حدّاد فلسطيني يزين المنازل والمكاتب بتحف الخردة

  • 9/3/2019
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

من بقايا قطع الحديد الصدئة “الخردة” المزعجة، برع الحداد جهاد أحمد من قرية مسحة غرب سلفيت، في تصنيع قطع فنية بلمسات مبدعة، توفر للناظر مساحة للتأمل والاستمتاع بأشكالها المختلفة. لم يعلمه أحدٌ هذا الفن، فهو منذ بداياته الأولى عام 1999 عمل حدادا في ورشة صغيرة، ومن مخلفات ورشته، وفي أوقات فراغه يحول محل الحدادة إلى ورشة فنية لإعادة تدوير بقايا الخامات المستخدمة إلى قطع فنية فريدة بهدف حماية البيئة وخلق جمال من أشياء زائدة لا تهم أحدا. كانت بدايته إنتاج تحف على شكل قارب صنعها لأحد الأصدقاء، فشجعه على الاستمرار وصنع المزيد من التحف، ثم تعرض لإصابة عمل داخل أراضي عام 1948، فقدَ على إثرها أحد أصابع يده، وتعرض لعملية زراعة عظم في اليد الأخرى، فأصبح يجد بعض الصعوبة في العمل. كثيرة هي الأفكار التي يجسدها فتصبح القطع التي كانت قمامة تسر الناظر، يقول جهاد لوكالة الأنباء الفلسطينية “وفا” “أصمم الشكل الذي أريده في مخيلتي، ثم أبدأ بتجميع المواد الأولية الموجودة في ورشتي، من مخلفات الحديد وعلب المشروبات الغازية وهياكل السيارات والبطاريات والمعلبات وإطارات السيارات المستعملة ومسامير ومكابح السيارات وأسلاك حديد ونحاس وغيرها. ويضيف جهاد أن الخردة تمثل مصدر قلق حين ترمى في القمامة، لكنها تصبح تحفا مضيئة لا يمكن حتى استيرادها، “أتمنى أن يصل عملي إلى كل العالم، فيمكن إعادة الروح من جديد في هذه المواد بدلا من إهمالها وتلويث البيئة بها”. ويتابع “المجسمات الصغيرة تحتاج إلى ما يقارب خمس ساعات عمل، وأحيانا تستغرق يوما كاملا، ويعتمد ذلك على الدقة في التفاصيل وبحسب المزاج والحالة الصحية والمواد المتوفرة”. وحوّل جهاد جزءا من منزله إلى متحف يضم أدوات الزينة التي يصنعها، ويقول “إن الهدف من عمله تحويل الخردة إلى أدوات زينة، هو المحافظة على البيئة بالدرجة الأولى وتزيين المنزل، ويمكن استخدامها كهدايا مميزة لشخـص عزيز، وللذكرى”. وصنع جهاد ما يقارب 500 عمل فني على شكل شجرة وعروقها وزهور ومجسمات لسفينة وسيارة وعازف قيثارة ورجل يتزلج وطائرة وامرأة تجر عربة أطفال ومتسابق دراجات نارية وأدوات زينة للمنازل والمكاتب وحاملة مفاتيح. تجربة جهاد لم تلقَ الرواج المطلوب، ولا يجد سوقا جيدا لعرض وتسويق منتجاته، حتى من يعجبون بأعماله يعرضون معلوما ماديا ضئيلا من أجل شرائها، ما أدى إلى تكديس منتوجاته التي يرفض أن يبيعها بأسعار رخيصة. صحيح أن المواد المستعملة هي بمثابة خردة لا تصلح لشيء في نظر البعض، لكن مع الخيال وطول البال والمهارة، تصبح تلك القمامة ذات قيمة فنية، يقول جهاد “حتى لو كان التسويق خفيفا، يكفي أن أنظر إلى التحف، فأكون سعيدا بما صنعت، أعرض تحفي على صفحة ‘تفاصيل’ على الفيسبوك”. وفي دراسة “إعادة التدوير في فلسطين ودورها في تحقيق التنمية الاقتصادية”، يرى الباحث محمد فوزي أبوطه أن أهمية إعادة التدوير بشكل عام تكمن في التخلص من البقايا بشكل سليم وحضاري، وخلق فرص عمل جديدة والحد من التلوث والحفاظ على الموارد البيئية وتقليل تكلفة الإنتاج باستخدام مواد معاد تدويرها. وقال أبوطه “يعتبر نشاط إعادة التدوير واستثماره من الأنشطة المهمة التي اهتمت بها الكثير من الدول واستثمرت إمكانياتها الاقتصادية والعلمية في تطوير تقنياته والحلول المبتكرة في مجالات التدوير الذي أصبح أمرا واقعيا، وأصدرت التشريعات والقوانين التي تنظم هذا النشاط”. وبيّن أن إعادة استخدام المخرجات لإنتاج منتجات أخرى تدعم اقتصادها وتساهم في المحافظة على البيئة وصحة الفرد والحد من استنزاف مواردها الطبيعية، وأن جميع أنواع النفايات يمكن التخلص منها دون أضرار بيئية عن طريق معالجتها أو إعادة البعض منها إلى دورتها الطبيعية والاستفادة منها. وبحسب الدراسة التي أعدت في العام 2018، فإن القطاع المنزلي في الضفة الغربية ينتج يوميا 1.722 طن من النفايات، أي ما معدله 4.4 كيلوغرام/أسرة يوميا، كما ينتج قطاع المنشآت الاقتصادية 2.527.5 طن نفايات يوميا، وفي المقابل يرد يوميا 2.506 طن من النفايات الصلبة إلى 161 مكبا في جميع محافظات الضفة الغربية.

مشاركة :