أفادت دراسة نشرت أمس أن العالم سينفق نحو 750 مليار دولار (550 مليار يورو) العام المقبل لتزويد الكرة الأرضية بالنفط والغاز. ومن المتوقع أن تتواصل زيادة الاستثمارات في مجال "الاستكشافات الإنتاجية" في العام المقبل، وفق وتيرة أقل ارتفاعا 8 في المائة باليورو مقابل 11 في المائة في العام الجاري، بحسب ما كشف عنه معهد الأبحاث حول الطاقة "آي إف بي" للطاقات الجديدة" في مؤتمر صحفي في باريس. ووفقاً لـ "الفرنسية" قالت ناتالي الازارد تو من معهد الأبحاث إننا نراوح الخطى بعض الشيء بعد أربعة أعوام من نمو قوي. وتبقى محركات النمو من دون تغيير، إذ تتضمن سعر برميل نفط مرتفع بحدود 100 دولار، وإمكانات استثمارية متعددة، ومواصلة مشاريع على عدة سنوات إضافة إلى المحروقات المستخرجة من الصخور الزيتية في الولايات المتحدة. والنمو الذي يضعف في الدول الناشئة يبطئ الضغط على الطلب، لكنه يبقى أساسيا في السوق، كما لفت أوليفييه إبيرت مدير المعهد الفرنسي للأبحاث حول الطاقة. وفي 2013، سيقترب نمو القطاع من 11 في المائة، أي بالوتيرة نفسها خلال العام الماضي، ليبلغ 694 مليار دولار من الاستثمارات، وقد تركزت نصف الاستثمارات في منطقتي آسيا - المحيط الهادي المدفوعة خصوصا بأسعار غاز أكثر ارتفاعا تجعل من الحقول أكثر مردودية، وأمريكا الشمالية، مع نحو 180 إلى 190 مليارا لكل منهما، وتليهما أمريكا الجنوبية وإفريقيا وأوروبا باستثناء روسيا. وعلى سبيل المقارنة، يلفت المعهد إلى أن الاستثمارات في الطاقات المتجددة بلغت 224 مليار دولار في 2012، أي نحو ثلاث مرات أقل من الاستثمارات النفطية. وكانت تقارير قد تحدثت عن اعتزام روسيا وأمريكا الشمالية إنفاق مليارات الدولارات على مشروعات خطوط أنابيب ومنشآت موانئ لإمداد آسيا بالطاقة بهدف الاستحواذ على نصيب أكبر في أسرع سوق للوقود نموا في العالم ومنافسة الموردين من منطقة الشرق الأوسط. وتجاوزت الصين التي أسهمت بدور كبير في دفع نمو الطلب العالمي على النفط في العقد السابق الولايات المتحدة الشهر الماضي لتصبح أكبر مستورد صاف للنفط في العالم، ودعمت الزيادة الكبيرة في استهلاك الطاقة في الصين أسعار النفط رغم ارتفاع إنتاج النفط والغاز الصخري في أمريكا الشمالية والضعف الاقتصادي في الغرب. ودفع هذا المحور للنمو بعيدا عن الغرب منتجين مثل كندا للسعي بحثا عن أسواق خارجية بجانب السوق المحلية، وفي الوقت نفسه فإن روسيا الجارة الآسيوية ومصدرين آخرين يصطفون أمام باب بكين لبيع النفط والغاز. وتشير ماريا فان دير هوفن المديرة التنفيذية لوكالة الطاقة الدولية إلى أن تحول مركز الثقل إلى الشرق أصبح حقيقة.إنها "الصين" تريد الحصول على النفط من أي مكان سواء من خلال السفن أو حتى روسيا عبر خطوط الأنابيب. وأوضح بنك التنمية الآسيوي أن صافي واردات منطقة آسيا والمحيط الهادي من النفط سيرتفع إلى ما يزيد عن 25 مليون برميل يوميا في عام 2035 مقتربا من مستوى الإنتاج الحالي في الشرق الأوسط؛ وهو ما يشير إلى تنامي الطلب الآسيوي. وقالت وكالة الطاقة الدولية إنه بينما تنمو السوق الآسيوية فإن الولايات المتحدة التي ظلت لعقود أكبر سوق في العالم للنفط والغاز قد تقلص وارداتها النفطية بمقدار النصف بنهاية 2020 عن مستواها قبل عامين نظرا لازدهار إنتاج النفط والغاز الصخري وتحسن كفاءة استخدام الطاقة. ويعمل منتجو الغاز في أمريكا الشمالية مع مشترين آسيويين على تنفيذ مشروعات بمليارات الدولارات لتسييل إمدادات وفيرة من الغاز في المنطقة وشحنها إلى الشرق. وأزاحت أمريكا الشمالية بالفعل أستراليا لتحتل مركز الصدارة أمام الاستثمارات الآسيوية الجديدة في مشروعات الغاز بينما يتم التخطيط لمشروعات خطوط أنابيب عديدة في كندا لنقل الخام إلى آسيا. وتخطط روسيا أكبر منتج للغاز في العالم أيضا لفتح المجال أمام تصدير الغاز الطبيعي المسال العام القادم لتلبية الطلب المتنامي في أسواق آسيا والمحيط الهادي، وذلك بعرض قانون على البرلمان في هذا الشأن قريبا. ويأتي ذلك بعدما أبرمت روسنفت أكبر منتج للنفط الخام في روسيا واحدة من أضخم الصفقات في تاريخ صناعة النفط العالمية في حزيران (يونيو) حينما وقعت عقدا بقيمة 270 مليار دولار مع الصين لإمدادها بنحو 365 مليون طن من النفط الخام أو 300 ألف برميل يوميا لمدة 25 عاما، بالإضافة إلى 300 ألف برميل يوميا من النفط تقوم روسنفت بتوريدها للصين.
مشاركة :