اختيار التخصص أو مجال المهنة ينطلق من 3 مرتكزات أساسية: القدرة والفرصة والرغبة، فقدرات الطالب العلمية/التفكيرية وتعكسها نتائجه، ثم الفرص المتاحة للوظيفة، ورغباته وتعكسها مهاراته الشخصية أو هواياته، ويكون قياسها بنمط شخصيته. وأهم ما ينبغي على الآباء (والمعلمين الذين يسترشدهم الطالب في تخصصه) أن يراعوا إمكانيات الطالب، فلا نحثه على تخصصات علمية أصعب من قدراته التفكيرية المحدودة التي لم يرزقه الله أكثر منها لسبب أنه يرغب أوأننا نتمنى له المستقبل الأفضل فإن مثل هذه النصيحة ضارة جدا، ولا تعني فضيلة «التشجيع» والإيجابية» أن نطلق العنان لأنفسنا في هذا المجال فالاستشارة أمانة ينبغي أن يراعيها المربون ويمتثلوا لمتطلباتها الأخلاقية. إن إقناع الشاب أن توجهه إلى تخصص أدبي أو إداري يهواه ويتمكن منه قد يكون هو مفتاح الرزق الذي ينتظره في المستقبل، ولا عبرة بمسألة ثورة التكنولوجيا والصناعات والاحتياج المطرد للتخصصات الهندسية والتقنية ورواتبها المغرية هي والطب وتكنولوجيا المعلومات فكم من شخص حاذق متميز في تخصصه الأدبي أو الإداري تسعى إليه فرص وظيفية برواتب عالية، فإذا كان الطالب قادرا على الإنجاز المتميز في هذه المجالات وغالبا سيحقق نتائج عالية بسهولة بينما يتوقع له المشقة في التخصصات العلمية واحتمالية التعثر أو على أفضل الأحوال الاجتياز بنسبة متوسطة لا تغري جهات التوظيف فإن توجهه إلى المجالات غير العلمية التي سيتقنها سيكون أفضل لمستقبله بدون شك، وربما يكون دور من يرشده هنا هو إقناعه بجدارة هذا الاختيار واشتراطه بالتميز في التخرج، ولا شك أن التوازن مهم هنا أيضًا فالتخصصات التي عرف عنها أنها مغلقة تمامًا في مجال التوظيف فينبغي أن يتركها الطالب إلى تخصصات أدبية أو إنسانية لها فرص وظيفية ولكنها في المستوى الثاني بالنسبة لرغباته وإمكانياته. حتى عندما يعرف الطالب اتجاهه فإن كثيرًا منهم تصيبه حيرة: أي التخصصات العلمية يسلك: الطب أو الهندسة أو تقنية المعلومات! بل عندما يدخل الطب يحتار أي مجالات العلوم الطبية: الطب أو الطب المساند أو الصيدلة وما إلى ذلك وأفضل طريقة هنا هي أن يتصور الطالب الموضوع من الداخل فيسأل الذين يعملون في المهنة كما يسأل الطالب المتخصصين في الجامعة في المستوى الرابع أو الخامس، وأعجبتني مبادرة طلاب جامعة الملك فهد للبترول والمعادن باسم (حملة البترول للتخصصات) بوضع مقاطع يوتيوب يشرحون فيها للطلاب المبتدئين عن التخصص وطبيعته وهذا رابط القناة https://bit.ly/2jWjqtL كما أن هناك جهودًا أخرى من كثيرين وبعضهم يشرح طبيعة العمل في المهنة لا مجرد ما تتم دراسته في الجامعة، ولهؤلاء جميعا الشكر والتقدير. أخيرا أشير إلى أن هناك مواقع تقدم اختبارات إرشادية تساعد الطالب على معرفة أي مجالات المهنة مناسبة له وهي بنيت على أبحاث ودراسات متعلقة بالشخصية غالبا لذلك فهي تلبي المرتكز الثالث للمرتكزات الأساسية لاختيار المهنة التي ذكرتها في بداية المقال: الرغبة، وأنصح باستخدام هذه الاختبارات للميول المهنية فهي تساعد الشخص على اكتشاف ذاته وما الذي يتناسب مع طبيعته الشخصية فهي اختبارات نفسية بالدرجة الأولى وفائدتها أنها تخلصك من الأفكار المسبقة التي صنعتها عن نفسك والتي قد تكون خاطئة لذا قد يتفاجأ بعضنا بنتيجة الاختبار كمن يفكر أن يكون إعلاميا ثم تكون النتيجة أن الإعلام لم يكن في التراتيب الأولى لشخصيته وربما جاء في الأخير بينما هو يصلح للقانون مثلا، ومن جانب آخر فقد تكون أفكارنا عن ذاتنا صحيحة فتصبح نتيجة الاختبار مؤكدة ومطمئنة، وأقدم فيما يلي نبذة عن أهمها. أنشأ مركز قياس مشكورًا اختبارًا للميول المهنية من خلال الرابط التالي https://bit.ly/2k0P2yq، كما أن مبادرة منصة «اكتشاف» لمجموعة من المدربين الطموحين تتضمن محتوى بني بأسس علمية جيدة ويمكن الوصول إلى المنصة من خلال الرابط https://iktshaf.com، وستجد في قسم «اعرف نفسك» عدة اختبارات منها المقياس العربي للقدرات «أمياس» AMIAS الذي يعتمد على نظرية الذكاءات المتعددة لـ جاردنر واختبار الميول المهنية العربي ACIA والذي بني على نظرية جون هولند John Holland في تصنيفه للميول المهنية إلى ستة مجالات وهو اختبار مشهور جدًا عبر العالم في هذا المجال ويمكنك التعرف على النسخة الانجليزية لهذا الاختبار بكتابة ما يلي Holland Code (RIASEC) Test كما أن الرابط التالي لموقع «اكتشاف». https://bit.ly/2lQsrVD يتضمن أيضًا مقالة إرشادية محكمة وشاملة مفيدة، وأنصح الطالب بالاطلاع على قسمي «موسوعة التخصصات الجامعية» و «موسوعة الدبلومات» التي تضمنهما الموقع فهي شاملة ومميزة. اختبار آخر مهم جدا هو اختبار مايرز بريجز The Myers-Briggs Type Indicator® (MBTI®) الذي بني على نظرية كارل يونغ Carl Young حول تقسيم شخصية الإنسان ل 16 نمط شخصية، ونسخته العربية برمجها أون لاين متبرعا بها مجانا رجل فاضل لا أعرفه واسمه جاسم الهارون في هذا الرابط http://jass.im/test وبعد تعرف الطالب على نمط شخصيته يرجع إلى دليل يساعده على معرفة أي الوظائف مناسبة لهذه الشخصية كما أنه من خلال الوظيفة سيفهم بالتالي أي تخصص يناسبه. أرجو أن تكونوا وجدتم المقال مفيدًا لكم، ولكن الموضوع طويل وشيق ويقدم في دورات كما أسلفت كما أن له مكاتب خدمات استشارية في الخارج لذا ينبغي أن يهتم به الآباء ويعطونه حقه من العناية ويثقفوا أنفسهم لمصلحة أولادهم ومستقبلهم.
مشاركة :