تشهد تونس الشهر المقبل للمرة الأولى ثلاث مناظرات تلفزيونية بين المرشحين للانتخابات الرئاسية المبكرة المقررة في 15 سبتمبر، بهدف توضيح الصورة للناخبين قبل تحديد خياراتهم. ويشارك في تنظيم المناظرات التلفزيون الحكومي والهيئة العليا المستقلة للانتخابات والهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري ومنظمة “مبادرة مناظرة”. وقال محمد لسعد الداهش الرئيس المدير العام لمؤسسة التلفزيون التونسي في مؤتمر صحافي الأربعاء إن المناظرات التي اختير لها عنوان “الطريق إلى قرطاج-تونس تختار”، هي “محاولة لنترك المجال للناخب لاكتشاف حجم كل مرشح”. ولفت إلى أن المناظرات الثلاث ستبث في شكل متزامن على عدد من القنوات المحلية وستراعي مبدأ المساواة الزمنية في مداخلات المرشحين. وأوضح رئيس هيئة الاتصال السمعي البصري النوري اللجمي أن هيئة الاتصال وهيئة الانتخابات “ستعملان على مراقبة هذه المناظرات بدقة وستتخذان الإجراءات اللازمة إذا ثبت وجود خروقات يمكن أن تؤثر على المرشح” لأنها المرة الأولى التي تشهد تونس هذا الأمر. وتستمر المناظرة الواحدة ساعتين ونصف الساعة وستجرى المناظرات الثلاث في الأيام 7 و8 و9 سبتمبر. وتتضمن المناظرة ثلاثة محاور تشمل أسئلة عن صلاحيات رئيس البلاد والبرنامج الانتخابي ومدى إلمام المرشح بالجانب المعرفي. ووفقا لرئيس منظمة “مبادرة مناظرة” بلعباس بن كريدة، يهدف تنظيم المناظرات إلى “تعزيز الديمقراطية في تونس”. ودعى إلى انتخابات رئاسية مبكرة في تونس بعد وفاة الرئيس الباجي قائد السبسي، أول رئيس منتخب ديمقراطيا بالاقتراع العام في تاريخ البلاد الحديث. المناظرات التلفزيونية لمرشحي الرئاسة تتضمن ثلاثة محاور تشمل أسئلة عن صلاحيات رئيس البلاد والبرنامج الانتخابي ومدى إلمام المرشح بالجانب المعرفي ويتنافس فيها 26 مرشحا أبرزهم رئيس الحكومة يوسف الشاهد والقيادي في حركة النهضة عبدالفتاح مورو ووزير الدفاع المستقيل عبدالكريم الزبيدي ورجل الإعلام الموقوف بتهم تبييض أموال نبيل القروي. وأوضح حمادي الغيداوي المنسق العام للانتخابات في التلفزيون الوطني، أن المناظرات ستقوم على ثُنائي في التقديم امرأة ورجل، موضحا أنه في حال كان المقدم رجلا من التلفزيون الوطني فستكون امرأة من القطاع الخاص والعكس بالعكس. وأكد حمادي الغيداوي أنه في صورة نجحت تجربة المناظرات في الانتخابات الرئاسية فإن التلفزيون الوطني سينظم مناظرات في الانتخابات التشريعية. وتعمل في تونس 13 قناة تلفزيونية هي قناتان حكوميتان و11 قناة خاصة و39 إذاعة أصبحت تمنح مساحات واسعة من برامجها للنقاش السياسي. وفتحت ثورة 2011 التي أدت إلى سقوط نظام الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي، الباب أمام طفرة إعلامية مع تحرر المضامين الإعلامية في سياق مرحلة جديدة لافتة. لكن مع هذا التحرر، ظهرت العديد من المشكلات، على رأسها توظيف بعض وسائل الإعلام لخدمة أجندات سياسية، ومع احتدام المنافسة الانتخابية أثير الكثير من الجدل حول علاقة الإعلام بالسياسة، حيث أصدرت نقابة الصحافيين التونسيين بيانا الأربعاء نبّهت فيه إلى تلوّث المشهد السياسي وتعويض المنافسة السياسية النزيهة والنقاش الجاد والمثمر بصراع حاد وتكالب على السلطة استعملت فيه كل الطرق والوسائل غير المشروعة، من ممارسات مافيوية من جهة وتوظيف لأجهزة الدولة من جهةأخرى. وأشارت النقابة إلى أن وسائل الإعلام أصبحت الفضاء الرئيسي لصراع يضرّ بالصالح العام ويضرب الثقافة الديمقراطية وينفّر المواطنين من المشاركة في الحياة السياسية والانتخابات. وعبّرت النقابة عن رفضها ممارسات بعض الصحافيين ومقدمي البرامج في الاصطفاف وراء بعض الأجندات الانتخابية والانخراط في حملات تضليل وتشويه لا علاقة لها بأخلاقيات المهنة وندّدت بتوظيف عدد من أصحاب وسائل الإعلام لمؤسساتهم للدعاية والإشهار (الإعلان) السياسي وتسخيرها لصالح مرشحين بعينهم. المناظرات التي اختير لها عنوان "الطريق إلى قرطاج-تونس تختار"، هي محاولة لنترك المجال للناخب لاكتشاف حجم كل مرشح وستبث المناظرات الثلاث في شكل متزامن على عدد من القنوات المحلية وستراعي مبدأ المساواة الزمنية في مداخلات المرشحين ولفتت النقابة نظر أعضائها إلى أنها وكما تضع مرصدها لحمايتهم ضد كلّ التهديدات والضغوط، فإنّها ستكون حازمة وصارمة في التصدي لأيّ إخلالات مهنية وأخلاقية. وتوجهت إلى الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري والهيئة العليا المستقلة للانتخابات بالدعوة إلى نجاعة أكبر في التعاطي مع تجاوزات وسائل الإعلام في تغطية المسار الانتخابي والتدخل الفوري في تفعيل صلاحياتهما. وعبرت عن مساندتها لجهود الصحافيين المحترفين في ضمان تغطية صحافية متوازنة ومنصفة وموضوعية للمسار الانتخابي، وإتاحة الفرص أمام كل المرشحين للانتخابات وفق مبدأ الإنصاف والمساواة، داعية مسؤولي التحرير في كل وسائل الإعلام إلى تحمل مسؤولياتهم الأخلاقية والمهنيّة في تقديم مضمون إعلامي موضوعي ومتوازن وحيادي وتفعيل كلّ آليات التعديل الذاتي. وذكّرت نقابة الصحافيين بـ”الانحرافات التي رافقت الاستحقاق الانتخابي وانعكاساتها بشكل سلبي على الفضاء العام وخاصة وسائل الإعلام“. واعتبرت أنّ فشل منظومة الحكم في إرساء الإصلاحات الضرورية واستكمال بناء المؤسسات الدستورية على غرار المحكمة الدستورية والهيئات المستقلة المتصلة بحقوق الإنسان ومكافحة الفساد وحرية الإعلام، عمّق المخاوف من إمكانية إفشال المسار الديمقراطي.
مشاركة :