أسرى القفص الذهبي.. الرجال أم النساء

  • 9/1/2019
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

قال جمال. أ “موظف”، إن “مشروع الزواج يمثل عبئا في مثل هذه الظروف الصعبة، منذ أن يتقدم الشاب طالبا يد إحداهن وحتى آخر يوم في عمره عقب زواجه فهو يواجه تكاليف الزواج المادية، من شبكة ومهر وتجهيزات وحتى أبسط الأشياء كالحذاء أو فستان الفرح أو مقابل الكوافير للعروسة كله يتحمله رغم أنه خاص بالعروسة، وحتى عقب الزواج يصبح في مرتبة تالية بعد زوجته وأبنائه الذين يجب تلبية مطالبهم سواء من ملبس أو مصاريف وغيرها، وتصيبه الحسرة على أيام عزوبيته حينما كان ملكا”. وتابع قائلا “دعوني أتحدث إليكم بصراحة عن نفسي فقد تراكمت علي بعض الديون التي إن حاولت أن أقوم بسدادها اتجه لغيرها بسبب مصروفات زوجتي وأبنائي، وحتى في الإحساس بوجود الزوج بين أبنائه أراه يتبدد في الوقت الحالي، فلم يعد لديه الوقت للجلوس بينهم والاستمتاع معهم وبهم بسبب عمله في أكثر من مهنة تستغرق وقته كله فيتحول إلى مجرد أداة لجمع المال كي يتمكن من الإنفاق على أسرته”. الصرخة الثانية يطلقها زوج شاب – رفض ذكر اسمه – فيقول: أرى أن أي رجل يظلمه الزواج، لأنه يسلبه حريته فأحياناً أجلس إلى نفسي وأقارن بين حالي الآن وقبل ذلك بشهور قليلة حينما كنت أعزب، ويصيبني الحنين للسهر مع الأصدقاء دون رقيب أو مسؤولية تجاه زوجة أو أبناء، وبصراحة أكبر فرغم أنني تزوجت منذ ثمانية أشهر فقط، لكنني كثيراً ما أفكر في الطلاق باعتباره بديلا أفضل من عذاب ما بعد الزواج. الكثير من الأزواج والزوجات لا يتحملون عبء الزواج في بداية عامهم الأول وتحدث حالات طلاق كثيرة وأضاف “خير دليل على صحة كل ما أقول هو أن الكثير من الأزواج والزوجات لا يتحملون عبء الزواج في بداية عامهم الأول وتحدث حالات طلاق كثيرة. لكن ما يحيرني كثيرا أن نسبة من هؤلاء تعود مرة أخرى وتتزوج رغم إحساسهم بالفشل الذي خاضوا تجربته”. ومن جانبه أفاد محمد منصور “موظف” أعزب، “أي رجل يواجه مشكلات سواء مع زوجته أو أبنائه أو المحيطين بسبب زواجه فإن الخلل في طرف من هؤلاء على الأقل؛ وهذه النظرة التي ترى أن الزواج مشروع فاشل وخاسر للرجل هي دعوة غريبة يحاولون تصديرها إلينا حتى تشيع القيم الفاسدة بيننا”. وتتفق معه هالة أنور “زوجة شابة” بقولها، “لماذا ننظر دائماً للجانب السلبي في الزواج ولا ننظر لإيجابياته؟ فهو يلبي تكوينا غريزيا داخل كل منا، كما أنه يقينا من الوحدة القاتلة في نهاية العمر عندما تنهار قوانا، وينصرف عنا أقرب الأحبة والمقربين وهو يمنح الإنسان إحدى زينتي الحياة الدنيا وهم الأبناء الذين يعتبرون امتداداً للإنسان، وهم دائما يرتبطون في أسمائهم بآبائهم وليس بأمهاتهم”. وتستفسر قائلة “دعوني أسألكم من الذي بيده حق الطلاق؟ فإذا كان كل الرجال يعيشون في ظلم وجحيم لا يطاق مع زوجاتهم فلماذا لا يحدث الانفصال بين كل هؤلاء؟ وإذا افترضنا أنه خسارة للرجل فهو أيضا يمثل عبئا وخسارة للمرأة التي تصبح تحت هيمنة وسلطة وسطوة رجل آخر رقيب عليها في كل شيء ولا يتعامل معها أحيانا بالرحمة ولكن بمنتهى الشدة والقسوة”. وترفض الدكتورة فاتن شرف أستاذة علم النفس هذه النظرة المتشائمة بقولها، “للأسف تسود هذه النظرة بين الرجال سواء كانوا متزوجين أو غير متزوجين بسبب تراكم الخبرات النفسية المؤلمة أمامهم من تجارب زواجهم أو زواج الآخرين، والتي تظل ماثلة في أذهانهم ووجدانهم وتصبح عوامل رفض داخلية ترتبط بهذا المنبه الاجتماعي وهو الزواج الذي سيظل دائمًا حاجة إنسانية أساسية ملحة لا يمكن للرجل أو المرأة التنازل عنها، وتظل تراودهما وتضغط عليهما حتى يحدث إشباع نفسي ومادي لهما من خلال حدوث ارتباط يأخذ شكلا اجتماعيا ونفسيا ودينيا وقانونيا مقبولا أو بمعنى آخر حدوث الاستجابة النفسية”. وأضافت “ورغم كل ما يتردد حاليا عن الزواج وكونه ظلم للرجال فأرى أن وسائل الإعلام تساهم بدور كبير لتكريس هذه الصورة في أذهان شبابنا وفتياتنا، لأنها تقدم لهم البديل المريح من الناحية النفسية الذي يصطدم دائما بالثوابت الدينية والاجتماعية التي تعلي من شأن الزواج”. وفي السياق ذاته أكد أحمد جاد أستاذ علم الاجتماع أن “العلاقات الاجتماعية تتسم بالتعقيد أحيانا والبساطة في أحيان أخرى، وكنموذج لهذه العلاقات فإن الحياة الزوجية والأسرية تظل حاجة اجتماعية مرتبطة بالتكوين الداخلي للإنسان ووجوده مع غيره من بني البشر والكائنات الأخرى”. وتابع موضحا “لأن الإنسان بطبيعته كائن اجتماعي أسري، وترتبط أفكاره وتصوراته عن العالم المحيط به ونظام الزواج من خلال اعتباره عضوا في الكثير من المؤسسات التي تمارس دورا مهما في تنشئته اجتماعيا ونفسيا ومن بينها وسائل الإعلام التي بدأت تغرس في نفوس شبابنا دعوة غير سوية تحبذ العزوبية وترفض الحياة الزوجية التي تصورها على أنها خسارة وظلم لكل أطرافه خاصة الرجل أو الزوج الذي تظهره في صورة نمطية سلبية يتحمل المعاناة وحده”. واستدرك قائلا “للأسف يحدث ذلك في ظل تقليد بعض المجتمعات الأخرى التي تحبذ علاقات غير سوية بين أفراد المجتمع حيث الفردية واستنكار فكرة الزواج، ولذلك على باقي مؤسسات المجتمع أن تمارس دورها في التصدي لهذا التقليد وهذه الدعاوي الباطلة.

مشاركة :