يوسف أبو لوز علامات الثقافة وإشاراتها ومفرداتها في الشارقة يمكن معاينتها في البيئات الثلاث: الجبل، الصحراء، البحر، وفي مبادرة ذكية حوّلت المكان الشاطئي إلى فضاء ثقافي أو فضاء مفتوح للقراءة والتشجيع عليها نشرت مكتبة الشارقة الشاطئية رسومات مستوحاة من عدد من الكلاسيكيات الروائية العالمية التي يعود بعضها إلى أدب القرن التاسع عشر، وذلك على منصّات مراقبة السابحين على شاطئ الخان في الشارقة بالقرب من حيّ الخالدية حيث يزدحم الشاطئ وبخاصة عند ساعات ما بعد العصر بعشاق البحر، ومن بينهم شباب وشابات وأطفال كان مدهشاً لهم أن يجدوا في هذا المكان الشاطئي ما يشجعهم على القراءة.مبادرة مكتبة الشارقة الشاطئية الجميلة هذه جاءت بالتعاون مع «شروق»، و«ثقافة بلا حدود»، ونادي سيدات الشارقة، وكان متاحاً للمتنزهين على البحر في ساعات الصباح والمساء أو في أي وقت أن يطالعوا عناوين روايات ذات صلة مباشرة بثقافة البحر مثل: رواية الشيخ والبحر للكاتب الأميركي ارنست همنغواي (1899-1961) ورواية مرآة البحر للكاتب الإنجليزي من أصل بولندي جوزيف كونراد (1857-1924) ورواية الحوت الأبيض للأمريكي هرمان ملفيل (1819-1891) ورواية حورية البحر للكاتب الدنماركي هانس كريستيان أندرسن (1805-1875).عناوين الروايات وأسماء مؤلفيها والرسومات المستوحاة من كل رواية كانت متاحة لكل مرتادي شاطئ بحر الخان في الشارقة، ومثل هذه الدعاية الجميلة للقراءة هي طريقة جديدة ومبتكرة، وتعطي فضاء الاصطياف والاستجمام نكهة ثقافية ولو سريعة، فالقارئ على الأقل سيبحث عن ملخصات مكثفة لهذه الروايات، وسيدفعه فضوله إلى معرفة حيوات مؤلفي هذه الأعمال الروائية العالمية، وفي كل الأحوال سيقرأ.ثقافة القراءة في كل أنحاء العالم لها مداخل، والذكاء هنا كيف نعرف المدخل بحيث يكون سلساً وناعماً ومن شأنه أن يستدرج إلى القراءة.نحن نقرأ في السفر مثلاً، وبخاصة في الرحلات الطويلة التي تتجاوز الخمس ساعات، ومدخل شركات الطيران هنا للقراءة هو المسافر نفسه عندما يُفاجأ أن تحت منضدة الطعام رواية تتحدث عن السفر أو تتحدّث عن الطيران.مكتبة الشارقة الشاطئية جذبت روّار الشواطئ إلى روايات موضوعها واحد هو البحر، وما يتفرّع عنه من موضوعات ذات صلة به، ومدخلنا إلى الشغوفين برياضة الجبال مثلاً.. روايات تتحدث عن الجبال، أبطالها جبليون، ووقائعها تتماهى مع الفضول الذي يحمله الإنسان دائماً حول الجبال، وكذلك مدخلنا إلى عشاق الصحراء روايات تتحدث عن الصحراء أبطالها صحراويون ووقائعها تتماهى مع غموض الرمل وجمالياته وغموضه..أردت القول إن تربية إنسان ما على القراءة إنما تنطوي على ذكاء وبديهة نشطة.. هذا ما توفّر لمكتبة الشارقة الشاطئية. yabolouz@gmail.com