يرجع تاريخ جل الوثائق التي تم تسليمها مؤخرا إلى الفترة الممتدة بين 2100 و1800 قبل الميلاد، وتعود إلى سلالة أور الثالثة أو الحضارة البابلية. وظهرت عليها الكتابة المسمارية، التي دوّن السومريون عليها سجلاتهم الرسمية وتاريخ حكامهم وآدابهم ونصوصهم الدينية، والتي تعتبر من أقدم أشكال الكتابة. وحاول المهربون، في العام 2011، إدخال الآثار إلى بريطانيا من الإمارات العربية المتحدة مدعين أنها نسخ طينية مصنوعة يدويا، لا تتجاوز قيمتها بضع مئات الجنيهات. ثم حجزت هذه القطع رسميا من وكيل شحن بالقرب من مطار هيثرو عام 2013 أين سلّمت إلى المتحف البريطاني الذي تتمثل مهمته في تحديد ما إذا كانت القطع التي يتم إدخالها إلى بريطانيا ذات أهمية ثقافية وإذا كانت منهوبة من مواقع أثرية. ويعتقد أن السكان المحليين هم الذين نهبوا هذه الآثار عام 2003، خلال الأشهر التي تلت غزو بلادهم الذي قادته الولايات المتحدة. ونجح المهربون في نقل هذه القطع خارج العراق في اتجاه الإمارات العربية المتحدة. وقال خبراء إن اللصوص تمكنوا من استخراج هذا الكنز الأثري عندما حفروا في موقع مدينة قديمة موجودة في جنوب العراق. وأصبحت المدينة معروفة بين المؤرخين باسم أيريساغريغ السومرية، وذلك بعد أن عرفوها من النقوش المحفورة على الآثار المنهوبة. وتصور ناهبوا الآثار أنهم سيجنون عشرات الآلاف من الجنيهات في السوق السوداء، ونجحوا في سرقة أكثر من 15 ألف قطعة أثرية من المتحف الوطني العراقي في بغداد إثر الغزو الذي قادته الولايات المتحدة. لكن، تمكنت السلطات المختصة من إعادة حوالي 8 آلاف قطعة منها. وبجانب هذه المسروقات، تمكن الناهبون من استخراج الآلاف من القطع من المواقع الأثرية المنتشرة في جميع أنحاء البلاد ذات التاريخ الثري. وعندما استحوذت الدولة الإسلامية على ثلث العراق سنة 2014، دمّرت عددا كبيرا من القطع الأثرية وهرّبت أخرى، ومن المرجح أنها جنت 80 مليون جنيه إسترليني سنويا من تجارة الآثار. وشملت بعض الألواح التي سلمتها بريطانيا للعراق نصوصا مدرسية للأطفال، في حين تضمنت بعضها حسابات رياضية يعتقد أنها مرتبطة بالزراعة. كما وثّقت بعض الكتابات حركة البضائع. وعبّر السفير العراقي لدى المملكة المتحدة صالح التميمي، عن امتنانه لتعاون مصلحة الضرائب والجمارك البريطانية والمتحف البريطاني ووزارة الخارجية من أجل إعادة كنوز العراق المنهوبة التي تعتبر أولوية الحكومة والشعب العراقي. وأكّد مدير قسم الشرق الأوسط في المتحف البريطاني، سانت جون سيمبسون، أن الكشف عن تاريخ هذه القطع حدد أنها تؤرخ “156 لحظة من تاريخ العراق” وصرح بأن هذه العملية تعتبر الأكبر من نوعها. كما قال هارتفيج فيشر وهو مدير المتحف البريطاني، إن “المتحف ملتزم بمكافحة الاتجار غير القانوني والإضرار بالتراث الثقافي”. وقال متحدث باسم مصلحة الضرائب والجمارك البريطانية إنه لا يستطيع التعليق على هوية الطرف الذي قد يكون وراء محاولة التهريب في وقت ما زال فيه التحقيق جاريا. ومنذ العام 2009، ساعد المتحف البريطاني في إعادة 2345 قطعة أثرية إلى أفغانستان والعراق وأوزباكستان، بعد أن وصلت تراب المملكة المتحدة نتيجة التهريب والتجارة غير القانونية.
مشاركة :