أحكمت مدينة مصراتة الواقعة تحت سيطرة تيار الإسلام السياسي قبضتها على حركة الطيران غرب ليبيا، بعد أن أُعلن الإثنين رسميا عن تعليق الملاحة الجوية بمطار معيتيقة، آخر منفذ جوي للعاصمة، إثر تدمير مطار طرابلس الدولي في 2014 على يد ميليشيات يتزعمها المطلوب دوليا آمر ما يسمى بـ”لواء الصمود” صلاح بادي الذي يشارك الآن في معارك التصدي لدخول الجيش إلى العاصمة. وينظر الجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر بعين الريبة إلى هذه الخطوة التي يقول إن ميليشيات مصراتة المتطرفة ستعمل على استغلالها من أجل منح مطار مصراتة صبغة مدنية أكبر بهدف تعطيل استهداف الأنشطة التركية. ويأتي تعطيل مطار معيتيقة في وقت تزايدت فيه التحذيرات من وصول مقاتلين من إدلب السورية إلى ليبيا عبر تركيا، إضافة إلى توقّع وصول شحنات أسلحة جديدة بعد الزيارة التي قام بها وزير الداخلية في حكومة الوفاق فتحي باشاغا إلى أنقرة الأسبوع الماضي. وتقود ميليشيات مصراتة حرب التصدي لسيطرة الجيش على العاصمة وتتحدث تقارير عن ضعف مشاركة ميليشيات طرابلس في هذه المعركة. وتستمد مدينة مصراتة أهميتها السياسية غرب ليبيا من قوتها العسكرية حيث كانت ميليشياتها في مقدمة الناهبين لمخازن الأسلحة أثناء معركة الإطاحة بالعقيد الراحل معمر القذافي، إضافة إلى نفوذها الاقتصادي والديموغرافي. واتهم اللواء مبروك الغزوي آمر مجموعة عمليات المنطقة الغربية “ميليشيات مصراتة والمتحالفين معها باستهداف مطار معيتيقة بهدف نقل الحركة الجوية لمطار مدينتهم، وذلك لعدة أسباب منها رغبتهم في السيطرة على حركة المسافرين ومنح مطار مصراتة صبغة أكثر مدنية بهدف التغطية على الأنشطة التركية المعادية”. اتهام حكومة الوفاق للجيش باستهداف مطار معيتيقة يهدف لإثارة الرأي العام ضده وأيضا للتغطية على خلافات ميليشياتها وينقسم مطار مصراتة كما مطار معيتيقة في طرابلس، إلى شقين؛ شق مدني وشق آخر عسكري تعرض في أغسطس الماضي إلى سلسلة ضربات جوية نفذها سلاح الجو التابع للقيادة العامة للجيش استهدفت تدمير قاعدة عسكرية تركية كانت قيد الإنشاء. وفي حين ينفي الجيش استهدافه للشق المدني من مطار معيتيقة لا تتوانى حكومة الوفاق بقيادة فايز السراج عن اتهامه بقصف المطار، كان آخر ذلك الأحد حيث أدانت حكومة طرابلس في بيان “قصف قوات حفتر لمطار معيتيقة” بالتزامن مع وصول طائرة عائدة بالحجاج من السعودية. وفي السياق نفسه طالب أعضاء مجلس النواب في طرابلس مجلس الأمن بـ”اتخاذ الإجراءات الرادعة لوقف الاعتداءات الإجرامية الممنهجة من قبل خليفة حفتر على الشعب الليبي”. وردا على تلك الدعوات أرسلت البعثة الأممية فريقا فنيا إلى مطار معيتيقة لتقييم الوضع في المطار، وأشارت إلى أن “الفريق تمكن من التثبت من أن أربعة صواريخ أصابت الأجزاء المدنية في المطار، إذ سقطت ثلاثة منها في موقف السيارات، بينما أصاب الصاروخ الآخر مدرج الطائرات”، مشيرة إلى أنها “توثق الحادث لإحالته إلى المحكمة الجنائية الدولية ومجلس الأمن”، لكنها لم تشر بأصابع الاتهام إلى أي طرف. وتطرح اتهامات حكومة الوفاق للجيش بقصف مطار معيتيقة تساؤلا بشأن الهدف الذي سيتحقق له من خلال هذا القصف الذي يذهب ضحيته في كل مرة مدنيون، في حين ينفذ طلعات جوية دقيقة تستهدف الشق العسكري في المطار ونجح في تدمير مخازن للأسلحة والطائرات دون طيار دون المساس بالجانب المدني. ويقول مراقبون إن الجيش الذي بات يسيطر على المجال الجوي بعد تدمير مخازن الطائرات التركية المسيرة، صار في غنى عن تلك الضربات المدفعية التي لا تقدم ولا تؤخر في معركته لتحرير طرابلس، بل بالعكس لن تساهم إلا في تأليب الرأي العام المحلي والدولي ضده. ويرى هؤلاء المراقبون أن حكومة الوفاق الواقعة فعليا تحت سيطرة الإسلاميين تتهم الجيش باستهداف المدنيين في مطار معيتيقة من أجل إثارة الرأي العام ضده وأيضا للتغطية على الخلافات داخل معسكرها، خاصة بين ميليشيات طرابلس وتحديدا قوة الردع بقيادة السلفي عبدالرؤوف كارة وميليشيات مصراتة وبعض الميليشيات المتطرفة المتحالفة معها. مدينة طرابلس دون منفذ جوي بعد إيقاف الرحلات من مطار معيتيقة وتتواتر الأنباء منذ بدء استهداف الشق المدني في مطار معيتيقة خلال يوليو الماضي والتي تفيد بأن بعض ميليشيات مصراتة وقادتها غير مرتاحين لسيطرة ميليشيات طرابلس على معيتيقة بصورة حصرية كما أنهم مستاءون من التهريب اليومي للأموال وأحيانا للذهب على يد بعض قادة ميليشيات طرابلس ويرون في إغلاقه تضييقاً عليهم. وسبق للغزوي أن أكد في تصريحات صحافية سابقة أن استهداف الميليشيات المتطرفة لمطار معيتيقة يأتي لسببين رئيسيين، يتمثل الأول في محاولة إطلاق سراح الإرهابيين من تنظيمي القاعدة وداعش القابعين داخل سجن في المطار وهو الأمر الذي طالب به مفتي المجموعات الإرهابية الصادق الغرياني في أكثر من مناسبة. أما عن السبب الثاني فقال الغزوي حينئذ “وفقاً لتقاريرنا الأمنية فإن بعض ميليشيات مصراتة تسعى للسيطرة على حركة الملاحة الجوية بالمنطقة الغربية من خلال حصرها في مطار مدينتهم (مدينة مقاتلي ميليشيات مصراتة) وهذه الرغبة ليست وليدة اللحظة بل كانت منذ سنة 2014 عندما أضرموا النار في مطار طرابلس الدولي عمداً رغم سيطرتهم عليه سليماً في ذلك الوقت”. وأضاف “إذا تحققت لهم هذه الرغبة اليوم فسيسيطرون على حركة سفر حكومتهم الميليشياوية ورئيسها ويكسبون ورقة ضغط عليه وعلى حركة ضيوفه الأجانب وحتى على بعثة الأمم المتحدة”. أعلنت وزارة المواصلات بحكومة الوفاق الوطني الليبية، الإثنين، تعليق حركة الملاحة الجوية بمطار معيتيقة الدولي في العاصمة طرابلس حتى “إشعار آخر”؛ لـ”ظروف أمنية”. جاء ذلك في مراسلة وجهها نصر شائب العين، رئيس مصلحة الطيران المدني التابعة للوزارة، إلى شركات الطيران العاملة بليبيا، نشرتها الصفحة الرسمية لإدارة مطار معيتيقة على فيسبوك. وفي رسالته، قال شائب العين “نظرا للظروف الأمنية بمطار معيتيقة الدولي، تقرر تعليق حركة الملاحة الجوية بالمطار اعتبارا من يوم الأحد إلى حين إشعار آخر”. وتعتبر رسالة مصلحة الطيران المدني الإعلان الرسمي لتعليق حركة الملاحة الجوية بمطار معيتيقة الدولي، فيما سبقها إعلان شركات الطيران الليبية الحكومية والخاصة، الأحد، استئناف رحلاتها من مطار مصراتة (غرب طرابلس) نتيجة إغلاق مطار معيتيقة.
مشاركة :