فيما كان المعلمون والمعلمات، ومعهم الطلاب والطالبات، يتمتعون بالإجازة الصيفية، كان مسؤولو وزارة التعليم يسابقون الزمن للاستعداد المبكر للموسم الدراسي الجديد، ووضعوا لذلك حزمة من البرامج والخطط، وعكفوا على مراقبة نتائجها. واليوم يجنون ثمار تلك الجهود التي بدت في ظهور مؤشرات إيجابية للإقبال على موسم دراسي نموذجي، سينطلق غدًا الأحد في جميع مناطق السعودية. جهود الوزارة في الفترة الماضية كانت نوعية وشاملة، تشير في مجملها إلى أن الموسم الدراسي الجديد سيكون مختلفًا عن بقية المواسم الأخرى، خاصة أن حزمة الجهود تضمنت برامج ومشاريع عملاقة، سوف تعيد صياغة المشهد التعليمي في السعودية. هذه المشاريع ليس "أولها" تغيير المناهج، وتنقيتها من الموضوعات التي لا فائدة منها، وليس "آخرها" إلغاء التقويم المستمر في المرحلة الابتدائية، واعتماد مدارس الطفولة المبكرة. الطفولة المبكرة من أبرز جهود وزارة التعليم استعدادًا للموسم الدراسي اعتماد مدارس الطفولة المبكرة، وبدء التسجيل فيها للمستجدين في رياض الأطفال، والطلاب والطالبات المنقولين في الصفوف الأولية، وذلك في 1460 مدرسة عبر نظام نور. ووضعت الوزارة خطة متكاملة للطفولة المبكرة، تنسجم مع قرار مجلس الوزراء والأوامر السامية ورؤية السعودية 2030 الهادفة إلى تحسين جودة التعليم، وحصول كل طفل على فرص التعليم الجيد، وفق خيارات متنوعة. وأسندت الوزارة تدريس الصفوف الأولية بنين لمعلمات متخصصات، من خلال إعادة تأهيل المدارس الحكومية القائمة وتطويرها، مع مراعاة تجهيز فصول ودورات مياه مستقلة للبنين، وأخرى مستقلة للبنات. وتشكل مدارس الطفولة المبكرة رياض الأطفال المستويَيْن الثاني والثالث، والصفوف الأولية (الأول والثاني والثالث) بنين وبنات في المرحلة الابتدائية من سن 4 سنوات حتى 9 سنوات. وسيكون التركيز الأكبر على مراحل التعليم المبكر من خلال توفير تعليم، يسهم في دفع عجلة الاقتصاد، وتطوير المواهب، وبناء الشخصية، وتعزيز دور المعلم، ورفع تأهيله، وإعداد مناهج تعليمية متطورة، تركز على المهارات الأساسية، وذلك كخطوة أولى لمرحلة الإسناد. وبذلت وزارة التعليم جهودًا كبيرة لإنجاز المبادرة في وقت قصير، لا يتجاوز خمسة أشهر، وواصلت العمل ليل نهار خلال فصل الصيف لتأهيل 3313 فصلاً دراسيًّا في رياض الأطفال، لاستيعاب 82825 طالبًا وطالبة، وتجهيز 3483 فصلاً دراسيًّا للصفوف الأولية في مدارس الطفولة المبكرة لاستيعاب 80675 طالبًا وطالبة مع بداية العام. تغيير المناهج وخلال الفترة الماضية، نجحت الوزارة في تغيير بعض مناهج التعليم. وركزت المناهج الجديدة على حضارة المملكة، وتاريخها العريق، وذلك على حساب الموضوعات والصفحات القديمة، التي أثبتت السنوات الماضية، أنه ليس لها فائدة من تدريسها. وبذلك انتصرت الوزارة للحضارة السعودية، وطمست تهمة الأتراك للمملكة، التي تكررها ألسنة "الطرابيش الحمراء" بمقولة "ليس لكم حضارة"، وتناولت المناهج الجديدة تاريخ المملكة ونشأتها وبطولات رجالها في الانتصار على الدولة العثمانية وطردها من الجزيرة العربية، وقيام دولة وسطية عادلة، تبسط يد الخير لكل أقطار العالم. ويحسب لوزير التعليم الدكتور حمد بن محمد آل الشيخ المساهمة والتوجيه في إصدار مناهج تعليم جديدة تضم حقائق ومعلومات حول أبرز الوقائع والخطط والمعارك والمواجهات، التي أقامها حكام الدولة السعودية الأولى والثانية، وكذلك همّة مؤسس الدولة السعودية الثالثة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود في مواجهة المعتدين. وفي المقابل؛ فضحت المناهج الجديدة بعض البطولات العثمانية المزيفة الغارقة في الظلم والمبالغة، وطمست هويتها المزعومة، وكشفت فضيحة "سفر برلك" بحق الإنسانية، وأيضاً جيوش "مصطفى بك" الغازية". ولم تتوقف المناهج الجديدة عند كشف الحقائق، وإبراز الحضارة السعودية والوقوف بوجه الغزاة فحسب؛ بل واكبت ذلك بتقديم الدرس بأسلوب شيق ومبسط للطالب والطالبة عبر رسوم الكاريكاتير الجاد، ودعم ذلك بمواكبة المنتجات التقنية التي تدعم إمكانية فهم الشرح. التدريب الصيفي لم تقتصر جهود وزارة التعليم على تغيير المناهج، ومشروع مدارس الطفولة المبكرة، إذ كان للمعلمين والمعلمات نصيب وافر، من خلال قيام وزير التعليم بتدشين البرنامج التدريبي الصيفي لهم بجامعة الملك سعود، في مبنى السنة التحضيرية. وتجاوز عدد المسجلين في الدورات التدريبية 147754 معلماً ومعلمة، في أكثر من 6413 برنامجاً تدريبياً، تم تنفيذها في 47 إدارة تعليمية، من خلال مراكز التطوير المهني المنتشرة حول المملكة، وبالشراكة مع عدد من الجامعات والمعاهد والكليات. واستقبلت لجان التدريب الصيفي المعلمين والمعلمات في 22 كلية من كليات التربية بالمملكة في جامعة أم القرى، وجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وجامعة الملك سعود، وجامعة الملك عبدالعزيز، وجامعة الملك فيصل، وجامعة الملك خالد، وجامعة القصيم وطيبة والطائف والجوف والباحة وتبوك ونجران والحدود الشمالية، إضافة إلى جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن، وجامعة الأمير سطام بن عبدالعزيز، وجامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل، وجامعة المجمعة، وحفر الباطن وبيشة، وجدة، والجامعة الإسلامية. جولة الوزير وشهدت العطلة الصيفية جهوداً ميدانية نفذها وزير التعليم الدكتور حمد آل الشيخ بنفسه، عندما قام بجولة مكوكية، على مناطق المملكة، متفقداً مدارسها وإدارات التعليم فيها، للوقوف على سير الاستعدادات لبدء الموسم الدراسي المقبل. ورأس الوزير في جولته، وفداً وزارياً رفيع المستوى، يضم عدداً من مسؤولي الوزارة. وجرى خلال الجولة، الاستماع إلى مسؤولي التعليم في تلك المناطق، عن أبرز العقبات التي قد تعكر بدء موسم تعليمي "نموذجي"، يتوافق مع متطلبات رؤية 2030. زار الوزير مناطق المملكة، تسبقه ابتسامة عريضة ملأت وجهه البشوش، ولم ينس أن يتسلح بالبساطة والتواضع والصدر الرحب، وهو يتحدث مع أبنائه الطلبة، وإخوانه وزملائه العاملين في سلك التعليم، ووقف على المشروعات التعليمية، مستفسراً عن استعدادات كل منطقة للموسم الدراسي المقبل، مظهراً حرصه الكبير، وهو يوجّه مساعديه، بتلبية مطالب وأمنيات المستفيدين من العملية التعليمية في كل منطقة. وتعمّد "آل الشيخ"، أن يبدأ رحلته المكوكية بمحافظات الحد الجنوبي قبل غيرها، في هذا التوقيت بالذات، وكأنه أراد أن يبعث برسالة "عاجلة ومهمة"، إلى كل المشاركين في العملية التعليمية في تلك المناطق، من طلاب وطالبات، ومعلمين ومعلمات وإداريين ومشرفين، بأنهم محل اهتمام حكومة خادم الحرمين الشريفين ـ حفظه الله ـ وأن مكانهم يتمركز في بؤرة اهتمام الوزارة، في مواجهة التحديات والصعاب التي فرضتها الحرب الدائرة بالقرب من مناطقهم، كما شملت الزيارة منطقتي عسير وجازان. عودة إمتحانات "الإبتدائي" وكشف وزير التعليم الدكتور حمد بن محمد آل الشيخ عن إلغاء نظام التقويم المستمر بدءًا من الصف الرابع الابتدائي، وقال في أثناء حديثه في ملتقى قادة التعليم بمناطق المملكة السبت الماضي : "ما هو موجود الآن ليس في الأصل نظام تقويم مستمر، وسيتم العمل على اختبارات مركزية للتقويم، وستوجه مهام الإشراف إلى ما يخدم نواتج التعلم". ترحيل الكتب وضمن الجهود الوزارية، التي سعت إلى تلافي سلبيات الماضي، حرصت وزارة التعليم على ترحيل جميع الكتب الدراسية لإداراتها في مناطق ومحافظات المملكة في وقت مبكر؛ لضمان بداية عام دراسي جاد ومكتمل التجهيزات. وقالت الوزارة إنه تم ترحيل ما يزيد على 82 مليون نسخة لجميع مراحل التعليم، قطعت خلالها الشاحنات الناقلة ما يقارب مليونًا وثلاثمائة ألف كيلومتر، بواقع 1700 رحلة برية، وفق خطة سير عمل واضحة، وفرق ميدانية تعمل لمتابعة وصولها، وإعداد تقارير ميدانية من واقع ما تم تسليمه لمستودعات إدارات التعليم. وأتبع ذلك، إعلان إدارات التعليم خلال الأسبوع الماضي، استلامها الكتب الدراسية، بنسب مكتملة، وتوزيعها على المدارس قبل وصول الطلاب والطالبات إلى مقاعد الدراسة. وبلغ عدد كتب الفصل الدراسي الأول التي تمت مراجعتها 922 كتابًا لجميع مراحل التعليم العام والموازي، وفق إجراءات تضمَّنت المراجعة العلمية والتربوية للكتب، وتعزيز الربط برؤية 2030 ومضامينها والمشروعات الكبرى التي تشهدها المملكة، والتدقيق اللغوي، ومراجعة وتعديل الصور والرسومات، والمراجعة والاعتماد من عدة لجان. يُضاف إلى ما سبق، قيام الوزارة بتنفيذ مجموعة من الإجراءات والعمليات الإضافية لكتب المرحلة الابتدائية، مشتملة على تصميم فني جديد مشوق لكتب اللغة العربية والتربية الإسلامية، والتربية الأسرية، وتعزيز دور الأسرة من خلال أنشطة خاصة مرتبطة بالمادة، وإبراز مهارات الإملاء والكتابة في كتب اللغة العربية، وربطها مع بوابة عين التعليمية. وشملت عملية تطوير الكتب أيضًا ربط التعليم بالتقنية؛ لخلق بيئة تعليمية قادرة على مواكبة التطور التقني المتسارع، وتوفير مادة علمية متميزة ومتكاملة تتماشى وتتناسب مع التوجهات المستقبلية في مجالات التعليم، إضافة إلى إيجاد كتاب تفاعلي ينقل الطالب والمعلم إلى بيئة تعليمية أكثر ثراءً وتوسعًا. المباني الصينية وتحت رعاية الأمير فيصل بن بندر بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض، وحضور وزير التعليم الدكتور حمد بن محمد آل الشيخ، دشنت وزارة التعليم، الخميس الماضي، مدارس الطفولة المبكرة، وافتتحت أول مبنى مدرسي من المشروعات الصينية المتعثرة منذ ثماني سنوات، وذلك في الحفل الذي أُقيم بتلك المناسبة في مجمع طويق التعليمي بحي الهدا في الرياض. ويتألف مشروع المدارس المتعثرة المتعاقد سابقًا مع شركة صينية لتنفيذها، من 79 مبنى مدرسيًا في 53 موقعًا، تتسع لـ 1,908 فصول دراسية، تمتد على إجمالي مساحات أراضٍ تبلغ 688,477م2.
مشاركة :