لا شك بأن الأرض غالية والأرض فى الأدب الشعبى المصرى تماثل "العِرضْ" أو الشرف!! ولعل الإسطورة الشعبية التى تغنى بها المصريون تدليلاً على قيمة الأرض قصة (عواد باع أرضه يا ولاد- شوفوا طوله وعرضه يا ولاد) ذات دلالة على قيمة الأرض للمصريين !!ومع تطور وسائل الحياة الإقتصادية والسياسية كانت الأفكار منذ القرن الثامن عشر تنظر لفكرة إستغلال أرض ما لمشروع ما ثم إعادة الأرض وما عليها لأصحابها بعد فترة من الزمن يتفاوض عليها أصحاب الأرض مع أصحاب المشروع ولعل أهم تلك المشروعات التى خصصت لهذه الإفكار هو مشروع إنشاء قناة السويس شركة مساهمة بحرية فقد شقت القناة وفق مرسوم إتفاق بين الخديوى سعيد باشا 1856 ومستر "فريدناند دليسبس" ممثلاً للشركة الفرنسية الإنجليزية وإستكمل المشروع حتى إفتتحه الخديوى إسماعيل باشا 1864 وكانت الفترة المحددة مائة عام أى يتم تسليم القناة عام 1964 إلا أننا قد إستخدمنا حق الدولة فى تأميم مرافقها لإحتياجاتها الإستراتيجية فى يوليو 1956 حينما أعلن الرئيس جمال عبد الناصر تأميم قناة السويس البحرية "شركة مساهمة مصرية"حتى نستطيع أن نضخ أموال لبناء السد العالى الذى إمتنع عن تمويله الدول التى تستفيد من قناة السويس دون وجه حق بعد أن نهبت مصر فى نصوص الإتفاقيات التى أبرمت مع الخديوى نتيجة تعثر مصر مالياً – ومجىء"بيت الدين" إلى ميدان العتبة بالقاهرة لكى يحصد ما تجنيه مصر لسداد ديونها ومع ذلك كانت القناة مصرية وقد شقت بأيادى مصرية وحق عودتها أو إستردادها للوطن كان قادماً قادماً لا محالة !!وهو ما حدث أيضاً فى جزيرة "هونج كونج" عام 1899حينما إستغلت لمدة" مائة" عاماً كحق إنتفاع للمملكة المتحدة (بريطانيا العظمى) وإنتهى هذا الحق عام 1999وإرتفع علم الصين مالكة الجزيرة مرة أخرى وعادت "هونج كونج" إلى أصحاب الأرض وإلى الوطن بعد أن أصبحت أكبر مركز للتجارة فى العالم.وقبل هذا التاريخ بعامين وبعد أن تمت إتفاقية "كامب ديفيد" بين "مصر وإسرائيل" برعاية الولايات المتحدة الأمربكية عام 1977 جاء إلى مصر من يتفاوض على أن تكون شبه جزيرة سيناء منطقة حرة حيث قدمت لهذا شركة "جونسون أند بارتنرز" وهى أكبر الشركات العاملة فى "هونج كونج" حينها إستعداداً للخروج من الجزيرة بعد عودتها إلى الوطن الأم جمهور الصين الشعبية !وكان المتحدث مع هذه الشركة المرحوم المهندس/عثمان أحمد عثمان وكان وقتها وزير للتنمية الشعبية وجاء إلى الرئيس السادات (رحمهما الله)شارحاً له الفكرة وكان رد السادات أنهم خرجوا من الباب يقصد "إسرائيل" ويريدون العودة من الشباك ورفض المشروع !!ولكن كان هناك من ينتظر هذه الشركة وهو حاكم "دبى" الشيخ "راشد المكتوم" حيث تفاوض وأعطى الأرض وأخذ كل ما عليها وأصبحت "دبى" منذ هذا التاريخ منطقة حرة عالمية لها مالها وعليها ما عليها !! ولكن نحن فى أشد الإحتياج لمراجعة نظام حق الإنتفاع فالأرض فى مصر وما عليها سوف يؤول لها ولا حق لغير المصريين فى أرضهم ولنا فى تجارب الغير قدوة !![email protected]
مشاركة :