاقتصادات الكبرى على شفا الركود.وانخفض المؤشر ستوكس 600 للأسهم الأوروبية 0.47%، وسجل المؤشر الألماني داكس الذي يتأثر بالتجارة انخفاضاً بنسبة 0.54%.وكان أكبر الخاسرين على المؤشر داكس هم ساب للبرمجيات وإنفنيون تكنولوجيز لصناعة الرقائق وشركة واير كارد للمدفوعات، إذ نزلت أسهم تلك الشركات بنسب تراوحت بين 0.9 و1.2%.وصعد سهم بي.بي 1.1% ليعطي أكبر دعم للمؤشر الرئيسي، بعد أن اتفقت شركة النفط العملاقة على بيع أصولها في ألاسكا مقابل 5.6 مليار لشركة هيلكورب إنرجي ذات الملكية الخاصة.وفي آسيا، سجل المؤشر نيكاي القياسي مكاسب طفيفة أمس الأربعاء بفضل مشتريات الأسهم الدفاعية مثل شركات الاتصالات وتلك المرتبطة بالمستهلكين، لكن المخاوف بشأن العلاقات الصينية الأمريكية كبحت المكاسب.وصعد المؤشر نيكاي القياسي 0.15% إلى 20487.22 نقطة، إذ لقي بعض الدعم من صعود العقود الآجلة للأسهم الأمريكية لكنه لا يزال قريبا من أقل مستوى في سبعة أشهر الذي لامسه في وقت سابق من الشهر والبالغ 20110.76 نقطة.وارتفع المؤشر توبكس الأوسع نطاقاً 0.11% إلى 1491.31 نقطة، ويسود القلق الأسواق المالية جراء محادثات التجارة المستمرة منذ فترة طويلة بين الولايات المتحدة والصين وتنامي الشكوك في إبرام الجانبين اتفاقاً تجارياً على الأمد القريب.وقفز سهم شركة الاتصالات إن.تي.تي 2.6% بينما زاد سهما شركتي الهاتف المحمول كيه.دي.دي.آي 2.5% ودوكومو 1.9%. وفقد سهم شركة مستحضرات التجميل شيسيدو 2.1%.وسجل مؤشر شركات صناعة الآلات، أحد القطاعات الأكثر تأثر بالحرب التجارية الصينية الأمريكية، أسوأ أداء بين القطاعات بنزوله 0.8%. هبوط عائد السندات الأمريكية لمستوى قياسي جديد تراجع العائد على سندات الخزانة الأمريكية لأجل 30 عاماً إلى مستوى قياسي منخفض جديد خلال تعاملات أمس الأربعاء.وهبط العائد على سندات الخزانة الأمريكية لأجل 30 عاماً بمقدار نقطتين عند 1.929%، بعد أن سجل مستوى 1.906% في وقت سابق من التعاملات وهو أدنى مستوى على الإطلاق، أما العائد على سندات الخزانة الأمريكية لأجل 10 أعوام فزاد بمقدار نقطة واحدة إلى 1.479%، وتراجع العائد على سندات الخزانة الأمريكية لأجل عامين بمقدار نقطة واحدة إلى 1.524%.كما انعكس منحنى العائد بين السندات الأمريكية لأجل عامين و10 سنوات، حيث تراجع عند مستوى 6.2 نقطة للمرة الأولى منذ 2007، ويشير انعكاس منحنى العائد بين السندات الأمريكية إلى مخاوف المستثمرين من حدوث ركود اقتصادي عالمي.وتتزامن تلك المخاوف مع تنامي التوترات التجارية بين الصين والولايات المتحدة، مع تطبيق تعريفات جمركية جديدة فيما بينهما. ..وانخفاض على السندات العشرية الإيطالية تراجع العائد على السندات العشرية الإيطالية ( لأجل عشر سنوات ) بواقع 11 نقطة أساس، لينخفض العائد إلى مستوى قياسي بلغ 1.026%.وذكرت أمس وكالة أنباء بلومبيرج، أن هذا الانخفاض يأتي على خلفية عقد قادة حزب «حركة الخمس نجوم» والحزب الديمقراطي في إيطاليا محادثات أمس لمحاولة التوصل إلى اتفاق حول تشكيل ائتلاف حاكم جديد قبيل انتهاء المهلة التي حددها الرئيس الإيطالي سيرجيو ماتاريلا لذلك. (د ب أ)
مشاركة :