أصبحت أجهزة تتبع اللياقة البدنية والصحة أكثر شيوعًا في ظل انتشار مجموعة كبيرة من التقنيات والتطبيقات القابلة للارتداء، في الواقع، فالعديد من الهواتف الذكية والساعات الذكية أصبحت جاهزة ومستعدة الآن لتتبع نشاطنا ونومنا ونظامنا الغذائي. وأبرزت أبحاث حديثة كيف يمكن لسلوكيات المراقبة أن تساعد على إحداث تغييرات إيجابية في أنماط حياتنا. ويمكن أيضا أن تكون وسيلة فعالة للمساعدة في زيادة النشاط البدني، وتحقيق فقدان الوزن، غير أن مراقبة النشاط البدني والغذائي قد لا تكون مفيدة للجميع. وغالباً ما تكون للأشخاص الذين يعانون من اضطرابات الأكل علاقات غير صحية مع الطعام والتمارين الرياضية. وتعتبر السلوكيات المبالغ فيها مثل عد السعرات الحرارية وممارسة التمرينات الرياضية الشاقة ومحاولة الوصول إلى المثالية، من الأمور الشائعة بين أولئك الذين يعانون من مشاكل تغذية. وبدأت مجموعة صغيرة من الأبحاث في استكشاف كيفية ربط متتبعات اللياقة البدنية وتطبيقات عد السعرات الحرارية بأنظمة التغذية والتمرينات المختلة. وتم تحديد مستويات أعلى من مشاكل التغذية بين أولئك الذين يستخدمون أجهزة تتبع اللياقة البدنية، مقارنةً بأولئك الذين لا يستخدمونها. ويستخدم العديد ممن يعانون من اضطرابات التغذية أدوات وتطبيقات عد السعرات الحرارية مثل تطبيق “ماي فيتنس بال”. وقد تم اكتشاف أن هذه الأدوات تساعد على ظهور أعراض اضطرابات التغذية لدى هؤلاء الأشخاص. يقول منشئو التطبيقات “إنهم يروجون لأنماط الحياة الصحية، ويضمنون من خلال هذه التطبيقات إبعاد الراغبين في متابعة العادات الضارة”. فعلى سبيل المثال، يتضمن تطبيق “ماي فيتنس بال” موارد وتقارير عن اضطرابات التغذية على موقعه في الويب وقد نشر في السابق منشورات مدونة تدّعي أن التطبيق يمكنه أن يساعد الناس على التعافي من اضطرابات التغذية. ولكن يبدو أن الأبحاث خارج هذا الموقع تشير إلى خلاف ذلك. مراقبة النشاط وتناول الطعام يمكن أن تؤدي -عن غير قصد- إلى حدوث اضطراب غذائي ورياضي بين الأشخاص الأكثر عرضة لذلك في دراسة حديثة، تم تتبع الصحة العقلية والصحة العامة لمستخدمي أدوات مراقبة اللياقة البدنية وتناول الطعام، وذلك محاولة للتعرف على الأسباب التي تجعل الناس يستخدمون هذه الأجهزة. وفي عينة الشباب، أبلغ 65 بالمئة منهم عن استخدام جهاز تتبع اللياقة البدنية أو الطعام، وكشف أولئك الذين يستخدمون الأجهزة وجود مستويات أعلى من أنظمة التغذية المختلة وممارسة التمارين الشاقة مقارنة بغير المستخدمين. وأولئك الذين راقبوا أنشطتهم أو تناولوا الطعام بشكل أساسي للتحكم في وزنهم أو شكلهم (على عكس الأسباب المتعلقة بالصحة أو اللياقة البدنية) مستخدمين هذه الأجهزة أظهروا في الكثير من الأحيان أعلى المستويات المختلة للتغذية والتمرينات. وتتسبب عدة عوامل متفاعلة ومختلفة في حدوث اضطرابات التغذية التي تظهر معقدة بشكل كبير. وتجدر الإشارة إلى أن تتبع سلوكيات التغذية وممارسة التمرينات يمكن أن يتسبب في حدوث اضطراب غذائي. لكن مراقبة النشاط وتناول الطعام يمكن أن تؤدي -عن غير قصد- إلى حدوث اضطراب غذائي ورياضي بين الأشخاص الأكثر عرضة لذلك. كما أن الضغط الذي تمارسه تلك الأجهزة لتبقيك نشطاً باستمرار، ولتحقيق الأهداف المتزايدة، يمكن أن يؤدي إلى تفاقم الرغبة في الانتقاد الذاتي والقسوة على النفس. ومع مرور الوقت، تتغير مشاعر العديد من الأشخاص تجاه أجهزة التتبع واستخدامها، حيث تشير الأدلة الحديثة، على سبيل المثال، إلى أن 10 بالمئة فقط من الأشخاص سيواصلون استخدام جهاز تتبع اللياقة البدنية الخاص بهم لأكثر من عام. وعلى الرغم من أن الأسباب الكامنة وراء هذا التراجع غير واضحة، إلا أن هذه الأجهزة من الممكن أن تحفز الشعور بالذنب أو الخجل عندما يفشل الشخص في بلوغ الأهداف أو إحراز تقدم. ويمكن أن يكون تحول الموقف من الشعور “بالرغبة” في التمرين إلى “الاضطرار” إلى التمرين علامة على أن العلاقة مع هذه الأجهزة قد توترت، وربما تشير إلى زيادة التعرض للاضطراب الغذائي. وبات من الواضح أن هناك حاجة إلى إنتاج المزيد من الأبحاث لتحديد ما إذا كانت أجهزة التتبع مفيدة أو ضارة لبعض الأفراد بشكل واضح. وقد يكون من الأفضل للشركات التي تسعى لتطوير مثل هذه التقنيات أن تعمل جنبًا إلى جنب مع المتخصصين في اضطرابات التغذية لتطوير وتقديم الدعم المناسب من خلال الأجهزة التي ينتجونها. وفي غضون ذلك، يرى خبراء أنه من المهم التفكير في عدد المرات التي نستخدم فيها أدوات التتبع، وأسباب ذلك. ويجب أن تكون قادرًا على الاستمتاع بالسير أو الجري أو السباحة أو ركوب الدراجة دون أن تقلق بشأن السرعة أو المسافة أو السعرات الحرارية المحروقة. ويشير مختصون في اللياقة إلى أنك في المرة القادمة التي ستقوم فيها بممارسة التمرينات، بدلاً من القلق بشأن عدد الأميال التي اجتزتها، حاول فقط أن تستمتع بنشاطك الذي تمارسه وبالأجواء المحيطة، ولاسيما أن الأبحاث أظهرت أن التواجد دائماً في الهواء الطلق يكون له تأثير إيجابي على صحتك على المدى الطويل.
مشاركة :