جاك لانغ: أحببت العربية منذ طفولتي

  • 8/30/2019
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

يعتبر الأستاذ جاك لانغ رئيس معهد العالم العربي في باريس شخصيّة متميّزة، فهو متعدّد الاهتمامات والمواهب، تربطه صداقات قويّة بالعرب. هو سياسي ومسرحي وشاعر ومثقّف كبير.. شغوف بالثّقافة والأدب والمعرفة والفكر.. لا يخفي محبّته للّغة العربيّة وللثّقافة العربيّة الإسلاميّة والتّراث العربي الإسلامي، وقد دعّم اللّغة العربيّة ووسّع انتشارها عندما كان وزيراً للثّقافة وللتّعليم في فرنسا، وهو الذي يعتبرها لغة عالميّة رائعة وجميلة ويدعو أصدقاءه العرب إلى أن يعتزّوا بها. كما نوّه بالتّعاون المثمر بين المملكة ومعهد العالم العربي، ويعبّر عن إعجابه بما تشهده المملكة من تقدّم حضاري وتحديث ومن حركة ثقافيّة وفنيّة وفكريّة وعلميّة قويّة. ويؤكّد أنّ للمعهد دوراً معرفيّاً وثقافيّاً وفكريّاً وحضاريّاً إستراتيجيّاً، ويقول إنّه «همزة وصل وجسر لقاء وحوار بين الشّرق والغرب»، وله دور مهمّ وكبير في التّواصل بين فرنسا والعالم العربي بصفة خاصّة وبين أوروبا والعالم العربي بصفة عامّة. «ثقافة اليمامة» التقت جاك لانغ، المتواضع جدّاً، وكان هذا الحوار: دور إستراتيجي * ما أهميّة وجود معهد العالم العربي في باريس؟ - إنّها أهميّة كبيرة نظراً لدوره الإستراتيجي المعرفي والثّقافي والفكري والحضاري في التّواصل بين فرنسا والعالم العربي بصفة خاصّة من ناحية وبين أوروبا والعالم العربي بصفة عامّة من ناحية أخرى، بواسطة الأنشطة الثّقافية والفكريّة والعلميّة والتّربويّة والفنّية وغيرها من خلال المعارض والنّدوات والملتقيات وحوار الثّقافات والحضارات. وكنّا منذ مدّة نظّمنا معرضاً ضخماً وممتازاً عن مكّة المكرّمة والمدينة المنوّرة زاره جمهور كبير تعرّف فيه آلاف من الزّوّار من الفرنسييّن والأوروبييّن على الحجّ في الدّين الإسلامي، وقد انبهروا كثيراً بمحتويات المعرض واستفادوا منه. همزة وصل * ما أبرز الإنجازات التي حقّقتها في المعهد إلى حدّ الآن؟ - هناك إنجازات كثيرة، من أهمّها تمتين العلاقات مع العالم العربي، ولا أخفي أنّي منبهر بحضارة الشّرق.. وقد عزّزت تعليم اللّغة العربيّة ووسّعت انتشارها في فرنسا ودعمت الثّقافة العربيّة الإسلاميّة وفنونها وتراثها، وربطت شبكة علاقات وصداقات مع كثير من المسؤولين والمفكّرين والمثقّفين والمبدعين والفنّانين العرب، ونظّمت عدّة معارض فنّية تشكيليّة وحفلات موسيقيّة لرسّامين وموسيقييّن عرب. وبذلك فإنّ معهد العالم العربي هو همزة وصل وجسر لقاء وحوار بين الشّرق والغرب في جميع ميادين الثّقافة والمعرفة والفنّ و اللّغة. اللّغة العربيّة رائعة * ما سرّ محبّتك للّغة العربيّة؟ - أنا منذ صغري أحبّ اللّغة العربيّة والثّقافة العربيّة والتّراث العربي، فعلى العرب أن يعتزّوا بلغتهم لأنّها لغة رائعة، إنّها لغة عالميّة جميلة، وعليهم أن يفخروا بتاريخهم العربي وبالثّقافة العربيّة التي هي من أعظم الثّقافات العالميّة وأغناها، ولديّ مشروع لدعم تعليم اللّغة العربيّة عبر المعهد في فرنسا. وإنّ تعليم اللّغة العربيّة أمر دافعت عنه كثيراً في فرنسا عندما كنت وزيراً للتّربية والتّعليم، وحالياً يسهم معهد العالم العربي في تعزيز اللّغة العربيّة في العالم، وهذا شيء جيّد وطبيعي لأنّ من مهمّة المعهد إبراز التّراث العربي والثّقافة العربيّة. تعاون مثمر * كيف تقيّم التّعاون بين المملكة والمعهد؟ - بين المملكة العربيّة السّعوديّة ومعهد العالم العربي تعاون مثمر في عدّة مجالات خاصّة في مجال التّراث. أنا أتابع مسيرة التّطوّر الثّقافي والفنّي والتّربوي والعلمي في المملكة التي حقّقت خطوات عملاقة في التّقدّم الحضاري والتّحديث. وفي المملكة نساء ورجال مبدعون بارعون وحركة ثقافيّة وفنّية وفكريّة وعلميّة قويّة، وهي زاخرة بالتّراث العربي الإسلامي وبالفكر العربي الإسلامي، وقد استفادت منه الإنسانيّة كلّها في عصور مختلفة وصولًا إلى عصرنا الحالي. ونحن نطمح إلى مزيد من التّعاون والتّواصل بين المملكة ومعهد العالم العربي. بين الثّقافة والسّياسة * أنت مثقّف وشاعر ومسرحي وكاتب وكنت وزيراً للثّقافة ووزيراً للتّعليم في فرنسا، فما الذي جاء بك إلى السّياسة؟ - بدأت بالدّفاع عن حريّة الشّعوب المضطهدة والمستعمرة في بدايات خمسينيات القرن الماضي خاصّة في الهند الصّينيّة والجزائر وتونس والمغرب إلى جانب بيار مانديس فرانس رئيس الحكومة الفرنسيّة في عامي 1954م و1955م ثمّ مع الرّئيس الفرنسي الأسبق فرانسوا ميتران من سنة 1981م إلى سنة 1995م. أحبّ الثّقافة والمسرح والتّعليم والقانون، وكنت أستاذاً في الحقوق.. المسرح أحبّه منذ شبابي، وقد أنشأت في الجامعة مسرحاً للطلاب ونظّمنا مهرجاناً مسرحيّاً للطّلبة في السّبعينيات، وكان أوّل مهرجان في فرنسا من هذا النوع.. لأنّ المسرح كان جزءاً من ثقافة فرنسا منذ موليار والنّاس يحبّون المسرح كثيراً في فرنسا. وكنت اهتممت بالسّياسة خلال الحروب الاستعماريّة، وقد شعرت بالغضب في حرب الهند الصّينيّة ورفضت الحرب في الجزائر.. فالسّياسة بدأتها مع الرّئيس ميتران.. وكان هناك يساران في فرنسا، يسار غي مولي الذي شنّ الحرب على الجزائر ويسار ميتران الذي كان مع استقلال الشّعوب وتقرير المصير. كنت سعيداً عندما عيّنت وزيراً للثّقافة في أوّل حكومة لميتران في سنة 1983م، وكنت أشعر بالشّرف لتحقيق أحلام الشّباب في فرنسا، وميتران رفع ميزانيّة وزارة الثّقافة لخدمة الفنون كالمسرح.. وقد أثارت مبادراتي رفض البعض ودعم آخرين، والذين دعّموني كانوا معي من أجل تقريب الثّقافة من المواطن، كنت وزيراً شابّاً على رأس وزارة الثّقافة.. كنت محظوظاً لأنّي حظيت بدعم مختلف الأوساط الثّقافية والفنيّة في فرنسا وخارجها. مع السّلام والمحبّة والحوار * ماذا تقول في خاتمة هذا الحوار؟ - أنا أؤمن بالسّلام والمحبّة والحوار الثّقافي والحضاري بين الشعوب.. وإنّ معهد العالم العربي سيواصل دوره في سبيل ذلك بين العرب وفرنسا وأوروبا. أنا أحبّ الثّقافة العربيّة الإسلاميّة واللّغة العربيّة وسأواصل الدّفاع عنهما ودعمهما في العالم.

مشاركة :