انتقلت معركة «بريكست» في بريطانيا، أمس الخميس، إلى القضاء، بعدما تسبب قرار رئيس الوزراء بوريس جونسون، تعليق عمل البرلمان لأكثر من شهر، في عاصفة سياسية، وسخط كبير في المملكة، وصف معها ب«الفضيحة الدستورية»، قرر معها نواب الطعن عليه أمام القضاء، وأعلنت زعيمة المحافظين الإسكتلنديين استقالتها، وسط تظاهرات شهدتها مدن عدة، هتف فيها المحتجون، رافعين الأعلام الأوروبية، «أوقفوا الانقلاب»، كما عبر أكثر من مليون شخص عن رفضهم لقرار جونسون في عريضة على الإنترنت، في وقت أعرب فيه الاتحاد الأوروبي عن قلقه إزاء تداعيات «الخروج الفوضوي» لبريطانيا. وتواصلت، أمس، التصريحات السياسية المنددة، بقرار جونسون، تعليق عمل البرلمان بدءاً من الأسبوع الثاني من سبتمبر/أيلول المقبل، وحتى منتصف أكتوبر/تشرين الأول، والتي رأتها المعارضة «مناورة سياسية» لتمرير الخروج الفوضوي؛ إذ اتهم نواب من حزب العمال الحكومة ب«الكذب» بشأن عرض برنامجها، وتعهدوا بعدم السماح بقيام ديكتاتورية في البلاد. وتظاهر آلاف الأشخاص في لندن ومانشستر وادنبره ومدن كبرى أخرى، منددين بقرار جونسون، كما تجمع المئات أمام البرلمان، ورفعوا العلم الأوروبي، قبل أن ينتقلوا إلى التظاهر أمام مقر الحكومة، وستنظم تجمعات أخرى في عطلة نهاية الأسبوع. وأعلنت زعيمة حزب المحافظين الإسكتلندي، روث ديفيدسون التي تتمتع بشعبية كبيرة، أمس، استقالتها. وتحدثت ديفيدسون، المؤيدة لبقاء بريطانيا ضمن الاتحاد في رسالة استقالتها عن «التناقض» الذي «شعرت به بشأن بريكست»، وبررت السيدة الأربعينية قرارها بأسباب عائلية أيضاً. وقالت جينا ميلر، سيدة الأعمال والناشطة المناهضة ل«بريكست» التي تقدمت بطعن أمام القضاء الإنجليزي: «ليس هناك مثال في التاريخ الحديث تم فيه اللجوء إلى تعليق البرلمان بهذه الطريقة»، وأضافت: «يبدو أنه تم اللجوء إلى ذلك لمنع البرلمان من التشريع ضد غياب اتفاق». وربحت ميلر في 2017 معركة قضائية لإجبار الحكومة التي كانت تقودها تيريزا ماي حينذاك، على التشاور مع البرلمان حول عملية الانسحاب. ومن جهتها، طلبت مجموعة تضم نحو 75 برلمانياً مؤيدين لأوروبا من أعلى هيئة مدنية في إسكتلندا الاستماع إليهم بشكل عاجل بانتظار جلسة حول القضية في السادس سبتمبر/أيلول المقبل. ومن جهته، قال الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان، جاكوب ريس موج: «إن البرلمان ما كان سينعقد في الجزء الأكبر من هذه الفترة، وهذا دستوري ومناسب تماماً». وأضاف ريس موغ لشبكة «بي بي سي»، أمس، «أعتقد بأن هذا الاستياء لا مبرر له، ويثيره أشخاص لا يريدون أن نغادر الاتحاد الأوروبي»، على الرغم من أن 52% من البريطانيين صوتوا ل«بريكست» في استفتاء 2016. وتجاوز عدد الموقعين لعريضة ضد قرار جونسون، على الموقع الرسمي «بيتيشن. بارلمانت. يو كي» 1,3 مليون توقيع، وفي المملكة المتحدة، أي عريضة تحصل على أكثر من مئة ألف توقيع يمكن أن تؤدي إلى فتح نقاش برلماني. وتعهد جون ماكدونيل، إحدى أهم شخصيات حزب العمال، إن حزبه لن يسمح ب«ديكتاتورية» في المملكة المتحدة. وأبرزت الصحف البريطانية، قرار جونسون، وكررت عناوينها كلمات مثل «تمديد» و«دولة مارقة»، موردة بذلك تعليقات مسؤولين سياسيين مستائين، وخاصة رئيس مجلس العموم جون بيركو الذي رأى في قرار جونسون «فضيحة دستورية»، كما اعتبره زعيم حزب العمال جيريمي كوربن «تهديداً للديمقراطية» في البلاد. واتهم النائب العمالي، باري جاردينر، الحكومة ب«الكذب» بتأكيدها أنها تريد عرض برنامجها. وأضاف أن النواب سيطلبون جلسة نقاش عاجلة، ليحاولوا إطلاق تشريع ضد «بريكست بلا اتفاق»، السيناريو الذي يثير مخاوف من نقص في المواد وإعادة فرض رسوم جمركية. وتسبب القرار أيضاً في استياء بين المحافظين المعتدلين؛ إذ وصفه وزير المال السابق فيليب هاموند بأنه «فضيحة دستورية». ومن جهة أخرى، أعرب وزراء خارجية ودفاع الاتحاد الأوروبي في اجتماع بهلسنكي، عن قلقهم إزار قرار تعليق البرلمان البريطاني، مؤكدين أنه ليس من مصلحة أحد الخروج الفوضوي لبريطانيا من الاتحاد. (وكالات)
مشاركة :